عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2010, 11:32 PM   #2
ابو بسام قصار
مشرف المنتدى الإسلآمي العام
 
الصورة الرمزية ابو بسام قصار
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
العمر: 53
المشاركات: 2,888
معدل تقييم المستوى: 18
ابو بسام قصار is on a distinguished road

المستوى : 42 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 103 / 1036

النشاط 962 / 47333
المؤشر 44%

افتراضي رد: قبسات من سيرة مولانا العباس

فقال عمرو بن الحجاج : سبحان الله ! والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها . وقال قيس بن الأشعث : لا تجبهم إلى ما سألوك فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة . فقال : والله لو أعلم أن يفعلوا ما أخرتهم العشية ، ثم أمر رجلا أن يدنوا من الحسين ( عليه السلام ) بحيث يسمع الصوت فينادي : إنا قد أجلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى الأمير ، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم (6) . وروى أهل السير عن الضحاك بن قيس المشرقي ، قال : إن الحسين ( عليه السلام ) جمع تلك الليلة أهل بيته وأصحابه فخطبهم بخطبته التي قال فيها : " أما بعد : فإني لا أعلم أهل بيت الخ " . فقام العباس فقال : لم نفعل ذلك ؟ ! لنبقى بعدك ؟ ! لا أرانا الله ذلك أبدا (7) . ثم تكلم أهل بيته وأصحابه بما يشبه هذا الكلام ، وسيذكر بعد . قالوا : ولما أصبح ابن سعد جعل على ربع المدينة عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي ، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي ، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس ، وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي ، وجعل الميمنة لعمرو بن الحجاج الزبيدي ، والميسرة لشمر بن ذي الجوشن الضبابي ، والخيل لعزرة بن قيس الأحمسي ، والرجال لشبث بن ربعي ، وأعطى الراية لدريد مولاه (8) .

ولما أصبح الحسين ( عليه السلام ) جعل الميمنة لزهير ، والميسرة لحبيب ، وأعطى الراية أخاه العباس (9) . وروى أبو مخنف عن الضحاك بن قيس أن الحسين ( عليه السلام ) لما خطب خطبته على راحلته ونادى في أولها بأعلى صوته : " أيها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوني " . سمع النساء كلامه هذا فصحن وبكين وارتفعت أصواتهن ، فأرسل إليهن أخاه العباس وولده عليا وقال لهما : أسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن ، فمضيا يسكتاهن حتى إذا سكتن عاد إلى خطبته . فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه . قال : فوالله ما سمعت متكلما قط لا قبله ولا بعده أبلغ منه منطقا (10) .

وقال أبو جعفر وابن الأثير : لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالد ومولاه سعد ، ومجمع بن عبد الله ، وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس ، فلما وغلوا فيهم عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم ، وقطعوهم من أصحابهم ، فندب الحسين ( عليه السلام ) لهم أخاه العباس فحمل على القوم وحده ، فضرب فيهم بسيفه حتى فرقهم عن أصحابه وخلص إليهم فسلموا عليه فأتى بهم ، ولكنهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين ، فعاودوا القتال وهو يدفع عنهم حتى قتلوا في مكان واحد (11) .

فعاد العباس إلى أخيه وأخبره بخبرهم .

قال أهل السير : وكان العباس ربما ركز لواءه أمام الحسين وحامى عن أصحابه أو استقى ماء فكان يلقب بالسقاء . ويكنى أبا قربة بعد قتله . قالوا : ولما رأى وحدة الحسين ( عليه السلام ) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته ، قال لإخوته من أمه : تقدموا لأحتسبكم عند الله تعالى ، فإنه لا ولد لكم . فتقدموا حتى قتلوا ، فجاء إلى الحسين ( عليه السلام ) واستأذنه في المصال (12) ، فقال له : " أنت حامل لوائي " ، فقال : لقد ضاق صدري وسئمت الحياة .

فقال له الحسين : " إن عزمت فاستسق لنا ماء " ، فأخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة .

قالوا : واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين ( عليه السلام ) فرمى بها وقال :

يا نفس من بعد الحسين هوني * وبعده لا كنت أن تكوني

هذا الحسين وارد المنون * وتشربين بارد المعين

ثم عاد فأخذ عليه الطريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :

لا أرهب الموت إذا الموت زقا * حتى أوارى في المصاليت لقى

إني أنا العباس أغدو بالسقا * ولا أهاب الموت يوم الملتقى

فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه فبرأها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول :

والله إن قطعتم يميني * إني أحامي أبدا عن ديني

فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبرأها ، فضم اللواء إلى صدره كما فعل عمه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة ، فضم اللواء إلى صدره وهو يقول :

ألا ترون معشر الفجار * قد قطعوا ببغيهم يساري

فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخر صريعا إلى الأرض ، ونادى بأعلى صوته : أدركني يا أخي .

فانقض عليه أبو عبد الله كالصقر قرأه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ (13) الجبين مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة ، فوقف عليه منحنيا ، وجلس عند رأسه يبكي حتى فاضت نفسه ، ثم حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يمينا وشمالا فيفرون من بين يديه كما تفر المعزى إذا شد فيها الذئب ، وهو يقول : أين تفرون وقد قتلتم أخي ؟ ! أين تفرون وقد فتتم عضدي ؟ ! ثم عاد إلى موقفه منفردا .

وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لأعداء الحسين ( عليه السلام ) ، ولم يقتل بعده إلا الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح . وفيه يقول الكميت بن زيد الأسدي :

وأبو الفضل إن ذكرهم الحلو * شفاء النفوس في الأسقام

قتل الأدعياء إذ قتلوه * أكرم الشاربين صوب الغمام

ويقول حفيده الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس :

إني لأذكر للعباس موقفه * بكربلاء وهام القوم تختطف

يحمي الحسين ويحميه على ظمأ * ولا يولي ولا يثني فيختلف

ولا أرى مشهدا يوما كمشهده * مع الحسين عليه الفضل والشرف

أكرم به مشهدا بانت فضيلته * وما أضاع له أفعاله خلف

وأقول : أمسند ذاك اللوا صدره * وقد قطعت منه يمنى ويسرى

لثنيت جعفر في فعله * غداة استضم اللوا منه صدرا

وأبقيت ذكرك في العالمين * يتلونه في المحاريب ذكرا

وأوقفت فوقك شمس الهدى * يدير بعينيه يمنى ويسرى
ابو بسام قصار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس