التسجيل التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعه وفي كل ساعه وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .. اللهم انا نشهدكَ بأننا والينا محمدا وعلي وفاطمه والحسن والحسين والائمة المعصومين من ذرية الحسين .. وارواحنا فداء لحجتك المنتظر ..
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز المشرفة المميزه
كينج دمنهور افضل شركة مكافحة حشرات بالرياض
بقلم : علي ابوعلي
قريبا قريبا

العودة   منتديات فدك الثقافية > واحة المنتديات الأسلآمية > منتدى القرآن الكريم

منتدى القرآن الكريم كل مايخص ويهتم بدراسة القرآن الكريم وتفسيره وعلومه

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-31-2012, 01:07 PM   #21
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 21)

بسم الله الرحمن الرحيم


149 – قال المسلمون : يا رسول الله فإنْ كنّا في سفر فإلى أين نتّجه في صلاتنا ؟ فنزلت هذه الآية (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ) يا محمّد إلى مكان في سفرك (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ) وأصلها : وإنّه الحقّ من ربّك ، فألصق الألف باللام سهواً من النسّاخ

= والسبب في ذلك أنّ القدماء كانوا يكتبون الألف مائلاً من أسفله إلى جهة اليسار فيكون مثل اللام فإذا كان الحبر في القلم كثيراً التصق الألف باللام الذي بعده ، فإنْ شئت أن تنظر ذلك بعينك فاذهبْ إلى متحف بالموصل تجد فيه محراباً من آثار أحد الجوامع التي بناها العبّاسيّون في الموصل مكتوب عليه آية الكرسي وهو حجر منحوت والكتابة بارزة =

والضمير في (وإنّه) يعود للقرآن والوحي ، والمعنى : وإنّ الوحي الذي يأتيك يا محمّد هو من ربّك فلا تلتفت إلى قول المشركين حيث قالوا : إنّ الوحي الذي يأتيك هو من الشيطان (وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) وأصلها : عمّا يعملون ، يعني عمّا يعمل المشركون ، وهذا تهديد لهم بالعذاب على أقوالهم وأعماله السيّئة .

150 – لمّا نزلت الآية الآنفة الذكر قال المسلمون : يا رسول الله إنّ هذا الأمر خاصّ بك وفي سفرك ، فما حكمنا نحن في السفر ؟ فنزلت (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) أي لئلا يكون للعرب عليكم حجّة إذا تحاججتم معهم في أمر القبلة (إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ) وهم أهل مكّة الذين منعوكم عن الحجّ والدخول إليها فإنّهم لا يتحاججون بل يقاتلون فأولائك لا تفيد معهم الأدلّة والبراهين بل الحرب والقتال (فَلاَ تَخْشَوْهُمْ ) أي فلا تخافوهم في الحرب (وَاخْشَوْنِي ) فلا تخالفوا أمري (وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) بأن جعلت لكم قبلة خاصّة غير قبلة اليهود ولو بقيتم على قبلتهم لاستحقروكم وعابوكم (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) إلى عبادة ربّكم .

157 – (أُولَـئِكَ ) الصابرون (عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ) الصلاة هي الصلة بين العبد وخالقه ، ومعناه إنّ الله تعالى يصل هؤلاء الصابرين بالخير ويتعطّف عليهم بالإحسان (وَرَحْمَةٌ ) أي ونعمة ، وهي النعمة التي يعطيها الله تعالى للمؤمنين في عالم البرزخ (وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) إلى طريق الجنّة يوم القيامة .

158 – كان في الصفا صنم يقال له إساف وعلى المروة صنم يقال له نائلة , وكان المشركون إذا طافوا بِهما مسحوهما ، فتحرّج المسلمون عن الطواف بينهما لأجل الصنمين ، فجاء رجل من المسلمين إلى النبيّ وقال : يا رسول الله إنّ الطواف بين الصفا والمروة كان على عهد الجاهلية وإنّي لأرى في ذلك حرجاً فهلاّ نغيّر هذه العادة فنعطي بدلها دراهم للفقراء والأيتام ، فنزلت هذه الآية (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ ) والتقدير : إنّ الطواف بين الصفا والمروة من شعائر الله ، أي من علائم متعبّداته ، جمع شعيرة وهي العلامة . والصفا والمروة موقعان معروفان بمكّة ، فالصفا اسم لكلّ فسحة من الأرض يجتمع فيها الناس للبيع والشراء ولا يزال هذا الاسم مستعملاً في لواء المنتفج "الناصرية" [محافظة ذي قار حالياً] بالعراق ، والمروة اسم لكلّ أرض ذات حصى ، (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ ) يعني فمن قصده بالأفعال المشروعة (أَوِ اعْتَمَرَ ) يعني أو زار البيت ، لأنّ لفظة "عمرة" معناها الزيارة ، فالحجّ زيارة البيت في وقت مخصوص والعمرة في أيّ وقت كان ، والحجّ للبعيد عن مكّة ، والعمرة لمن كان قريباً منها (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ ) أي فلا حرج على من حجّ البيت أو اعتمر (أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) يعني يطوف ما بين الصفا والمروة ، ويكون ذلك سبع مرّات ذهاباً وإياباً (وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا ) أي ومن تبرّع خيراً من الخيرات ، والخير الذي يتبرّع به الحاج يكون للفقراء والأيتام فيعطي سبع دراهم لفقير وسبعاً ليتيم (فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ ) لتطوّعه فيجازيه على ذلك أضعافاً (عَلِيمٌ ) بمن يتطوّع بالخيرات ومن يمتنع عنها .

159 – ثمّ حثّ الله سبحانه على إظهار الحقّ وتبيانه ونهى عن إخفائه وكتمانه فقال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ) أي يخفون (مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ) أي من الأدلّة على توحيد الله (وَالْهُدَى ) إلى طريق الحقّ (مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ) يعني في الكتب السماوية كالتوراة والزبور والإنجيل والقرآن ، ويريد بذلك علماء الضلال من اليهود والنصارى وغيرهم الذين يعرفون الحقّ ويكتمونه عن الناس لأجل غاياتهم ولأجل المال (أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ ) أي يمقتهم ويغضب عليهم (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) أي ويلعنهم مقلّدوهم من الناس وذلك يوم القيامة حين يشاهدون العذاب .

فإنّ أكثر العلماء رأوا قومهم ضالّين عن الطريق يشركون بالله فسكتوا على ذلك ولم يرشدوهم إلى طريق الحقّ وذلك لأجل المال وخيفةً من أن يمقتهم قومهم فهؤلاء الذين لعنهم الله ويلعنهم قومهم يوم القيامة لَمّا يرون العذاب .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-2013, 02:26 PM   #22
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 22)

بسم الله الرحمن الرحيم
168 – كان بعض العرب تحرّم على أنفسها من الأنعام وذلك ما يسمّونَها بالبحيرة والسائبة والوصيلة ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك فقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ ) من الأنعام (حَلاَلاً ) أي أحللناه لكم ولم نحرّمه ، ومع كونه حلالاً فهو (طَيِّباً ) أيضاً أي يستطاب في المأكل فلماذا تحرّمونه ؟ (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) بتحريم الأنعام ، أي لا تتّبعوا ما زيّنه لكم الشيطان وخطّه ، وهذا مثل يقال في الاتّباع والتقليد ، والخطوة في الأصل ما بين قدمي الماشي ، يقال فلان يتّبع خطوات فلان أي يقتدي به (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) أي ظاهر العداوة .

171 – (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) في عنادهم وامتناعهم عن الإيمان (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ ) أي بالذي لا يسمع ، يقال نعق الراعي بالغنم ، إذا صاح بها زجراً ، ومن ذلك قول الأخطل :

فَانعَقْ بضأنِكَ يا جريرُ فإنّما لَعَنتكَ نفسُكَ في الخلاءِ ضَلالا

والذي نعق بما لا يسمع هو إبراهيم الخليل عليه السلام 1 ، وذلك لَمّا قدّم الطعام إلى الأصنام فقال [ كما في سورة الصافات]: {أَلَا تَأْكُلُونَ . مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ . فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} ، والمعنى يقول الله تعالى : مثلك يا محمّد مع هؤلاء الكافرين وكلامك معهم كمثل إبراهيم ونعقه بالأصنام التي لا تسمع ولا تفهم ، فكذلك الكافرون لا يسمعون ما تقول لهم عناداً منهم وتكبّراً (إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء ) يعني لم يكن كلامك يا محمّد مع هؤلاء المشركين إلاّ دعاءً ونداءً ذهب أدراج الرياح ، لأنّهم (صُمٌّ ) عن استماع الحقّ (بُكْمٌ ) عن النطق به (عُمْيٌ ) عن النظر إلى الآيات والبراهين (فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) لأنّهم مقلّدون ، والمقلّد لا يستعمل عقله .



آراء المفسّرين

جاء في مجمع البيان صفحة 250 في تفسير هذه الآية قال : " ثم ضرب الله مثلاً للكفار في تركهم إِجابة من يدعوهم إلى التوحيد وركونهم إلى التقليد فقال { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق } أي يصوّت { بما لا يسمع } من البهائم { إِلا دعاء ونداءً } واختلف في تقدير الكلام وتأويله على وجوه :

(أولها) أن المعنى مثل الذين كفروا في دعائك إِياهم أي مثل الداعي لهم إلى الإِيمان كمثل الناعق في دعائه المنعوق به من البهائم التي لا تفهم وإِنما تسمع الصوت فكما أن الأنعام لا يحصل لها من دعاء الراعي إِلا السماع دون تفهّم المعنى فكذلك الكفار لا يحصل لهم من دعائك إِياهم إلى الإِيمان إِلا السماع دون تفهّم المعنى لأنهم يعرضون عن قبول قولك وينصرفون عن تأمّله فيكونون بمنزلة من لم يعقله ولم يفهمه ، وهذا معنى قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر (ع) وهو اختيار الجبائي والرماني والطبري ،

(وثانيها) أَن يكون المعنى مثل الذين كفروا ومثلنا أو مثل الذين كفروا ومثلك يا محمد كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً ، أي كمثل الأنعام المنعوق بها والناعق الراعي الذي يكلّمها وهي لا تعقل فحذف المثل الثاني اكتفاء بالأول ، وهو قول الأخفش والزجاج وهذا لأن في الآية تشبيه شيئين بشيئين, تشبيه الداعي إلى الإِيمان بالراعي وتشبيه المدعوين من الكفار بالأنعام ، فحذف ما حذف للإِيجاز وأبقى في الأول ذكر المدعو وفي الثاني ذكر الداعي وفيما أبقى دليل على ما ألقى ،

(وثالثها) أن المعنى مثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام كمثل الراعي في دعائه الأنعام فكما أن من دعا البهائم يعدّ جاهلاً فداعي الحجارة أشد جهلاً منه لأن البهائم تسمع الدعاء وإِن لم تفهم معناه والأصنام لا يحصل لها السماع أيضاً عن أبي القاسم البلخي وغيره ،

(ورابعها) أن مثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام وهي لا تعقل ولا تفهم كمثل الذي ينعق دعاء ونداء بما لا يسمع صوته جملة ويكون المثل مصروفاً إلى غير الغنم وما أشبهها مما يسمع وإِن لم يفهم وعلى هذا الوجه ينتصب دعاء ونداء بيَنْعِقُ وإِلاّ ملغاة لتوكيد الكلام ،

(وخامسها) أن يكون المعنى ومثل الذين كفروا كمثل الغنم الذي لا يفهم دعاء الناعق فأضاف سبحانه المثل الثاني إلى الناعق وهو في المعنى مضاف إلى المنعوق به ، ثم وصفهم سبحانه بما يجري مجرى التهجين والتوبيخ فقال { صمٌّ بكم عمي فهم لا يعقلون }" انتهى



فانظر إلى تفسيرهم لقوله تعالى (بِمَا لاَ يَسْمَعُ ) فقالوا هي الغنم . أقول : كيف يعبّرون ذلك بالغنم أفليست الغنم لها آذان فهي تسمع وتفهم نعق الراعي ؟

-----------------------------------------------------

1[لم يرد في أيّ كتاب من كتب التفسير ، ولا في أيّ كتاب سواها مَن وضّح المقصود من كلمة (الذي) مطلق ، غير سماحة المؤلّف ، فهو أوّل من وضّحه . – المراجع ]





منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى

التعديل الأخير تم بواسطة عبد القهار ; 01-02-2013 الساعة 02:33 PM
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-05-2013, 03:46 PM   #23
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة (23)

بسم الله الرحمن الرحيم


173 – (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) وهو ما يموت من الحيوانات (وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) لأنّه من الخبيث (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ ) الإهلال بالشيء هو الفرح به ، ومن ذلك قولهم أهلاً وسهلاً ، وسمّي العلال هلالاً لأنّهم يفرحون عند رؤيته ، وفي ذلك قال الشاعر :

يُبشّرُني الهلالُ بِنقصِ عُمري وأفرحُ كلّما هلّ الهلالُ

وقال يزيد بن معاوية :

لأَهلّوا وأستهلّوا فرَحاً ثمّ قالوا يا يزيدُ لا تُشَلْ

ومِمّا يفرحون بذبحه ذبيحة السلامة وذبيحة النذور ، وكان المشركون يذبحون تلك الذبائح للأصنام ، فإنّ الله تعالى حرّم ذبحها للأصنام وحرّم أكل لحمها على المسلمين ، والمعنى : وحرّم عليكم ماذُبح لغير الله (فَمَنِ اضْطُرَّ ) إلى أكل هذه المحرّمات من اللحوم ضرورةً أو مجاعةً (غَيْرَ بَاغٍ ) اللذة ، أي غير طالبٍ بذلك لذّة المأكل بل ضرورة المجاعة أو خوفاً من القتل إن لم يأكل (وَلاَ عَادٍ ) يعني ولا يعود إلى أكل ذلك مرّةً ثانية ، لأنّ من أكل شيئاً يتعوّد عليه (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) في الأكل إذا كانت مرّة واحدة (إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ ) يغفر له ذلك (رَّحِيمٌ ) بالمضطرّين يغفر لهم خطاياهم .

أقول : واليوم أصبحت بعض فرق الإسلام تأكل مِمّا ذُبِح لغير الله ، وذلك لحم النذور وذبيحة السلامة وغير ذلك ، فينذرون للأئمّة والمشايخ والأنبياء ثمّ يوزّعون لحمها على الناس فيأكلونه ، وهذا لا يجوز ولحمها حرام على من يأكله كلحم الخنزير لأنّّّها ذُبِحت لغير الله . ولا يجوز النذر لغير الله ولو كان ذلك للنبيّ محمّد ، وكذلك لا يجوز أكل الخبز الذي يوزّع باسم العبّاس فيسمّى "خبز العبّاس" وكذلك الشكرات [أو الحلويات] التي توزّع باسم الأئمّة والمشايخ .

174– ثمّ عاد سبحانه إلى ذمّ علماء اليهود وغيرهم الذين يغمضون أعينهم عن الحقّ ولا يرشدون قومهم إلى الصواب ، يرون قومهم يتخبّطون في الضلال وفي نهج الإشراك فيسكتون على ما يشاهدون منهم كأنّهم لا يعلمون ، وذلك خيفة أن يمقتهم قومهم إن صرّحوا لهم بالحقّ وخيفة أن يقطعوا عنهم الهدايا والأموال التي يحصلون عليها باسم الدين وخيفة على الرياسة التي هم فيها ، فقال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ ) أي في الكنب السماوية من أمر التوحيد والنهي عن الإشراك وغير ذلك من أمور الدين (وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً ) أي يستبدلون بذلك من مال الدنيا الذي هو قليل بالنسبة للآخرة (أُولَـئِكَ ) الذين كتموا الحقّ ولم يصرّحوا به (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ) أي لا يدخل في بطونهم ولا يأكلون في أفواههم (إِلاَّ النَّارَ ) وذلك لأنّهم أرواح أثيرية والنار تدخل في جوفهم من كلّ مكان لا يمنعها حاجز ، وقد سبق تفسيرها في أوّل الكتاب (وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) بل يكلّم المتّقين بالتهنئة بدخول الجنة (وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ) أي ولا يمحو ذنوبهم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم موجع .

175 – (أُولَـئِكَ ) العلماء الذين سبق ذكرهم (الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ ) أي استبدلوا (الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ) لأنّهم سكتوا على أعمال قومهم السيّئة ولم يرشدوهم إلى الصلاح وكانوا قادرين على إصلاحهم ولم ينهوهم عن الإشراك خيفة أن يمقتهم قومهم ولا يعطوهم من المال (فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) يعني لو أنّهم ذاقوا عذاب تلك النار دقيقة واحدة لتركوا المال والرياسة وصاروا يطلبون الآخرة والمغفرة من الله وذلك بامتثال أمر ربّهم ودعوة قومهم إلى التوحيد ونهيهم عن الإشراك ، ولكن شغلَهم حبّ المال والرياسة عن الآخرة والمغفرة .

176 – (ذَلِكَ ) العذاب لهم (بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) أي بأنّ الله نزّل الكتب السماوية كلّها تدعو إلى التوحيد وإلى عبادة الله وتنهى عن الإشراك وعن عبادة الأوثان ، ولكنّهم بدّلوا وغيّروا ما أنزل الله من الأحكام والشرايع واختلفوا فيها (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ ) أي في الكتب السماوية ، وهم العلماء (لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) أي لفي اختلاف وجدال فيما بينهم بعيد عن الصواب .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-2013, 04:29 PM   #24
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 24 )

بسم الله الرحمن الرحيم


174– ثمّ عاد سبحانه إلى ذمّ علماء اليهود وغيرهم الذين يغمضون أعينهم عن الحقّ ولا يرشدون قومهم إلى الصواب ، يرون قومهم يتخبّطون في الضلال وفي نهج الإشراك فيسكتون على ما يشاهدون منهم كأنّهم لا يعلمون ، وذلك خيفة أن يمقتهم قومهم إن صرّحوا لهم بالحقّ وخيفة أن يقطعوا عنهم الهدايا والأموال التي يحصلون عليها باسم الدين وخيفة على الرياسة التي هم فيها ، فقال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ ) أي في الكنب السماوية من أمر التوحيد والنهي عن الإشراك وغير ذلك من أمور الدين (وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً ) أي يستبدلون بذلك من مال الدنيا الذي هو قليل بالنسبة للآخرة (أُولَـئِكَ ) الذين كتموا الحقّ ولم يصرّحوا به (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ) أي لا يدخل في بطونهم ولا يأكلون في أفواههم (إِلاَّ النَّارَ ) وذلك لأنّهم أرواح أثيرية والنار تدخل في جوفهم من كلّ مكان لا يمنعها حاجز ، وقد سبق تفسيرها في أوّل الكتاب (وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) بل يكلّم المتّقين بالتهنئة بدخول الجنة (وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ) أي ولا يمحو ذنوبهم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي مؤلم موجع .

175 – (أُولَـئِكَ ) العلماء الذين سبق ذكرهم (الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ ) أي استبدلوا (الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ) لأنّهم سكتوا على أعمال قومهم السيّئة ولم يرشدوهم إلى الصلاح وكانوا قادرين على إصلاحهم ولم ينهوهم عن الإشراك خيفة أن يمقتهم قومهم ولا يعطوهم من المال (فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) يعني لو أنّهم ذاقوا عذاب تلك النار دقيقة واحدة لتركوا المال والرياسة وصاروا يطلبون الآخرة والمغفرة من الله وذلك بامتثال أمر ربّهم ودعوة قومهم إلى التوحيد ونهيهم عن الإشراك ، ولكن شغلَهم حبّ المال والرياسة عن الآخرة والمغفرة .

176 – (ذَلِكَ ) العذاب لهم (بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) أي بأنّ الله نزّل الكتب السماوية كلّها تدعو إلى التوحيد وإلى عبادة الله وتنهى عن الإشراك وعن عبادة الأوثان ، ولكنّهم بدّلوا وغيّروا ما أنزل الله من الأحكام والشرايع واختلفوا فيها (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ ) أي في الكتب السماوية ، وهم العلماء (لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) أي لفي اختلاف وجدال فيما بينهم بعيد عن الصواب .

177 – لَمّا كثر الكلام بين المسلمين واليهود في أمر القبلة نزلت هذه الآية (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) البرّ هو عمل الخير ، والمعنى ليس عمل الخير خاصّاً بالتوجّه نحو القبلة سواء مكة أو بيت المقدس (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ ) وحده ولم يشركْ به (وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) يعني يوم القيامة ، أي وآمن بالبعث (وَالْمَلآئِكَةِ ) أي وآمنَ بالملائكة أنّهم عباد الله لا بناته كما يزعم المشركون (وَالْكِتَابِ ) أي وآمنَ بالكتب السماوية كلّها (وَالنَّبِيِّينَ ) أي وآمنَ بجميع الأنبياء لا ينكر أحداً منهم (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ) أي على حبّ الله وفي سبيل الله ، أمّا إذا أعطى المال على حبّ الناس فليس ذلك من أعمال الخير ولا يؤجر عليه ، وذلك من ينفق ماله في سبيل الأئمة والمشايخ وعلى حبّهم أو في سبيل الأنبياء فلا يؤجر عليه وليس ذلك من أعمال البرّ ، بل هو نوع من الإشراك ، ومن ذلك الوقف ، فوقف الأملاك للأئمة والمشايخ لا يجوز لأنّه نوع من الإشراك ، فعمل البرّ هو أن تؤتي المال على حبّ الله إلى (ذَوِي الْقُرْبَى )أي إلى الفقراء من أقربائك (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ) يعني الأيتام والمحتاجين (وَابْنَ السَّبِيلِ ) يعني المسافر المنقطع به والغريب عن وطنه والضيف (وَالسَّآئِلِينَ ) أي الطالبين للصدقة ، لأنّه ليس كلّ مسكين يطلب (وَفِي الرِّقَابِ ) الرقاب جمع رقبة ، يعني ويعطي المال في فكّ الرقاب من الأسر ، كقوله تعالى في سورة البلد {فَكُّ رَقَبَةٍ} ، وكذلك عتق العبد إذا كبر سنّه (وَأَقَامَ الصَّلاةَ) أي واظب عليها وأدّاها بوقتها (وَآتَى الزَّكَاةَ) أي أعطى زكاة ماله ، (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ) يعني العهود والنذور التي بينهم وبين الله تعالى ، والعقود التي بينهم وبين الناس ، وكلاهما يلزم الوفاء به (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء) البأساء هي الفقر والضراء هي المرض (وَحِينَ الْبَأْسِ ) يعني ويصبرون وقت الحرب وقتال الأعداء (أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) بقولهم آمنّا ، وإنّهم أبرار (وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) حقاً ، أي الذين اتّقوا نار جهنّم بفعل هذه الخصال الحميدة .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-2013, 12:12 PM   #25
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 25 )

بسم الله الرحمن الرحيم


180 – ثمّ بيّن سبحانه بأنّ الغنيّ إذا حضرته الوفاة فليوصِ لوالديه ولأقربائه الفقراء بأن يعطوهم من المال الموروث زيادة على حصّتهم فقال (كُتِبَ عَلَيْكُمْ) أي فُرِض عليكم (إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) يعني إذا دنا وقت موته (إِن تَرَكَ خَيْرًا) يعني إن ترك مالاً كثيراً (الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ) أي فعليه أن يوصي لوالديه وأقاربه الفقراء سواء كانوا وارثيه أم غير وارثيه ، لأنّ هذه الوصية جعالة غير الإرث وخاصة للفقراء منهم ، وذلك بأن يعطيهم الوصيّ من المال الموروث يعني من النقود أو الأطعمة كالحنطة والتمر والزبيب ..الخ على مقدار ما أوصى به الميّت (بِالْمَعْرُوفِ) أي بالشيء المناسب لهم وذلك بأن يعطي المحتاج منهم أكثر (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) أي حقاً واجباً على من آثر التقوى .

181 – (فَمَن بَدَّلَهُ ) أي فمن بدّل كلام الموصي ، يعني بدّل الوصية (بَعْدَمَا سَمِعَهُ ) من الموصي (فَإِنَّمَا إِثْمُهُ ) أي إثم التبديل (عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) من الموصي والشهود ، يعني على الذين يبدّلون وصية الميّت (إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ ) لأقوالهم (عَلِيمٌ) بأفعالهم .

182 – (فَمَنْ خَافَ) أي خشي (مِن مُّوصٍ) أي من الموصي ، وذلك عند وصيّته قبل وفاته (جَنَفًا) أي ميلاً عن الحقّ فيما يوصي به لأقربائه (أَوْ إِثْمًا) الإثم أن يكون الميل عن الحقّ على وجه العمد ، والجنف أن يكون الميل على وجه الخطأ من حيث لا يدري (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) أي فأصلح ذلك الشخص الحاضر عند المريض وقت وصيّته بين المريض الموصي وبين أقربائه ، بأن يقول له إنّ فلاناً من أقربائك وهو فقير فلا تنسَه ، وفلان يتيم وهو من أقربائك فاجعل له جعالة ، وزيد محتاج فأعطِ زيداً أكثر من عمرو ، فهذا الرجل المصلح (فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ) بل يؤجر على ذلك (إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ) يغفر للميّت إذا أوصى لوالديه وأقاربه الفقراء والأيتام والأرامل (رَّحِيمٌ) بالفقراء إذْ جعل لهم جعالة وأوصى لهم بالزكاة .

تعريف

للمستحضر أن يوصي بثلث من ماله ليصرف بعد وفاته ، أو يهب منه على أقربائه أو غيرهم من الفقراء قبل موته والباقي يصرَف بعد وفاته على إطعام الفقراء والأيتام أو كسوتهم أو غير ذلك مِمّا أوصى به الميّت وليس للمستحضر أن يهب لأحد أو يوصي بالإنفاق من ماله بعد موته أكثر من الثلث إذا كان له أولاد ، ولا يجوز للوصي أن يتصرّف بأموال الموصي برأيه ، ويجب أن يقام ناظر على الوصي لئلاّ يخون الوصية فيأكل من مال الأيتام ، ويجب أن يكون الناظر من أقرباء الميّت وإذا لم يوجد أحد من أقرباء الميّت أو من الورثة فمن غيرهم ولا يجوز أن يكون الناظر أبا الوصيّ أو ابنه أو أخاه لئلاّ يتّفق مع الوصيّ على أكل مال الأيتام ، وإذا زاد من الثلث عند الوصيّ بعد العمل بالوصيّة يجب أن يعاد للورثة ويقسّم عليهم . وتبقى وصاية الوصيّ ثابتة على صغار الورثة حتّى يبلغوا رشدهم ، أمّا البالغ رشده وصاحب الحقّ من الورثة له أن يتصرّف في حقّه كيف يشاء وليس للوصيّ حقّ عليه .

183 – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) كاليهود والنصارى وغيرهم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) أي لكي تتّقوا المعاصي بفعل الصوم .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-16-2013, 12:03 PM   #26
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة (26)

بسم الله الرحمن الرحيم


184 - ثمّ بيّن سبحانه مدّة الصيام فقال (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) ويريد بذلك أيام شهر رمضان ، وإنّما سمّاها معدودات لأنّ الشهر القمري قد يكون 29 يوماً أو 30 يوماً ولا يكون 31 وكانت العادة عند العرب أنّهم يعدّون الدراهم إذا كانت تحت الثلاثين وإذا زادت عن ذلك فإنّهم يزِنونَها وزناً ولا يعدّونها (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) وهنا حذف في الكلام والتقدير : فمن كان مريضاً أو على سفر وكان لا يطيق الصوم فعدّة من أيّامٍ أخر . يدلّ على ذلك قوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) . (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) أي فليفطر تلك الأيام التي مرض بِها أو سافر فيها ثمّ يصوم بعد ذلك على عددها (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) أي وعلى الذين يطيقون الصوم من المرضى والمسافرين فدية إذا أفطروا ولم يصوموا . ثمّ بيّن سبحانه مقدار الفدية فقال (طَعَامُ مِسْكِينٍ ) أي إطعام مسكين واحد عن كلّ يوم من إفطاره ، وذلك بأن يعطي نصف صاع من الحنطة عن كلّ يوم (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا ) أي فمن أطعم أكثر من مسكين (فَهُوَ ) أي التطوّع بالطعام للمساكين (خَيْرٌ لَّهُ ) عند ربّه ، أي للمتطوّع (وَأَن تَصُومُواْ ) أيها المرضى والمسافرون الذين تطيقون الصوم (خَيْرٌ لَّكُمْ ) من الإفطار والفدية (إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) منافع الصوم للصحة والجزاء في الآخرة .

ويباح الإفطار للمسافر ما دام في الطريق ، فإذا وصل المدينة التي قصدها وأراد أن يقيم فيها يوماً واحداً فعليه أن يصوم ذلك اليوم ولا يباح له الإفطار إلاّ إذا سافر إلى غيرها ، والدليل على ذلك قوله تعالى في آخر هذه السورة {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} يعني إذا تداينتم في الطريق قبل أن تصلوا المدينة ، لأنّ في المدينة كثيراً من الكتبة موجودون .

والمريض يباح له الإفطار إن كان لا يطيق الصيام ، ثمّ يصوم بدل ما أفطر عند الصحة . وأمّا المريض الذي يطيق الصيام وأراد الإفطار فعليه دية الإفطار ويصوم بدلها عند الصحة . وكذلك المسافر إن كان لا يطيق الصيام بسبب الحرّ إن كان وقت الصيف ، أو كان ماشياً على قدميه ولا يتمكّن من الصيام بسبب التعب ، أو كان في الحرب أو غير ذلك من الأسباب فيباح له الإفطار ثمّ يصوم بدلها عند رجوعه إلى بلده إذا رجع وعند الإمكان إذا لم يرجع . وأمّا المسافر الذي يتمكّن من الصيام لزوال هذه الأسباب فعليه دية الإفطار إذا أفطر ويصوم بدلها عند رجوعه إلى بلده .

186 – سأل النبيَّ أحدُ أصحابه قائلاً : أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فنزلت هذه الآية (وَإِذَا سَأَلَكَ ) يا محمّد (عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ) أي أسمع دعاء الداعي كما يسمعه قريب المسافة منهم (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) أي ألبّي الداعي لدعوته وأجيبه عند طلبته وأفعل ما هو الصالح له ، فإنْ كان في دعواه صلاح له أعطيته ما طلب , وإذا لم يكن فيها صلاح أخّرت طلبه لوقت آخر (فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي ) بالطاعة , أي فليطلبوا إجابتي لهم ورضاي عنهم بالطاعة لي . فلفظة أجاب معناها جاوبه على سؤاله , ولفظة استجاب معناها طلب منه الجواب على سؤاله . وهذا مثل قولهم أوقد واستوقد , وأمسك واستمسك , فأوقد معناها أشعل النار , واستوقد معناها طلب إيقاد النار , فكذلك لفظة أجاب واستجاب (وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ) أي وليصدّقوا رسلي وبي , يعني بما وصفوني عندهم بأنّي واحد كريم مجيب غفور إلى غير ذلك من الصفات الحسنى (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) أي لعلّهم يصيبون الحقّ ويهتدون إليه .
187 – كانت عادة الصوم عند الناس قبل الإسلام ثلاثاً وعشرين ساعة ، أي أنّهم يأكلون بعد غروب الشمس بساعة واحدة ثمّ يصومون ما بقي من الليل والنهار كلّه ثمّ يفطرون بعد غروب الشمس بساعة . وكان النكاح عندهم لا يجوز في أيام الصوم ولياليه . وهذه عادة اليهود حتّى الآن ، فلمّا نزلت آية الصيام على النبيّ أخذ المسلمون يصومون كما اعتادوه من الصيام ، فلمّا كان وقت الإفطار قصيراً وهو ساعة واحدة من الزمن صار بعض المسلمين لا يصلون إلى إفطارهم ولا يأكلون شيئاً من الطعام ، وذلك بسبب أشغال تعوقهم عن الإفطار في ذلك الوقت ، أو أنّهم ينامون في ذلك الوقت صدفة فإذا انتبهوا من نومهم رأوا أنّ وقت الإفطار قد ذهب منهم فيبقون على صومهم إلى اليوم الثاني فيشقّ ذلك عليهم .
وكان بعض الشباب من المسلمين لا يستطيعون الصبر عن النكاح فإذا صار وقت الإفطار أتوا نساءهم ، فعلم الله تعالى بذلك فأراد سبحانه أن يخفّف عنهم فأراد سبحانه أن يخفّف عنهم فأنزل هذه الآية (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ) أي كلّ ليلة في صبيحتها الصيام (الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ ) أي الجماع (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) أي هنّ سكن لكم وأنتم سكن لهنّ ، وهذا كقوله تعالى في سورة الأعراف {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} , (عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ ) في الجماع ، فالمخاتلة والمخاتنة بمعنى واحد وهو المخادعة ، وذلك أنّ الرجل كان يخدع زوجته ويجامعها وهي كارهة ذلك في ليالي الصيام (فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) أي فتاب على الذين تابوا منكم (وَعَفَا عَنكُمْ ) أي وعفا عن الذين لم يتوبوا ، لأنّ الذين جامعوا نساءهم بعضهم قد ندموا وتابوا وبعضهم جامعوا وسكتوا ، (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ) أي لا حرج عليكم في جماعهنّ بالليل ، (وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ) أي واطلبوا الحلال الذي فرضه الله لكم ، ولا تطلبوا الحرام في غير نسائكم ، (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ ) طول الليل ، يعني في أيّ وقت شئتم من أوقات الليل (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) أي حتّى يتبيّن لكم وميض الفجر من سواد الليل ، (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ) .

وقد أخطأ المسلمون في إفطارهم في الوقت الحاضر1 لأنّ أبناء السنّة يفطرون وقت غروب الشمس ، والشيعة يفطرون بعد ذلك باثنتي عشرة دقيقة ، أي وقت المغرب ، بينما أنّ الله تعالى يقول (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ) ولم يقل إلى وقت المغرب ، ولا يكون الليل إلاّ عند الظلام وظهور النجوم ، ولا يجوز الإفطار إلاّ بعد غروب الشمس بنصف ساعة .

والدليل على ذلك أنهم يسمّون صلاة المغرب وصلاة العشاء ، فصلاة المغرب تكون وقت المغرب أي بعد غروب الشمس بخمس دقائق ، ولا يصحّ أن تسمّى صلاة العشاء بصلاة المغرب ، ولا أن تصلّيها وقت المغرب ، ولكن يصحّ تسميتها بصلاة اللّيل لأنّ وقتها يكون بعد غروب الشمس بساعة ونصف الساعة ، فكذلك تسمية الليل ، لأنّ الليل لا يكون إلاّ وقت حلول الظلام وعند رؤية النجوم ، فأمّا بعد غروب الشمس ببضع دقائق فلا يسمّى ذلك الوقت بالليل ، بل يسمّى وقت المغرب أو وقت الغروب على الأصحّ ، (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) أي ولا تنكحوا نساءكم وقت الصلاة والدعاء واعتكاف الناس في المساجد ، فاتركوا النساء وقت الصلاة واعتكفوا أي واظبوا على الصلاة والدعاء في المساجد كما يعتكف قومكم وأهل بلدتكم . فإنّ الله تعالى نَهى عن النساء وجماعهنّ في أوّل وقت من الليل ، وذلك خاصّ في شهر رمضان2 ، أي من وقت الإفطار إلى بعد صلاة العشاء بساعة ، لأنّ اعتكاف الناس في المساجد يكون في ذلك الوقت ، (تِلْكَ ) الأحكام التي ذكرت (حُدُودُ اللّهِ ) أي أحكامه المحدودة (فَلاَ تَقْرَبُوهَا ) بالمخالفة والتغيير ، (كَذَلِكَ ) أي مثل هذا البيان الذي ذكر (يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ ) أي حججه وأدلّته على ما أمرهم به ونَهاهم عنه (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) المحارم ، أي يجتنبونَها .

-----------------------------------------------

1 [ وكما أنّ تأخير السحور لا يتجاوز وقت وميض الفجر فلا يجب كذلك تعجيل الإفطار أن يسبق صلاة المغرب التي لَها وقت معلوم ، والليل وقت يكون بعد الانتهاء من صلاة المغرب وسنّتها – المراجع ]

2 [كما أنّ ذلك يسبّب اضطراب المعدة وسوء الهضم ، وأمراضاً نفسية أخرى ، يمنع علم الصحة مثل ذلك الإتيان – المراجع ]



188 – (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ) أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل ويأخذها بغير حقّ (وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ) أي وترسلوها إلى الحكّام والقضاة رشوة ، يقال أدلى دلوه أي أرسله في البئر ، (لِتَأْكُلُواْ ) بالتحاكم (فَرِيقًا ) أي قسماً (مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ ) أي ترسلون الأموال إلى الحكّام رشوة ليحكموا لكم ويجعلوا الحقّ معكم وبذلك تغصبون أموال الناس (وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) أنّ الذي أخذتموه من المال ليس لكم بل هو مال الناس . فالرشوة حرام على من يعطيها ومن يأخذها .

---------------------------------------------------------------

1 [وقال الرسول عليه السلام "الراشي والمرتشي والرائش في النار" – المراجع .]



189 – كانت العادة عند اليهود أنّهم يتصدّقون في أوّل كلّ شهر ، فكان أكثرهم يأتي جاره الفقير من السطح ليعطيه طعاماً فيتّفق أنّ زوجته عريانة أو مكشوفة الساقين أو يبدو شيء من جسمها فيراها الذي ينقل الطعام فيغتمّ الفقير من ذلك ، وكان بعضهم يتعمّد الذهاب إلى بيت جاره من السطح ليرى زوجة جاره أو بناته . فلمّا ظهر الإسلام جاء معاذ بن جبل إلى النبيّ وقال : يا رسول الله إنّ اليهود يقولون أنّ الله تعالى جعل الأهلّة لنعمل الخير عند رؤيتها ، فهل هذا صحيح ؟ فنزلت هذه الآية (يَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الأهِلَّةِ ) جمع هلال ، والمعنى يسألونك عن الأهلّة هل هي مواقيت لعمل البرّ ، أي لفعل الطاعات (قُلْ ) يا محمّد (هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ) ،1 يعرفون بِها الحساب وعدد الشهور والسنين وما يحتاجون إليه من وقت صومهم وإفطارهم وعدّة نسائهم وحلول ديونِهم وغير ذلك (وَالْحَجِّ ) أي وكذلك يعرفون بِها وقت الحجّ ، (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ) أي وليس الذي تفعلونه من إعطائكم الصدقات رأس كلّ شهر هو البرّ بأنّكم تأتون البيوت من ظهورها ، أي من سطوحها فتتسلّطون على نساء الفقراء وتنظرون إليهنّ بشهوة ، فالظهر هو السطح ، والظهرة المرتفع من الأرض (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ) المعاصي وتجنّب المحرّمات (وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) لتقديم الصدقات واتركوا تلك العادات (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) فيما نهاكم عنه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) بالثواب إن تركتم تلك العادات وامتثلتم أمر ربّكم .

---------------------------------------------

2 [ وجاء في التوراة أيضاً "صنع القمر للمواقيت " مزمور 104 : 19 – المراجع ]



190 – سافر فريق من المسلمين لمحاربة المشركين من أهل مكّة فصادفوا بطريقهم نفراً من المشركين ولكنّهم ليسوا من أهل مكّة ومعهم أموال فقتلوهم وأخذوا أموالَهم ، فنزلت هذه الآية (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) أي لوجه الله ولأجل الدين ولا تقاتلوا لأجل المال (الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) يعني قاتلوا الذين يقاتلونكم من المشركين ولا تقاتلوا غيرهم إنْ لم يتعرّضوا لقتالكم (وَلاَ تَعْتَدُواْ ) على أحد إنْ لم يعتدوا عليكم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ) على الناس 1

-----------------------------------------------

1 [لو نُفّذت أحكام الإسلام كاملة فإنّها خير ضمانة لغير المسلمين ، لأنّه غير اعتدائي ، وقد نظر إلى غير المسلمين مراعياً حقوقهم وواجباتهم ، أمّا الطعون التي تُوجّه إليه فمصدرها الاستعمار – المراجع ]



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-19-2013, 03:55 PM   #27
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 27)

بسم الله الرحمن الرحيم




191 – (وَاقْتُلُوهُمْ ) أي المشركين (حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) أي حيث ظفرتم بهم وأدركتموهم 1 ، والخطاب موجّه للمسلمين (وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ) أي كما أخرجوكم من مكّة (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ) يريد بالفتنة إغواءَهم للناس وصدّهم عن الإيمان ، لأنّ أهل مكّة كانوا يغوون الناس بقولهم أنّ محمّداً ساحرٌ فلا تصدّقوه ، والقتل يريد به في الأشهر الحرم فعابوهم فنزلت هذه الآية ، والمعنى إنّ إغواء أهل مكّة للناس وصدّهم إيّاهم عن الإيمان أشدّ عند الله من القتل في الأشهر الحرم (وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ) والخطاب للمسلمين (فَإِن قَاتَلُوكُمْ ) أي بدؤوكم بالقتال (فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ) أي جزاؤهم القتل والإخراج من الديار .

-----------------------------------------------

1 [لأنّهم هم الذين بدؤوكم القتال ، وإلاّ فالإسلام لم يقم على السوط ولا على السيف ولا على النار كما قال المسيح – المراجع ]



192 – (فَإِنِ انتَهَوْاْ ) عن غيّهم وأسلموا (فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ ) لِمن تاب (رَّحِيمٌ ) بِمن أسلم .

193 – (وَقَاتِلُوهُمْ ) أي المشركين (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ) أي حتّى لا يغووا أحداً ولا يصدّوا الناس عن الإيمان (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ ) الدين هو الطاعة والانقياد ، والمعنى حتّى ينقادوا لأمر الله (فَإِنِ انتَهَواْ ) عن إغوائهم وصدّهم الناس عن الإيمان (فَلاَ عُدْوَانَ ) أي فلا عقوبة (إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ) يعني فلا عقوبة على من ترك الفتنة وأسلم ولكنّ العقوبة على الظالمين الذين يفتنون الناس ويصدّونهم عن الإيمان .

194 – إنّ مشركي العرب منعوا النبيّ من العمرة في الشهر الحرام ، وهو شهر ذي القعدة في عام الحديبية السنة السادسة بعد الهجرة ، وكانت الهدنة بين الطرفين ، ولكنّ المشركين خانوا العهد بعد ذلك ، فلمّا أراد النبيّ قتالهم تحرّج المسلمون من القتال حيث كان ذلك في الأشهر الحرم أيضاً ، فنزلت هذه الآية فقام المسلمون لقتال المشركين وتغلّبوا عليهم وفتحوا مكّة (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ ) أي هذا الشهر بذاك الشهر ، فكما اعتدَوا عليكم في الشهر الحرام ومنعوكم من الدخول إلى مكّة فقاتلوهم في الشهر الحرام وامنعوهم من دخول البيت .

فلمّا فتح النبيّ مكّة أمر مناديه فنادى "ألا لا يحجّنّ اليوم مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ." والأشهر الحرم أربعة ، وهي ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ورجب ، كانوا يحرّمون فيها القتال حتّى لو أنّ رجلاً لقي قاتل أبيه أو أخيه في إحداها لم يتعرّض له بسوء ، وإنّما سمّي ذو القعدة لقعودهم فيه عن القتال (وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ) الحرمات جمع حرمة ، والمعنى : وكلّ حرمة يهتكونها لكم فاهتكوا حرمة لهم بدلها وعاقبوهم بمثل ما اعتدوا عليكم ، وذلك قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) يعني عاقبوهم بمثل اعتدائهم عليكم (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) بالنصرة ، يعني أنّ الله ينصر المتّقين .

197 – (الْحَجُّ ) أي أشهر الحجّ (أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ) أي معروفات عند الناس ، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجة (فَمَن فَرَضَ ) على نفسه (فِيهِنَّ الْحَجَّ ) أي في هذه الأشهر (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) ، الرفث هو الفحش والجماع ، والفسوق هو المعاصي بأجمعها ، والجدال هو المشاجرة بين خصمين ، والمعنى : فلا جماع ولا معاصي ولا مشاجرة تكون منكم في أيام الحجّ ، بل يلزم عليكم الطاعة والتعبّد لله (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ ) فيجازيكم عليه (وَتَزَوَّدُواْ ) من عمل الخير (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ ) للحياة الأثيرية هو (التَّقْوَى وَاتَّقُونِ ) فيما أمرتكم به ونهيتكم عنه (يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ) أي يا ذوي العقول .

204 – كان رجل منافق يسمّى الأخنس بن شريق وهو حلو المنطق ، وكان إذا لقي رسول الله ألانَ له القول وادّعا أنّه يحبّه وأنّه مسلم وأخذ يتحدّث معه في شأن الدنيا وقال له : يعلم الله ما في قلبي من المحبّة لك والصدق ، وإذا تولّى عنه جاء إلى قريش وأخذ في ذمّ محمّد وصار يحرّضهم على قتاله ، فنزلت فيه هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ ) يا محمّد لأنّك تظنّه صادقاً (فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) أي يعجبك ما يقوله في أمر الدنيا (وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ) من المحبّة لك ، ولكنّه كاذب منافق عدوّ (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ) أي شديد العداوة وليس كما يقوله ويدّعيه من المحبّة .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-25-2013, 02:01 PM   #28
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 28)

بسم الله الرحمن الرحيم


205 – (وَإِذَا تَوَلَّى ) عنك يا محمّد وأدبر (سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا ) أي أخذ يعمل في المكر والخديعة ليوقع العداوة والقتال بين الناس (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) أي يهلك الزرع والأولاد بسبب الحرب والعداوة ، كما فعل بثقيف حيث كان بينه وبينهم خصومة فبيّتهم ليلاً وأهلك مواشيهم وأحرق زرعهم (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ) ويمقت من يسعى به .

206 – (وَإِذَا قِيلَ لَهُ ) أي لذلك المنافق (اتَّقِ اللّهَ ) ولا تفسد في الأرض (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ ) أي أوقعته العزّة في الإثم ، يعني حمله التكبّر على فعل الإثم ولم يمتنع عن الفساد (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ) أي كفاه عذاب جهنّم (وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) الذي مهّده لنفسه ، يعني بئس المكان جهنّم الذي اختارها ومهّدها لنفسه .

208 – أسلم قوم من اليهود ثمّ حرّموا على أنفسهم لحم الإبل وذلك لِما اعتادوا عليه في اليهوديّة ، فأنزل الله فيهم هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ ) أي في الاستسلام والانقياد لأوامر الله (كَآفَّةً ) أي جميعها ، والمعنى : إنقادوا لجميع أوامر الله فلا تأخذوا بعضها وتتركوا الأخرى (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) أي ولا تلازموا العادات التي خطّها الشيطان وسنّها لكم (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) أي ظاهر العداوة .

210 – (هَلْ يَنظُرُونَ ) يعني هل ينتظر العذاب هؤلاء المكذّبون بآيات الله (إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ ) أي إلاّ أن يبعث الله عليهم العذاب في ظلل من السحاب كما بعث على قوم شعيب من قبلهم ، والظلل جمع ظلّة وهي السحابة (وَالْمَلآئِكَةُ ) أي ويبعث عليهم ملائكة العذاب فتقبض أرواحهم (وَقُضِيَ الأَمْرُ ) أي وحينئذٍ ينتهي بهم الأمر فلا توبتهم تقبل ولا يمكنهم الرجوع إلى الدنيا ليعملوا الصالحات ولا ينجيهم أحد من عذابنا (وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) الأمر كناية عن المخلوقات الروحانية فكلّ قسم منها يسمّى "أمر" وجمعها "أمور" ، والمعنى : إلى الله ترجع نفوس البشر والجنّ وكلّ مخلوق أثيري فيحكم فيها ما يشاء ولا يحكم فيها غيره .

211 – إنّ قريشاً سألوا النبيّ أن يأتيهم بمعجزة مادّية فيصدّقونه ، فنزلت هذه الآية (سَلْ ) يا محمّد (بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ) أي كم أعطيناهم من معجزة واضحة تدلّ على صدق أنبيائهم فكفروا بها وكذّبوا . فإنّ موسى جاء بالعصا والمعجزات الأخرى إلى فرعون وقومه فلم يؤمنوا به ولم يصدّقوه بل كذّبوا وقالوا هذا سحر مبين ، فانتقمنا منهم وأغرقناهم في اليمّ . وإنّ عيسى أنبأهم بالمغيّبات وأحيا لهم الأموات وأبرأ الأكمه والأبرص وغير ذلك من المعجزات فلم يؤمن به اليهود بل كذّبوه وأرادوا قتله .

وهكذا باقي الأنبياء كلّ من جاء بمعجزة مادّية فإنّ قومه يكذّبون بها ويقولون هذا سحرٌ مبين . وكذلك أنت يا محمّد لو أعطيناك معجزة مادّية لكذّب بها قومك وقالوا هذا سحرٌ مبين ، ولكن الأحسن من ذلك هي المعجزات العلمية والأدلّة العقليّة التي أنزلناها عليك فادعهم إلى الإيمان بِها فهي تؤثّر فيهم أكثر من المعجزات المادّية . وذلك قوله تعالى في سورة النحل {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} . فقوله تعالى (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) يعني إذا لم يطمئنّ قلبك يا محمّد بهذا الجواب فاسأل بني إسرائيل كم آتيناهم من معجزة فكذّبوا بها وأبدلوها بالكفر (وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ ) بالكفر (مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ ) على لسان محمّد ، ويريد بالنعمة آيات القرآن والموعظة والهداية إلى طريق الحقّ فهي نعمة من الله على الناس وعلى الأنبياء أيضاً ولذلك قال الله تعالى في سورة الضحى مخاطباً رسوله : {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أي حدّث الناس برسالتك ولا تخشَ أحداً (فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) لمن جحد بآياته وكذّب رسله .

213 – (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) فاختلفوا ، أي كانوا على ملّة واحدة ليس فيهم من يشرك بالله ، وذلك في زمن آدم ، فاختلفوا من بعده إلى مذاهب شتّى وأشركوا ، (فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ) بالجنّة لمن أطاعه (وَمُنذِرِينَ ) بالنار لمن عصاه وأشرك به (وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ) يعني الكتب السماوية (بِالْحَقِّ ) أي بتبيان الحقّ (لِيَحْكُمَ ) كلّ نبيّ (بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ) من الأديان والمذاهب الباطلة ويرشدهم إلى دين الحقّ (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ ) أي في الكتاب (إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ ) وهم علماء الضلال من اليهود والنصارى وغيرهم الذين طلبوا الدنيا والرياسة (مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) أي وكان اختلاف هؤلاء العلماء في الكتاب بعد الذي جاءهم من البيّنات على صدقه ، وسبب ذلك الاختلاف كان (بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) أي حسداً بينهم وظلماً وطلباً للرياسة (فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ ) إلى طريق الإسلام (لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ) أي لِما كانوا مختلفين فيه من الحقّ ، والمعنى أنّ الله تعالى أوضح لهم الطريق حتّى عرفوا الحقّ من الباطل (بِإِذْنِهِ ) أي وكان هداهم إلى طريق الإسلام بإذنٍ من الله ، لأنّ الله تعالى أذن لملائكته فأرشدتْهم إلى ذلك بالإلهام والإيحاء ، وإنّهم كانوا أهلاً للهداية حيث لم يكونوا أهل تكبّر وحسد ، والله يهدي من يشاء ، أي من كان أهلاً للهداية (إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يعني إلى طريق الحقّ .





منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-28-2013, 03:42 AM   #29
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 29 )

بسم الله الرحمن الرحيم


214 – كان بعض من أسلم في زمن النبيّ لا يقومون بالواجب ولا ينشرون الدعوة ولا يجاهدون في سبيل الله بل اكتفوا بمجرّد القول حيث قالوا آمنّا ، فإذا سألهم بعض أصحابهم عن سبب امتناعهم عن الجهاد قالوا نخاف من الأذى والقتل ، فنزلت فيهم هذه الآية (أَمْ حَسِبْتُمْ ) أيّها المسلمون ، والتقدير: أظننتم أنّكم تثابون بمجرّد قولكم آمنّا دون أن تعملوا أم حسبتم (أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ ) يوم القيامة بدون عمل (وَلَمَّا يَأْتِكُم ) من الأذى والمحن تضجرون وتنفرون 1 ، فليس هذا عمل المسلم ، ألا تكونون (مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم ) من المؤمنين في الأمم السالفة (مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء ) البأس هو الشدّة وجمعه بأساء ، والضرّ هو الفقر والمرض وجمعه ضرّاء ، والمعنى أصابتهم الشدائد بسبب الجهاد ، والفقر بسبب تركهم ديارهم وأموالهم في سبيل الله لأنّهم اتّبعوا رسلهم (وَزُلْزِلُواْ ) أي أزعِجوا وأوذوا فصبروا ونصروا (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ) أي يقول بعضهم لبعض (مَتَى نَصْرُ اللّهِ ) يعني يقول المؤمنون لرسولهم متى نصر الله ، فيقول الرسول في جوابهم (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) يعني يقول لهم اصبروا وسيأتيكم النصر عن قريب .

--------------------------------------------

1 [وهذه الآية يستمرّ حكمها كلّ حين ، وخاصّةً عند ظهور المهدي إذ تحتّم على الذين اتّبعوه أن يجاهروا بالدعوة ، بين أهليهم وفي محلاّتهم ، وفي تجوالهم ومنتزهاتهم ليلاً ونهاراً لأنّهم بذلك ينقذون نفوساً كثيرة من المروق من الإسلام ، ويحبّذون الإسلام لآخرين - المراجع ]



217 – إنّ رجلاً من المسلمين قتل رجلاً من كفّار قريش في أوّل يوم من رجب وكان قد اشتبه فيه هل هو من جماد أو من رجب ، وكانت العادة عند العرب أنّهم يتركون القتال في الأشهر الحرم ، فلمّا قُتِل رجل من قريش جاؤوا إلى النبيّ يسألونه على وجه الإنكار هل يباح القتال في الشهر الحرام ، فنزلت هذه الآية (يَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ) يريد به شهر رجب (قِتَالٍ فِيهِ ) أي هل يباح القتال فيه (قُلْ ) يا محمّد لهم (قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) أي القتال فيه عظيم وذنب كبير (وَ ) لكن (صَدٌّ ) منكم أيّها المشركون (عَن سَبِيلِ اللّهِ ) أي عن دين الله ، وهو دين الإسلام أكبر عند الله من القتل في الشهر الحرام ، لأنّ المشركين كانوا يصدّون الناس عن دين الإسلام ولا يدعونهم يؤمنون (وَكُفْرٌ ) منكم (بِهِ ) أي بالله (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) أي وكفر منكم بالمسجد الحرام ، لأنّهم وضعوا الأصنام فوق الكعبة وكانوا يعبدونها (وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ ) يعني أهل المسجد وهم النبيّ والمسلمون (مِنْهُ ) أي من المسجد ، يعني إخراج المسلمين من مكة حين هاجروا إلى المدينة (أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ ) والمعنى أنّ أفعالكم هذه وكفركم بالله وفي المسجد الحرام أعظم عند الله من قتل رجل مشرك في الشهر الحرام (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) أي وإنّ افتتناكم الناس بالكفر وصدّهم عن دين الإسلام أعظم وزراً عند الله من قتل رجل مشرك . ثمّ أخبر سبحانه عن عناد هؤلاء الكفّار وتعنّتهم فقال (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) يعني أهل مكة والخطاب للمسلمين (حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) أي إنْ قدروا على ذلك ، وقد ارتدّ فريق من المسلمين بعد وفاة النبيّ فقاتلهم أبو بكر فرجع قسم منهم إلى دين الإسلام ثانية (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ ) يعني فيموت على كفره ولا يعود إلى دين الإسلام (فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) أي ذهبت أعمالهم التي عملوها وقت إسلامهم أدراج الرياح ، أي خسروا نتائج أعمالهم ، أمّا في الدنيا فإنّهم أبدلوا حسن الذكر والشرف الذي نالهم في الإسلام بسوء الذكر والعار الذي نالهم عند ارتدادهم عن الإسلام ، وأمّا الذي خسروه في الآخرة فإنّهم أبدلوا الجنّة بالنار وحسن الذكر بالعار ومرضاة الله بغضبه (وَأُوْلَـئِكَ ) الكفار والمرتدّون (أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي دائمون في النار .

219 – جاء نفر من الصحابة إلى النبيّ فقالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر والميسر هل يباحان ، فنزلت هذه الآية (يَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الْخَمْرِ) وهو كلّ شراب مسكر (وَالْمَيْسِرِ ) وهو القمار (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) أي وزر عظيم ، لأنّ بسببهما تكون أكثر المعاصي وتنتج أكثر الجرائم (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) منفعة الخمر للبايع والصانع وفي الطب كمعقّم ، ومنفعة القمار للسلعة التي يلعبون بها وصانعها والرابح الذي يأخذ مال صاحبه من غير كدّ ولا مشقّة (وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) أي ما فيهما من الإثم أكبر مِمّا فيهما من النفع ، لأنّ النفع لبعض الناس والضرر لكثير منهم ، وإنّ الشارب والمقامر يقترفان بواسطتهما الآثام من وجوه كثيرة (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ) من أموالهم (قُلِ الْعَفْوَ ) والعفو معناه الترك ، كقوله تعالى في سورة البقرة {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} ، أي فمن ترك له ، والمعنى : قل يا محمّد لهم إذا أردتم الإنفاق في سبيل الله فأنفقوا من أموالكم المتروكة مهما شئتم ، أي من المال الزائد المتروك في الصندوق أو المودع في البنك . والإنفاق غير الزكاة الواجبة ، لأنّ الزكاة خاصّة للفقراء ، وأمّا الإنفاق فيصرف في الجهاد ولبناء المساجد والمدارس والمستشفيات الخيرية ودور الضيافة وغير ذلك . وهذا الإنفاق خاصّ بالأغنياء دون الفقراء (كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) في مصالح دينكم .

220 – جاء رجل من الصحابة إلى النبيّ فقال يا رسول الله عندي يتيم وله عندي دراهم وقريب أن تنفد أيجوز أن أجعلها في حانوتي وأجعله شريكاً معي في الحانوت ليربح منها ولا تنفد دراهمه ؟ فنزلت هذه الآية (وَيَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الْيَتَامَى ) أي عن أمر اليتامى ومشاركتهم (قُلْ ) يا محمّد لهم (إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ) أي إعملوا لهم ما هو الصالح ، والمعنى الكسب لهم خير من البطالة (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ) في كسبكم وصناعاتكم فيعملون بأجرة أو تشاركونهم (فَإِخْوَانُكُمْ ) في الدين ، وحقّ الأخ أن يعمل لأخيه ما هو الصالح (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ ) منكم (مِنَ الْمُصْلِحِ ) للأيتام فيجازي كلاً على عمله (وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ ) العنت هو المشقّة ، والمعنى : ولو شاء الله لكلّفكم ما يشقّ عليكم من أمر اليتامى ولكن أذِن لكم في مخالطتهم ومشاركتهم ليسهّل الأمر عليكم (إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ) فينتقم مِمّن يريد فساد حال اليتامى (حَكِيمٌ ) في أفعاله فلا يكلّف نفساً إلاّ ما وسعها .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-31-2013, 05:01 PM   #30
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 30)

بسم الله الرحمن الرحيم


222 – جاء رجل من الصحابة إلى النبيّ فسأله عن حكم النساء وقت الحيض ، فنزلت هذه الآية (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) أي عن أمر المحيض وحكمه (قُلْ هُوَ أَذًى ) للنساء ، لأنّ جماع الحائض يسبّب لها مرضاً في بيت الأرحام (فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ ) أي اعزلوا فراشكم عن فراشهنّ وقت النوم (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ ) بالجماع (حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ) من الدم ويغتسلن منه (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) بالماء واغتسلن (فَأْتُوهُنَّ ) أي فارجعوا إليهنّ في الفراش وجامعوهنّ إنْ شئتم ذلك (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ) أي من الجهة التي أمركم الله بتجنّبها وقت الحيض ، ويقصد بذلك الفرج . فالحائض لا يباح جماعها سواء قُبلاً كان أم دبراً ، وأقلّ مدّة للحائض خمسة أيام إذا طهرت قبل الخمسة وأوسطها سبعة وأكثرها حتّى تطهر (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) من الذنوب (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) بالماء إذا جامعوا نساءهم .

223 – (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) أي نساؤكم مزدرعٌ لكم ومحترَث تزرعون فيهنّ البنين والبنات (فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أي كيف شئتم ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة المائدة {انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ، أي كيف يؤفكون . والتقدير فأتوا نساءكم كيف شئتم نياماً أو جلوساً أو غير ذلك ، لأنّ اليهود قالوا إذا جامع الرجل زوجته من الخلف في فرجها جاء الولد أحول ، فنزلت هذه الآية تكذيباً لهم ، (وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ ) من الأعمال الصالحة (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ ) بعد موتكم ، أي تصيرون إليه وإلى حكمه فتجدون جزاء أعمالكم إنْ خيراً فخيراً تجدون وإن شرّاً فشرّاً تحصدون (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) بدخول الجنة .

224 – إنّ عبد الله بن روّاحة حلف أن لا يدخل على ختنه ولا يبرّه بشيء ولا يصلح بينه وبين امرأته ، فكان يقول إنّي حلفت بهذا فلا يحلّ لي أن أفعله , فنزلت هذه الآية (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) أي لا تجعلوا اليمين بالله سبباً لترك الخيرات عن الناس وقطع البِرّ عنهم (أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ ) البِرّ هو فعل الخير ، والمعنى : لا تحلفوا بالله على أن لا تبرّوا الفقراء , ولا تتّقوا في صلة الرحم ، ولا تصلحوا بين الناس ، فلا تحلفوا على ترك هذه الأعمال الصالحة ، ثمّ إذا سألكم سائل عنها تقولون لا نفعل ذلك لأنّنا حلفنا على تركها (وَاللّهُ سَمِيعٌ ) لأيمانكم وأقوالكم (عَلِيمٌ ) بنيّاتكم وأفعالكم فيجازي كلاً على عمله .

225 – (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ) اللغو هو الكلام الذي لا فائدة فيه ، والأيمان جمع يمين وهو الحلف بالله , والمعنى : لا يؤاخذكم الله بالحنث على أيمانكم التي لا فائدة فيها , وذلك مثل أن يحلف الإنسان أنّه لا يعطي فقيراً بعد يومه شيئاً ، ثمّ يحنث عن يمينه ويعطي صدقة للفقراء ، فلا يؤاخذه الله في حنثه على ذلك . أو يحلف أنّه لا يصلح بعد يومه بين الناس ، ثمّ يحنث ويصلح بين المتخاصمين ، فإنّ الله تعالى لا يؤاخذه على ذلك ، وهكذا كلّ يمين يقسم عليه الإنسان أن لا يعمل من عمل الخير شيئاً فهو لغو . وكذلك إذا حلف يميناً على شيء وهو يرى نفسه أنّه صادق ثمّ تبيّن أنّه عكس ذلك ولكن لم يكن يعلم فلا يؤاخذه الله على ذلك ، ولكن عليه أن يخبر من حلف له بأنّه قد أخطأ بيمينه والصحيح هو كذا وكذا . (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) من المكر والخديعة مع من تعاقدتم معه على بيع أو شراء أو شركة وحلفتم على ذلك يميناً ثمّ حنثتم اليمين وخنتم العهد فإنّ الله تعالى يؤاخذكم عليه ويلزمكم كفّارته .

ونظير هذه الآية في سورة المائدة وهي قوله تعالى {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} ، (وَاللّهُ غَفُورٌ ) لمن تاب وأعطى الكفّارة (حَلِيمٌ ) يمهل عبيده ليتوبوا .

233 – (وَالْوَالِدَاتُ ) تقديره وعلى الوالدات المطلّقات أن (يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ ) من أزواجهنّ (أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) لولده ، أمّا إذا لم يرد إتمام الرضاعة لولده بسبب فقره وعدم استطاعته على النفقة جاز له أن يأخذه قبل ذلك بثلاثة أشهر ، فيكون رضاعه واحداً وعشرين شهراً (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ) أي وعلى أبي الولد (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) أي رزق الوالدات وكسوتهنّ (بِالْمَعْرُوفِ ) يعني ما يستطيع أن ينفق على أمّ الولد . والمعنى : على الأمّهات إرضاع أولادهنّ سنتين كاملتين إن أراد الأب إتمام الرضاعة ، وعلى الأب نفقة أمّ الولد وكسوتها ما دامت ترضع ولده (لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا ) يعني إلاّ قدر إمكانها (لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ) والمعنى : لا يأخذ الأب ولده طلباً للإضرار بأمّه ولا يقطع النفقة عنها فيضرّ بحالها (وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ) أي ولا تنزلوا الضرّ بالأب بسبب ولده ، وذلك بأن تطلبوا منه نفقة أكثر مِمّا يطيقه ، ولا تمتنع الأم من الإرضاع إذا أعطيَت نفقتها وذلك لأجل أن تضرّ بوالده (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) من الرزق والكسوة للوالدة إذا مات الوالد ، والمعنى إذا مات الوالد أو كان عاجزاً أو مريضاً أو أصابه جنون فالوارث يقوم بالنفقة مقامه ، والوارث هو من كان أقرب للوالد كابنه الكبير مثلاً فهو يقوم بالنفقة لزوجة أبيه المطلّقة المرضعة (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً ) يعني فإن أراد الأبوان فطام الولد قبل الحولين (عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ ) بينهما ، يعني بين الأم والأب (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) أي فلا حرج عليهما في ذلك (وَإِنْ أَرَدتُّمْ ) أيّها الآباء (أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ ) أي تطلبوا لهم مرضعات غير أمّهاتهم ، وذلك إذا انقطع لبن الأم أو اعتراها مرض أو أبت إرضاعه لسبب من الأسباب أو كان الأب فقيراً ولا يتمكّن من دفع النفقة وعنده من يرضع الولد له مجّاناً ووافقت على ذلك أمّه (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) أي فلا حرج عليكم في ذلك (إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ) والمعنى إذا سلّمتم لأمّ الولد بقايا ما آتيتم لها من النفقة بالمعروف ، يعني بلا مماطلة ولا تأخير . فإذا جاءت الأم بالولد وسلّمته لأبيه وقالت خذ ولدك فإنّي لا أرضعه لأنّي أريد أن أتزوّج ، أو انقطع لبنها ، أو لسبب آخر ، فحينئذٍ لا حرج على الأب أن يطلب لولده مرضعة أخرى ترضعه (وَاتَّقُواْ اللّهَ ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيجازي كلاً على عمله .

ثمّ إذا تزوّجت أمّ الولد فليس لها نفقة بعد ذلك وتكون النفقة للولد فقط . واعلم أنّ لفظة "ولد" تطلق على الذكر والأنثى معاً ولا فرق في الحكم بين الذكر والأنثى في النفقة ومدّة الرضاعة وغير ذلك مِمّا ذُكِر في هذه الآية .

237 – (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ ) أباح الله تعالى طلاق المرأة التي لم تمسّها أي لم تدخل بِها سواء فرضت لَها مهراً أو لم تفرض ، وذلك قوله تعالى (أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ) والتقدير : ما لم تمسّوهنّ مِمّن فرضتم أو لم تفرضوا لَهنّ فريضة .

فالتي فرضت لَها مهراً وأردت طلاقها فلها نصف المهر ، أمّا التي لم تفرض لها مهراً كالبديلة والموهوبة وغير ذلك فلها جعالة : أي تجعل لها مقداراً من المال ، وذلك قوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ ) أي أعطوهنّ من متاع الدنيا ، وذلك للمطلقة التي لم تفرض لها فريضة ، أي للتي ليس لَها مهر كالبديلة والموهوبة (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ) أي على الغنيّ قدر تمكينه (وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ ) أي على الفقير قدر تمكينه (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ) أي وسطاً ليس فيه إسراف ولا تقتير (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) أي واجباً على الذين يحسنون الطاعة ويجتنبون المعصية .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير القران المهندس منتدى القرآن الكريم 11 09-17-2011 09:34 AM
تفسير الاذان والاقامة من قبل الامام علي بن ابي طالب (ع) محمد عباس الخفاجي المنتدى الإسلآمي العام 2 06-12-2011 01:17 PM
حلقات تفسير القرآن الكريم محمدالشيخ منتدى القرآن الكريم 13 01-28-2011 10:44 PM
تفسير المادة (76) تفسير تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) الأستاذ منتدى الأخبار والمقالات السياسية 3 05-14-2010 04:36 PM
تفسير الحروف عن الامام الرضا ع دموع الشرقية المنتدى الإسلآمي العام 4 12-21-2009 04:45 PM


جميع المواضيع والمشاركات المطروحه في منتديات فدكـ الثقافية تعبر عن رأي أصحابها ولاتعبر عن رأي الإدارة

تطوير واستضافة: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) للإنتاج الفني

الساعة الآن: 03:17 PM.


Design By

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2010
جميع الحقوق محفوظة لـ: شبكة فدك الثقافية