التسجيل التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعه وفي كل ساعه وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .. اللهم انا نشهدكَ بأننا والينا محمدا وعلي وفاطمه والحسن والحسين والائمة المعصومين من ذرية الحسين .. وارواحنا فداء لحجتك المنتظر ..
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز المشرفة المميزه
كينج دمنهور طرق الحفاظ على نظافة المنزل
بقلم : كينج دمنهور
قريبا قريبا

العودة   منتديات فدك الثقافية > واحة المنتديات الأسلآمية > منتدى القرآن الكريم

منتدى القرآن الكريم كل مايخص ويهتم بدراسة القرآن الكريم وتفسيره وعلومه

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-11-2013, 04:53 PM   #1
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( متسلسل )

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النساء

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ) مخالفة (رَبَّكُمُ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) ذكرنا في كتابنا (الكون والقرآن) موضوع النفس الواحدة بالتفصيل تحت عنوان "الحياة إنتقالية" وشرحه كما يلي : لقد كانت كواكب سيّارة قبل كوكبنا وكانت مسكونة أيضاً ولَمّا انتهت حياتها وقامت قيامتها تمزّقت فصارت نيازك أي صارت قطعاً عديدة ، ولَمّا خلق الله تعالى أرضنا هذه سقط من تلك القطع على أرضنا فصارت جبالاً ، ولَمّا هطلت الأمطار على تلك الجبال أخذت البذور الموجودة في تلك الجبال تنبت وتنمو فصار منها نبات وأشجار وأثمار ، وخلق الله تعالى فوق تلك الجبال أنعاماً وطيوراً وغير ذلك ، وكان في الجبل قبر مندثر لبعض من كان يسكن ذلك الكوكب ، ولَمّا نزلت مياه الأمطار إلى ذلك القبر واختلطت بتلك الرمم البالية صارت طيناً منتنّاً ، فخلق الله تعالى آدم من ذلك الطين في ذلك القبر ، ولذلك تكبّر إبليس وامتنع عن السجود لآدم وقال أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طين .

فهذا معنى قوله تعالى (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) أي من بقايا رمم شخص واحد ، يعني خلق أباكم آدم فكنتم نسله ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} أي كنتم رمماً بالية فخلقكم منها وجعلكم أحياء تبصرون وتسمعون ، ثمّ قوله تعالى في سورة الحجر {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} فالحمأ معناه الأسود ، والمسنون معناه المنتن ، يعني من طين أسود منتن ، ثمّ قوله تعالى في سورة البلد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} أي في كبد الجبل يعني في جوفه ، والإنسان يريد به آدم .

ثمّ إنّ التناسل لا يكون إلاّ من نفسين ذكر وأنثى لا من نفس واحدة ، ولذلك قال تعالى في سورة الحجرات {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} .

أمّا قوله تعالى (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) يعني وخلق من تلك الطينة زوجة لآدم وهي حوّاء (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا) أي نشر وفرّق من هاتين النفسين على وجه التناسل رجالاً (وَنِسَاء) فيجب عليكم يا أولاد آدم أن تتعارفوا فيما بينكم وتتراحموا لأنّكم من أب واحد وأم واحدة (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ) أي تتساءلون به ، فحذفت إحدى التائين لتسهيل الكلام ، والمعنى يسأل بعضكم بعضاً فيقول أسألك بالله أن تعطيني كذا ، وأسألك بالله أن تقضي حاجتي ، وهكذا يسأل بعضكم بعضاً ، وهذا تعظيماً له فيجب عليكم أن تتّقوه بأفعالكم كما تعظّموه بأقوالكم (وَالأَرْحَامَ) أي واتّقوا الله في أرحامكم فلا تؤذوهم ولا تنفروا منهم بل يجب عليكم أن ترحموهم وتشفقوا عليهم وتَصِلوهم بالخيرات وخاصّةً الفقير منهم واليتيم والشيخ الكبير (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) اي يراقبكم فيرى أعمالكم وأفعالكم ثمّ يجازيكم عليها في الآخرة .

5 – (وَلاَ تُؤْتُواْ) أي ولا تعطوا (السُّفَهَاء) من نسائكم وأولادكم وربائبكم وأيتامكم لا تعطوهم (أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً) تقومون بِها في معاشكم وتقضون بِها حوائجكم ، والمعنى إذا كانت زوجتك نافصة العقل والتدبير مبذّرة للمال فلا تسلّم أموالك بيدها تتصرّف بِها كيف تشاء لأنّها تبعثر أموالك وتصرفها في أشياء تافهة لا قيمة لها وليست ضرورية ، وكذلك ابنك أو ربيبك أو اليتيم الذي في بيتك الذي آويته في سبيل الله إن كان سفيهاً مبذّراً للمال فلا تسلّم أموالك بيده يتصرّف بِها كما يشاء ولا تعطِه مفاتيح حانوتك أو تجعله وكيلاً على أملاكك لأنّه يخونك ويسرق من أموالك ويبذّرها وأنت لا تعلم وذلك لأنّه سفيه والسفيه لا تثق به ولا تعتمد عليه في جميع الأشياء (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ) والمعنى يجب أن تقوم أنت بنفسك بأمر معاشهم وكسوتهم فتعطيهم على قدر حاجتهم فإن أرادوا الزيادة على نفقاتهم أو كسوتهم فاعتذروا إليهم (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) اي لا تعاملوهم بالقوّة والضرب والشتم بل عاملوهم بلين الكلام وحسّنوا لهم المقام لتنالوا المرام ، لأنّ السفيه ينقاد بالكلام الليّن والوعد الحسن .

ومن أهم أمور التبذير عند المرأة الملابس وأدوات الزينة التي تتزيّن بِها اليوم وتتجمّل فإذا تركتَ أموالك بيدها تتصرّف بِها كما تشاء فإنّها تواظب على شراء الملابس والأحذية وما تتزيّن به ولا تكتفي بثوب أو ثوبين بل في كلّ شهر تلبس ثوباً جديداً وحذاءً جديداً وتبعثر الملابس القديمة ولا تعتني بِها وذلك لأنّها لم تتعب بجمع المال بل حصلت عليه بغير تعب ولا مشقّة و في ذلك قال الشاعر :

فمَن أخذَ البلادَ بِغيرِ حربٍ يهونُ عليهِ تسليمُ البِلادِ

أما ابنك أو ربيبك أو اليتيم الذي عندك فإنّه يبذّر المال إن كان سفيهاً فيشتري ما تشتهي نفسه من ملاعيب وأدوات وملابس وغير ذلك ، وربّما أخذ يلعب القمار ويشرب الخمر وأنت لا تعلم به ، أو يصاحب أولاداً على شاكلته فينفق عليهم الدنانير ويبذّر عليهم الأموال وأنت لا تعلم به ، فلذلك لا تعتمد على أحد من هؤلاء ولا تسلّم أموالك بيده بل اعتمد على نفسك وأدِر شؤونك بنفسك تنجحْ .



منقول من كتاب المتشابه من القرآن
للراحل محمد علي حسن الحلي ( رحمه الله تعالى )
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-17-2013, 11:33 PM   #2
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 2)

بسم الله الرحمن الرحيم


6 – (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى) أي اختبروهم في عقلهم ودينهم (حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ) وذلك في الخامسة عشرة من أعمارهم (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا) معناه فإن علمتم منهم رشداً بالعقل وقدرتهم على حفظ مالهم (فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا) أي لا تأخذوا من أموالهم زيادة على ما تستحقّونه من الأجرة على رعي أغنامهم وخدمتها أو فلاحة في بستانهم أو حراثة في أرضهم و سقي زرعهم أو بناء دارهم أو غير ذلك من الأعمال التي تستحقّون بِها الأجرة على العمل . والخطاب لأولياء الأيتام (وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ) أي ومبادرةً لكبَرهم ، ومعناه لا تبادروا الأخذ بالكثير من أموالهم زيادةً على أجرتكم خوفاً من أن يكبروا فيذهب المال منكم ويعود إليهم وبذلك تغتنمون فرصة الوقت (وَمَن كَانَ غَنِيًّا) من أولياء الأيتام ، اي الأوصياء (فَلْيَسْتَعْفِفْ) عن أخذ أجرة العمل وأجره عند الله (وَمَن كَانَ فَقِيرًا) من أولياء الأيتام (فَلْيَأْكُلْ) أجرته (بِالْمَعْرُوفِ) لا يزيد ولا ينقص بل يأخذ من مال اليتيم أجرة على عمله كما يأخذ غيره من العمّال (فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) حين بلوغ الرشد (فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ) شهيدين أو أكثر كي لا يقع جحود بعد ذلك (وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا) أي محاسباً ومعاقباً فاحذروا عقابه يا أولياء الأيتام ولا تأخذوا من أموالهم ما لا تستحقّونه .

7 – كانت العرب في الجاهلية يورثون الذكور دون الإناث فنزلت هذه الآية ردّاً لقولهم (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ) من الميراث (مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ) بعد موتِهم (وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ) من الميراث أيضاً (مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ) أي سواء كان الميراث قليلاً أو كثيراً فللذكر مثل حظّ الأنثيين (نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) فرضه الله عليكم وأوجبه فلا تخالفوا شرايعه .

8 – ثمّ بيّن سبحانه حال من لا يرث من أقرباء الميّت فقال (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) أي حين قسمة الأموال المنقولة كالحنطة والزبيب والتمر وغير ذلك (أُوْلُواْ الْقُرْبَى) أي قرابة الميّت يعني الفقراء منهم الذين لا يرثون (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ) الذين حضروا القسمة (فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ) أي فأعطوهم من ذلك المال ، والخطاب لأولياء الأيتام ، وذلك بأن يخرج الوليّ عشر المال المنقول قبل قسمته ويوزّعه عليهم (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) وذلك بأن يقول لهم يبارك الله لكم في رزقكم وييسّر لكم أمركم ويعطيكم من فضله .

9 – ثمّ حذّر الله أولياء الأيتام من أكل مال اليتيم بغير استحقاق فقال (وَلْيَخْشَ) أي وليخافوا ويحذروا ، فالمخاطَب بذلك أولياء الأيتام (الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ) بعد موتِهم (ذُرِّيَّةً ضِعَافًا) أي أولاداً صغاراً لا قدرة لهم على تحصيل العيش (خَافُواْ عَلَيْهِمْ) الفقر والذلّ من بعدهم والمعنى لا يأكلوا أموال اليتامى بغير استحقاق ولا تؤذوهم ولا تضربوهم فإنّ لكم أولاداً أيضاً فإن فعلتم ذلك مع الأيتام فإنّ الله سيجعل أولادكم أيتاماً ذليلين حقيرين من بعدكم ، أمّا إذا لم يحِنْ أجلكم فسيصيبكم بفاجعة مؤلمة في دار الدنيا بسبب أكلكم أموال الأيتام وأذاهم ، وهي أن يميت أعزّ أولادكم عندكم وذلك عقاباً لكم في الدنيا وفي الآخرة عذاب النار وبئس المصير (فَلْيَتَّقُوا اللّهَ) في اليتامى فلا يأكلوا أموالهم ولا يؤذوهم إذا بدا من أحدهم ذنب على جهل منهم بل يرشدونهم وينصحونهم (وَلْيَقُولُواْ) لهم (قَوْلاً سَدِيدًا) أي كلاماً معقولاً بلا سبّ ولا شتم ولا إهانة .

ويجب على وليّ اليتيم أن يجعله في مدرسة ليتعلّم القراءة والكتابة أو يجعله في صنعة كنجارة أو حدادة أو غير ذلك لتكون الصنعة سبباً لمعاشه في مستقبله ، فقد قيل في المثل صنعة في اليد أمان من الفقر ، ولا يجوز له أن يتركه بلا صنعة كي يستفيد هو من استخدامه .

10 – (إِنَّ) أولياء الأيتام أو غيرهم من سائر الناس (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) بغير استحقاق (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ) يوم القيامة ناراً ويدخل (فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) أيضاً من غير الأكل (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) يعني يحترقون بنار مستعرة أي متوهّجة .



منقول من كتاب المتشابه من القرآن
للراحل محمد علي حسن الحلي ( رحمه الله تعالى )
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-20-2013, 11:09 PM   #3
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 3)

بسم الله الرحمن الرحيم


11 – ثمّ بيّن الله تعالى ما أجمله فيما تقدّم من قوله {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ..الخ} بِما فصّله في هذه الآية فقال (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ) أي في ميراث أولادكم (لِلذَّكَرِ) منهم (مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) أي للإبن من الميراث مثل نصيب البنتين إن لم يكن للميّت أب ولا أمّ ولا أخ1، ثمّ بيّن الله تعالى القسمة بينهم في حال وجود أبوين للميّت في قيد الحياة يعني جدّ الأولاد وجدّتهم مع كون الورثة إناثاً وليس فيهم ذكر فقال (فَإِن كُنَّ نِسَاء) لا ذكر فيهنّ وهنّ (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) أي اثنتين فما فوق ، يعني فأكثر من ذلك (فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) أبوهما من الميراث ، أي لهنّ ثلثا الترِكة يقسم بينهنّ ، والثلث الباقي لأبويه لكلّ واحد منهما السدس ، يعني للأب سدس وللأمّ سدس2 (وَإِن كَانَتْ) البنت (وَاحِدَةً) وكان للميّت أخ مع وجود الأبوين في قيد الحياة (فَلَهَا النِّصْفُ) من الميراث (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ) ولأخيه السدس أيضاً ، فيكون المجموع ستّ حصص ثلاث منها للبنت وواحدة للأب ومثلها للأمّ وأخرى لأخي الميّت الذي هو عمّ البنت3 أمّا إذا لم يكن للميّت أخ في قيد الحياة فتقسم ترِكته كما يلي : نصف لابنته وربع لأبيه وربع لأمّه (مِمَّا تَرَكَ) أي مِمّا ترك الميّت من المال ، وذلك (إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ) يعني إن كان للميّت أولاد ، فكلمة ولد تشمل الذكور والإناث .

ثمّ بيّن سبحانه كيفية القسمة إن لم يكن للميّت أولاد بل له أب وأم وأخ في قيد الحياة فقال (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ) أي للميّت (وَلَدٌ) أي أولاداً يرثونه لا ذكوراً ولا إناثاً (وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ) أي وصار الإرث لأبويه مع وجود أخ للميّت (فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ) ولأبيه ثلث ولأخيه ثلث ، فتكون القسمة بين الأب والأم والأخ متساوية لكلّ واحد منهم ثلث .

أمّا إذا كان أحد الأبوين ميّتاً والآخر في قيد الحياة فلأمّه النصف من الميراث والنصف الآخر لأخيه (فَإِن كَانَ لَهُ) أي للميّت (إِخْوَةٌ) أربعة (فَلأُمِّهِ السُّدُسُ) ولأبيه سدس ولكلّ واحد من إخوته سدس ، وبذلك تكون الأسهم متساوية بين الأب والأم والإخوة .

وإذا كان أحد الأبوين ميّتاً والآخر في قيد الحياة فلكلّ واحد منهم خمس ، أي للأب حصّة واحدة ولكلّ واحد من الإخوة حصّة واحدة ، فيكون المجموع خمس حصص ، وهكذا تكون القسمة بينهم فما زاد من الإخوة أو نقص فالقسمة تكون بينهم وبين الأم والأب متساوية ، وذلك (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا) الميّت قبل مماته4 إن لم يكن عليه دين وإلاّ فالوفاء بالدًّين قبل الإنجاز بالوصيّة (أَوْ دَيْنٍ) توفون به إن كان مديوناً . فهؤلاء الوارثون لكم هم (آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) الآباء أم الأبناء بل الله يعلم ذلك ففرض عليكم هذه القسمة (فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ) عليكم ، أي فرض الله ذلك فريضةً عليكم (إِنَّ اللّهَ كَانَ) ولا يزال (عَلِيما) بمصالحكم (حَكِيمًا) فيما يحكم به عليكم من القسمة وغيرها .

-------------------------------

1 فإن كان أحد الأبوين في قيد الحياة فله السدس ويقسم الباقي على الأولاد للذكر منهم مثل حظّ الأنثيين ، وإن كان الأبوان في قيد الحياة فلهما الثلث ويقسم الباقي على الأولاد .

2 وكذلك لو كانا ولدين فلهما الثلثان ولكلّ واحد من الأبوين السدس ، ولا يرث عمّ الأولاد .

3 أمّا إذا كان الوارث ولداً واحداً بدل البنت فلكلّ واحد من أبي الميّت وأمّه السدس ، والباقي للولد وليس لعمّه شيء . فأخو الميّت لا يرِث أخاه في حال وجود أولاد ذكور لأخيه ، ولكن له نصيب من إرث أخيه إن كان لأخيه بنتٌ واحدة فقط ، وله من إرث أخيه أيضاً إن لم يكن لأخيه أولاد لا ذكوراً ولا إناثاً .

4 وليس له حقّ أن يوصي ويخرج من ماله أكثر من الثلث .


منقول من كتاب المتشابه من القرآن

للراحل محمد علي حسن الحلي ( رحمه الله تعالى )
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-24-2013, 02:38 AM   #4
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 4)

بسم الله الرحمن الرحيم




12 – ثمّ بيّن سبحانه قسمة الميراث بين الزوجات والأزواج فقال (وَلَكُمْ) أيّها الأزواج (نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) أي زوجاتكم من الميراث (إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ) لا ذكراً ولا أنثى ولا إبن الولد ، لأنّ ابن الولد يكون حكمه حكم الولد أي يقوم مقام أبيه في الميراث ، وتقدير الآية يكون كما يأتي : إن لم يكن لهنّ ولد ولا والد ففي هذه الحالة يكون نصف الإرث لزوجها والنصف الباقي لأخيها ، أمّا إذا كان لها والد واحد وأخ واحد أي كان لها وارثان فلزوجها الثلث من الميراث ولأبيها ثلث ولأخيها ثلث ، وإذا كان لَها أب وأم وأخ في قيد الحياة فلزوجها الربع ولكلٍّ من هؤلاء الثلاثة ربع من الميراث ، ولا ينقص من ربع الزوج مهما زاد عدد الإخوة والأخوات (فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) من الميراث ونصف لابنها وربع لأبويها (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) قد مرّ تفسيرها (وَلَهُنَّ) أي ولزوجاتكم (الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) من الميراث (إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ) والباقي لأبويكم وإخوتكم ، واحدة كانت الزوجة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً لم يكن لهنّ أكثر من ذلك (فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ) ذكر أو أنثى أو إبن الولد (فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) من الميراث ، سواء كانت الزوجة واحدة أو أكثر من ذلك (مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا) أيّها الأزواج (أَوْ دَيْنٍ) يوفّى عنكم .

ثمّ بيّن سبحانه حكم من مات وليس له ولد ولا والد بل له جدٌّ وجدّة فقال (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً) مفردها "كليل" على وزن سليل وسلالة ، وهو العاجز عن العمل لكبر سنّه ، فالكلالة هنا يريد بِهم جدّ الميّت وجدّته ، والمعنى إذا مات رجل وصار إرثه إلى كلالته ، أي إلى جدّه وجدّته لأنّه لا ولد له فيرثه ولا والد (أَو امْرَأَةٌ) وهي تورث كلالةً أيضاً (وَلَهُ) اي للميّت (أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) في قيد الحياة (فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا) أي من الأخ والأخت (السُّدُسُ) ولجدّه الثلث ولجدّته الثلث ، والمعنى تقسم ترِكته أي ما ترك من المال إلى ستّ حصص فيكون لأخيه حصّة ولأخته حصّة ولجدّه حصّتان ولجدّته حصّتان ، فالمجموع يكون ستّ حصص ، وإنّما جعل الله تعالى حصّة الجدّ والجدّة أكثر من حصّة الأخ والأخت لأنّهما عاجزان عن العمل لكبر سنّهما أمّا الأخ والأخت فيمكنهما أن يكسبا ويحصلا على قوتِهما1 (فَإِن كَانُوَاْ) أي الإخوة (أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ) في العدد (فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ) الذي أصابَهم من الميراث ، والثلثان الباقيان للجدّ والجدّة (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ) أي غير موصين وصيّة تضرّ بالورثة ، يعني لا يوصي بماله لواحد من الورثة ويحرم الباقين من ماله ، أو يوقف ماله لبعض الأئمة أو المشايخ ويترك أطفاله معوزين فهذا لا يجوز (وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ) يوصيكم بِها فلا تخالفوا أوامره (وَاللّهُ عَلِيمٌ) بمصالح عباده (حَلِيمٌ) لا يعاجل العصاة بالعقوبة .

---------------------------------------------------------

1 أمّا إذا كان أخ واحد للميّت وليس معه أخت فله الثلث ولجدّه ثلث ولجدّته ثلث ، وكذلك لو كانت أخت واحدة للميّت وليس معها أخ .



17 – (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ) اي التي ضمن على نفسه قبولَها بفضله (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ) أي يعملون الذنوب الصغائر بجهالة ، يعني جاهلين عقابَها وعاقبتها ، فالإنسان لم يزل جاهلاً حتّى يبلغ الأربعين من عمره فحينئذٍ يزداد عقله بالتجارب ويذهب جهله بالتدريج وفي ذلك قال الشاعر:

وماذا يَلمِزُ الأعداءُ منّي وقدْ جاوَزْتُ سنّ الأربعينا

(ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) أي من وقت قريب لليوم الذي عملوا فيه الذنب ، والمعنى يتوبون بعد فراغهم بوقت قريب (فَأُوْلَـئِكَ) التائبون (يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ) اي يقبل توبتهم (وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً) بمصالح العباد (حَكِيماً) فيما يعاملهم به .

18 – (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) المقبوله عند الله هي (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) على الدوام (حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ) ملك (الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) فأولائك لا تقبل توبتهم (وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) فأولائك لا تقبل توبتهم بعد الموت و (أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا) أي أعددنا يعني هيّأنا (لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) في الآخرة .

29 – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) أي لا يأخذ بعضكم أموال بعض بدون استحقاق ، وذلك كالرشوة والقمار والربا وغير ذلك من اغتصاب أموال الناس (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً) أي مبايعة (عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) أي تجارة صادرة عن تراضٍ منكم (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ) لسبب من الأسباب ، فإنّ بعض الناس ينتحر لسبب فقر أصابه أو كرب أو ضيق أو شدّة ، فإن أصابك كرب أو مصيبة فلا تقتل نفسك بل اسأل من ربّك أن يفرّج كربك واصبر قليلاً فإنّ الله تعالى سيفرّج عنك كربك ويزيل همّك ويشرح صدرك ، فقد قال الله تعالى في سورة الشرح {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وقيل في المثل : الصبر مفتاح الفرج (إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فلا يريد الله أن يديم عليكم العسر بل يريد أن يمتحنكم بذلك فيرى هل تصبرون أم تكفرون .




منقول من كتاب المتشابه من القرآن
للراحل محمد علي حسن الحلي ( رحمه الله تعالى )
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-26-2013, 04:38 PM   #5
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء (5 )

بسم الله الرحمن الرحيم

30 – (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ) فيأكل أموال الناس (عُدْوَانًا) أي تجاوزاً لحدود الله وذلك كالسلب والنهب والسرقة (وَظُلْمًا) وذلك كالرشوة والربا وإنكار الأمانة وغير ذلك (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) يصلى بِها يوم القيامة (وَكَانَ ذَلِكَ) العذاب في النار (عَلَى اللّهِ يَسِيرًا) أي هيّناً لا يمنعه منه مانع ولا يدفعه عنه دافع . واعلم أنّ الدنيا مدرسة للإنسان فالحوادث والمصائب تكسب الإنسان معلومات فيزداد عقله تدريجياً فيصبح عالماً بالأمور وفي ذلك قيل :

جزَى الله الشدائدَ كلّ خيرٍ عرفتُ بِها عدوّي مِن صديقي

ولو كُشِف الغطاء عن الإنسان لعلم أن ليس في الدنيا مصيية حتّى الموت ، وإليك مثلاً في ذلك : إنّ أعزّ الأشياء على الإنسان في الدنيا إبنه الصغير إذا كان عمره بضع سنوات لأنّه يأنس به ويلاعبه ، فإذا مات هذا الولد فموته أكبر مصيبة على والديه ، وفي ذلك قيل : موت الولد صدع في الكبد لا ينجبر إلى الأبد . فلو كشف الغطاء عن والده وعَلِم عِلْمَ اليقين لرأى أنّ موتَ ابنه الصغير نعمة من الله عليه وليست مصيبة . ولعلّك أنكرت عليّ ايّها القارئ الكريم قولي هذا فتقول : كيف يكون موت الولد نعمة ؟ أقول لك إنّ الإنسان لا يموت بل ينتقل بموته من عالم مادّي إلى عالم أثيري ، وأرواح الأطفال لا تكبر بل تبقى على ما كانت عليه حين موتِها ، فالإنسان لا يتناسل في عالم الأثير ولا يكون له أولاد إلاّ من مات وهو طفل صغير ، فإذا مات أبوه وجد ابنه هناك فيفرح به ويبقى الولد عند أبويه يأنسان به ويلاعبانه في عالم الأثير ، فحينئذٍ يعلمان علم اليقين بأنّ موت ابنهما وهو طفل صغير كان نعمة من الله عليهما إذ لو لم يمت لَما كان لهما طفل في عالم الأثير يأنسان به ، فحينئذٍ يشكران الله على موت ابنهما في سنّ الطفولة .

وهكذا كلّ المصائب لو صبرنا عليها لوجدناها في العاقبة نعمة وليست مصيبة ، فهوّن عليك الأمور ولا تحزن لِما فاتك ولا تفرح بِما آتاك .

31 – لَمّا نزل قوله تعالى في سورة الزمر {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ، قال بعض الصحابة يا رسول الله أيغفر الله الكبائر والصغائر ؟ فنزلت هذه الآية (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) والمعنى إن تجتنبوا الكبائر نكفّر عنكم الصغائر إذا تبتم ، يعني إن تبتم عن ذنب صغير نقبل توبتكم ، وإن تبتم عن ذنب كبير فلا نقبل توبتكم حتّى يقام عليكم الحدّ إن كان فيه حدّ وترجعوا أموال الناس وحقوقهم إن كنتم اغتصبتم حقوقهم ثمّ تتوبون فحينئذٍ نقبل توبتكم .

فالسارق يجب عليه أن يعيد المال الذي سرقه إلى صاحبه ثمّ يتوب ، وعاقّ الوالدين يجب عليه أن يرضي أبويه ثمّ يتوب ، وقاتل النفس يجب عليه أن يدفع ديتها ثمّ يتوب ، والذي يرمي المحصنة بالفحشاء1 يجب عليه أن يطلب رضاها فيدفع لها الأموال أو يعمل معها معروفاً حتّى ترضى عليه وتغفر له زلّته ثمّ يتوب ، وهكذا يجب عليه أن يؤدّي حقوق الناس التي اغتصبها ثمّ يتوب فتقبل توبته وإلاّ فلا .

والكبائر كلّ ذنب يقام عليه الحدّ ، أو اغتصاب حقّ من حقوق الناس ، وأعظم الكبائر الإشراك بالله ، ومن الكبائر قتل النفس المؤمنة وأكل الربا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وعقوق الوالدين والفرار من الزحف في قتال الكافرين ، والزنا بامرأةٍ متزوّجة ، ومنع المرأة من الزواج ، والفتنة بين صديقين حتّى تكون بينهما العداوة ، وإيقاع المحصنة بالزنا وغيرها من الذنوب (وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) اي مكاناً طيباً حسناً وذلك لِمن تجنّب الكبائر وتاب عن الصغائر .

---------------------------

1 أي يتّهمها بالزنا وهي غير زانية فيجب عليه أن يعترف بخطيئته عند من ذكرها عنده بالزنا .



33 – (وَلِكُلٍّ) من الرجال والنساء (جَعَلْنَا مَوَالِيَ) مفردها مولى ، وهو الذي يتولّى أمرك ويقوم بإدارة شؤونك ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} . يعني سيّدكم والذي يقوم برعايتكم , ومِمّا يؤيّد هذا قول زكريّافي سورة مريم {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي} أي خفت من تكون له الولاية على الحكم من بعدي . والمعنى جعلنا لكلٍّ من الرجال والنساء ولايةً ورعايةً على حصصهم وأملاكهم من الميراث (مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ) من المال .

ثمّ أوصى سبحانه في المماليك بأن يعطوهم حقّهم إذا استعملوهم في تجارة أو صنعة أو حرفة فقال (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) من العبيد (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) من المال الذي اكتسبوه ، والمعنى والذين تعاقدتم معهم على تجارة يتاجرون بِها لكم أو حرفة أو عمل أوصنعة يشتغلون بِها ويأتونكم بالمال الذي يحصلون عليه فآتوهم نصيبهم منه كما تعاقدتم معهم ، فأن تعاقدتم معهم بالمناصفة فأعطوهم نصف الربح من التجارة ونصف المال من عملهم إن عملوا ولا تنقصوهم من حقّهم شيئاً (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) أي حاضراً يسمع ويرى فيعاقبكم في الآخرة إن لم تعطوهم نصيبهم .

فالمعاقدة هي المعاهدة والمكاتبة ، ونظيرها في سورة النور قوله تعالى{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} .



منقول من كتاب المتشابه من القرآن

للراحل محمد علي حسن الحلي ( رحمه الله تعالى )

التعديل الأخير تم بواسطة عبد القهار ; 04-26-2013 الساعة 04:41 PM
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-29-2013, 05:29 PM   #6
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 6)

بسم الله الرحمن الرحيم


36 – (وَاعْبُدُواْ اللّهَ) وحده (وَلاَ تُشْرِكُواْ) في العبادة (بِهِ شَيْئًا) من المخلوقين والمخلوقات فلا تعبدوا الملائكة ولا الأنبياء ولا الأئمة ولا المشايخ ولا القبور بل اجعلوا أعمالكم خالصة لوجه الله (وَ) أحسنوا (بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) بالقول والعمل (وَبِذِي الْقُرْبَى) أي الأقرباء (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى) أي جارك القريب منك في الجوار يعني الذي داره أمام دارك (وَالْجَارِ الْجُنُبِ) اي جارك الذي عن جنبك يعني عن يمينك وعن شمالك أحسِن إليه أيضاً (وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) يعني رفيقك في سفرك والعامل في معملك والحارث في زرعك والفلاّح في بستانك والراعي في غنمك وغير ذلك مِمّن يعمل عندك (وَابْنِ السَّبِيلِ) أي المسافر ، يعني الغريب المنقطع يجب عليك أن تحسن إليه وتكرمه ، وكذلك الضيف فإنه مسافر عن أهله فيجب عليك أن تكرمه وتحسن إليه ، ومدّة الضيافة ثلاثة أيام وبعدها يأكل صدقة (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) من المماليك والعبيد والخدم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً) أي متكبّراً على العمّال والخدم وغيرهم (فَخُورًا) على الناس بِما أوتي من المال .

43 – جلس اثنان من الصحابة في المسجد يتحدّثان ليلاً وكان أحدهما نعساناً ، فجاء رجل آخر وأخذ يصلّي قريباً منهما فقرأ في صلاته {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، فقال الجالس لرفيقه النعسان هل تحفظ هذه السورة ؟ فقال نعم ، وأخذ يقرأ يا أيّها الكافرون أعبد ما تعبدون . فنزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى) من النعاس ، والمعنى لا تجلسوا في المساجد قرب المصلّين وأنتم سكارى من شدّة النعاس (حَتَّىَ) معناها كي (تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) أي كي تعلموا ما تقرؤون . فقد روي عن عائشة عن النبيّ أنّه قال : إذا نعس أحدكم وهو يصلّي فلينصرف لعلّه يدعو على نفسه وهو لا يدري . فالنعسان كالسكران ، وقد يكون الإنسان سكرانا من الهموم أو العذاب ، فقد قال الله تعالى في سورة الحج {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}1 ، (وَلاَ) تجلسوا في المساجد (جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ) فلا بأس من ذلك ، يعني إلاّ إذا كان المسجد له بابان وأراد أحدكم أن يعبر الطريق فيدخل من هذه الباب ويخرج من الأخرى وهو مجنب فلا بأس عليه ، أمّا الجلوس في المسجد فلا يجوز لِمن كان مجنباً (حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ) بالماء من حدث الجنابة فحينئذٍ لا بأس عليكم من الجلوس في المساجد .

ثمّ بيّن سبحانه الحكم في ذلك عند فقدان الماء وحكم المريض الذي يضرّه الماء فقال (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى) في مرض يضرّه الماء (أَوْ عَلَى سَفَرٍ) أي مسافرين ولم تجدوا ماءً (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ) أي من التغوّط وهو كناية عن قضاء الحاجة (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) المراد به الجماع (فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء) لتغتسلوا وتتطهّروا (فَتَيَمَّمُواْ) أي فاقصدوا (صَعِيدًا طَيِّبًا) أي طاهراً من الأقذار ، والصعيد وجه الأرض ، يعني المكان المرتفع قليلاً (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) من ترابه ، وذلك بأن تبسط كفّيك وتضرب التراب مرّةً وتمسح بِها وجهك وضربة ثانية تمسح بِها يديك إلى المرفقين (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا) بالترخيص لكم والتيسير (غَفُورًا) عن الخطأ والتقصير . وعند حضور الماء يبطل التيمّم إلاّ المريض الذي يضرّه الماء ، وإذا كنت جنباً وجلست [: أي استيقظت من نومك] متأخّراً وقد ضايقك الوقت لصلاة الصبح وكان الوقت شتاءً فلا تغتسل بالماء البارد فتعرّض نفسك للمرض فتوضّأ وصلِّ قبل فوات الوقت ثمّ سخّن الماء واغتسل عن الجنابة ، وإذا كان في وجهك جرح يضرّه الماء فتيمّم وصلِّ وإذا كان الجرح في إحدى يديك أو رجليك فتوضّأ وامسح فوق الضماد الذي على الجرح وصلِّ .

------------------------------

[1 جعل المفسّرون ينصّون على أنّ في القرآن ناسخاً ومنسوخاً ولم يفطنوا لمعنى النسخ إلاّ المؤلّف نفسه فنصّ على عدم وجود الناسخ والمنسوخ ، بينما كان تفسيرهم تفسيراً لا ترتضيه العقول ولا تتقبّله النفوس ، ومن ذلك هذه الآية التي كانوا قد زعموا أنّها أوّل آية حرّمت الخمر تدريجياً والحقيقة أنّ السكر كان من النعاس لا من الخمر الذي زعموا ، وبذلك يكون المؤلّف أوّل من أفحم أهل الكتاب في زعمهم أنّ توراتهم وإنجيلهم مثبتان بينما القرآن فيه منسوخ . فليس القرآن إلاّ مثبَتاً جميعه – المراجع]




منقول من كتاب تفسير المتشابه
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى

التعديل الأخير تم بواسطة عبد القهار ; 04-29-2013 الساعة 05:42 PM
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-2013, 03:16 PM   #7
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 7 )

بسم الله الرحمن الرحيم




44 – (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى) اليهود (الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا) أي قسطاً أو حصّة (مِّنَ الْكِتَابِ) يعني من الكتب السماوية وهو التوراة (يَشْتَرُونَ) أي يستبدلون (الضَّلاَلَةَ) بالهدى إذا سألتموهم شيئاً فبدل أن يرشدوكم إلى الصواب يضلّونكم عن الحقّ (وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ) أي الطريق فيفرحون بذلك لأنّهم أعداؤكم .

45 – (وَاللّهُ أَعْلَمُ) منكم (بِأَعْدَائِكُمْ) أيّها المسلمون فلا توالوهم ولا تستنصروهم (وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا) عن ولايتهم (وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا) عن نصرتهم .

46 – (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ) أي من اليهود فريق (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) أي يغيّرون الكلام عن أصله فيسبّون بدل أن يحمدوا (وَيَقُولُونَ) إذا سمعوا قول الرسول (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) أي يقولون سمعنا جهراً وعصينا سراً (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) أي ويقولون اسمع منّا يا محمّد ما نقول ، وفي قلوبهم يقولون غير مسمع منك ، أي لا نسمع لقولك (وَرَاعِنَا) أي أمهلنا لنفهم ما تقول ، ولكنّهم يقصدون بِهذه الكلمة الرعونة أي خفّة العقل (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ) أي تقلّباً وفتلاً بألسنتهم من الكلام الحسن إلى الكلام المكروه (وَطَعْنًا) منهم (فِي الدِّينِ) الذي أنتم عليه أيّها المسلمون (وَلَوْ أَنَّهُمْ) أي اليهود (قَالُواْ سَمِعْنَا) قولك (وَأَطَعْنَا) أمرك (وَاسْمَعْ) منّا ما نقول (وَانظُرْنَا) أي انتظرنا قليلاً كي نفهم ما تقول (لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ) مِمّا تكلّموا به (وَأَقْوَمَ) أي وأعدل وأصوب في الكلام من الطعن (وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ) في قديم الزمان (بِكُفْرِهِمْ) أي بسبب كفرهم بالله وعبادتهم للبعل والأوثان وعشتاروث (فَلاَ يُؤْمِنُونَ) بك يا محمّد (إِلاَّ قَلِيلاً) منهم . وكان كما أخبر الله تعالى عنهم فقد آمن منهم نفر قليل وهم عبد الله بن سلام وأصحابه .

47– ثمّ خاطب الله اليهود بالتخويف والتحذير فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ) يعني التوراة (آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا) على محمّد من القرآن الذي هو (مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم) من التوحيد ونبذ عبادة الأصنام (مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا) الوجوه يعني الوجهاء وهم القادة والرؤساء ، والطمس محو الأثر منهم ، والمعنى من قبل أن نمحو رؤساءهم ووجهاءهم من قيد الحياة فنهلكهم بالموت ولا نبقي لهم قادة يقتدون بِهم (أَوْ نَلْعَنَهُمْ) بالعذاب بأن ننزل عليهم الطاعون أو نوعاً آخر من المرض أو نجعلهم مغلوبين أذلاء صاغرين (كَمَا لَعَنَّا) أسلافهم وهم (أَصْحَابَ السَّبْتِ) الذين اعتدوا فيه فصادوا السمك يوم السبت فلعنّاهم بالعذاب (وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ) الذي وعد به من طمس الوجوه أو لعنها بالعذاب (مَفْعُولاً) أي كائناً لا محالة .




منقول من كتاب تفسير المتشابه

للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-2013, 02:32 PM   #8
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 8 )

بسم الله الرحمن الرحيم


48 – لَمّا نزلت هذه الآية في سورة الزمر : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ...الخ } تلاها النبيّ على المنبر فقام إليه رجل فقال والشرك بالله ؟ فنزلت هذه الآية (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) والمعنى إنّ الله لا يغفر للمشركين ذنوبهم ولو كانت من الصغائر ، وذلك لأنّ الإشراك بالله أكبر الكبائر (وَيَغْفِرُ) للموحّدين (مَا دُونَ ذَلِكَ) أي ما دون الإشراك ، والمعنى ويغفر ذنوب الموحّدين وإن كانت من الكبائر ولكن بشروط ، وهي التي ذكرناها في تفسير قوله تعالى [في هذه السورة] {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} ، (لِمَن يَشَاء) يعني لمن يحبّ ، فإنّ الله تعالى يحبّ الموحّدين والصالحين والمترحّمين على الناس ، ولا يحبّ المشركين والمنافقين والكافرين والظالمين الذين يظلمون الناس (وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى) أي كذب بادّعائه أنّ هؤلاء شفعاؤه عند الله وأثم على ذلك (إِثْمًا عَظِيمًا) غير مغفور له .

وهنا أوجّه سؤالاً إليك أيّها القارئ الكريم وهو : هل أنت من الموحّدين فتفوز بالغفران أم أنت من المشركين فتحرم من الجنان ؟

أقول إنّ أكثر الناس اليوم مشركون ولكن لا يعلمون أنّهم على منهج الإشراك بل يحسبون أنّهم مهتدون وعلى طريق الحقّ سائرون ، وقد قال الله تعالى فيهم وفي أمثالهم [ في سورة الكهف ]{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} ، والمعنى أنّ هؤلاء يصلّون ويصومون ويتعبّدون وينفقون ولكن يشركون بعبادتِهم غير الله فلذلك خسروا أعمالهم فضلّت أي ضاعت وذهبت أدراج الرياح فلا يجزون عليها وذلك لأنّهم أشركوا بِها المخلوقين مع الخالق .

وإذا سألت أحداً من هؤلاء لماذا تشرك ؟ فيجيبك قائلاً : أنا لم أشرك بربّي أحداً ، فإن قلت له لماذا تعبد الصنم أو البقرة أو غير ذلك ؟ فيقول هؤلاء شفعاؤنا عند الله . وبذلك يعتقد أنه موحّد غير مشرك وإنّما يقدّس هذا المخلوق ويحترمه ليشفع له عند الله ، ولذلك لَمّا يسألون يوم القيامة يقولون : والله ربِّنا ما كنّا مشركين .

ولقد قال لي أحد الخدم في كربلاء أنه سافر إلى الهند فرأى قوماً يعبدون البقر فقال لأحدهم هل تعتقد أنّ هذه البقرة إلاهك فتعبدها ؟ فقال : كلاّ إنّ ربّي الله الذي خلقني ورزقني ، قال : إذاً لماذا تعبد هذه البقرة ؟ قال : أصغِ إليّ لأفهمك ، قلت أنا صاغٍ إلى قولك ، قال إننا بشر وهل في البشر أحد لا يذنب ، قلت كلاّ كلّنا مذنبون ، قال هل لهذه البقرة ذنب ؟ قلت كلاّ إنّها حيوان وليس على الحيوان واجبات دينية ، قال إذاً هذه البقرة أقرب عند الله منّي لأنّها لم تذنب وأنا أذنبت فأنا أجعلها شفيعة عند الله .

فهذه عقائد وجدوا آباءهم سائرين عليها فساروا خلفهم وقالوا : إنًا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون .

والآن أعطيك أسئلة امتحان إمتحن نفسك بِها وبعد الامتحان انظر وفكّر واعرف نفسك هل أنت من الموحّدين أم من المشركين ، فإن وجدت نفسك من الموحّدين فقل الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله . وإن وجدت نفسك من المشركين فاترك الإشراك ولا تتمسّك بالتعصّب فتخسر وكن من الموحّدين تنجح في الدارين .

أوّلاً أنظر هل أنت من المقلّدين أم من المفكّرين ، فإن كنت من المقلّدين فاترك التقليد واستعمل عقلك وفكرك في كلّ موضوع لأنّ المقلّد كالأعمى فمتى صادف بئراً أو حفرة سقط فيها ، أمّا المفكّرون فلا يسقطون في بئر ولا حفرة لأنّهم يبصرونَها فيحيدون عنها ، وقد ذمّ الله المقلّدين في القرآن ومدح المفكّرين والعقلاء فقال تعالى في المقلّدين في سورة الزخرف {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} فردّ الله عليهم قولهم وقال {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ} ، وقال تعالى في سورة الزخرف {قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} . ثمّ بيّن سبحانه بأنّ المتبوعين يتبرّؤون من تابعيهم يوم القيامة فقال قي سورة البقرة : {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} .

أمّا المفكّرون فقد مدحهم الله تعالى فقال في سورة الرعد {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، وقال أيضاً في سورة الرعد {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ، وقال تعالى في سورة النور{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ} ، فكن أنت من المفكّرين ولاتكن من المقلّدين فتخسر .

ثانياً – أنظر وتأمّل إلى نفسك وعقائدك هل أنت مِمّن يجعل له شفعاء يشفعون له عند الله ويتّخذ له أولياء يقرّبونه إلى الله زلفى كمن سبق ذكره أم مِمّن يوجّه وجهه لله ويجعل رحمته هي الشفيع وانقطاعه إلى الله هو الذي يقرّبه زلفى ، فقد قال الله تعالى في سورة الزمر {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .

وقال تعالى أيضاً في سورة البقرة {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ، وقال أيضاً في سورة غافر {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} .

وقال عليّ بن الحسين في دعائه المعروف بأبي حمزة الثمالي : "الحمد لله الذي أناديه كلّما شئت لحاجتي وأخلو به حيث شئت لسرّي ، بغير شفيع فيقضي لي حاجتي ، والحمد لله الذي أدعوه ولا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ."

فتأمّل إلى قول زين العابدين وتعلّم منه فإنّه يقول "بغير شفيع فيقضي لي حاجتي" ، ثمّ يقول "والحمد لله الذي أدعوه ولا أدعو غيره" فإنّك إن دعوت غير الله لقضاء حوائجك فلن يستجيب لك ولن يقدر على ذلك ، وإنّ الله تعالى لا يرضى بذلك ولا يقضي حوائجك لأنّك سألت حاجتك من المخلوقين وتركت الخالق ، فقد قال تعالى في سورة الأعراف {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} .

وجاء في الحديث القدسي قال الله تعالى (يا موسى إسألني ولو ملحاً لطعامك ." والمعنى : إسأل حاجتك منّي ولو كانت بسيطة ولا تسأل من غيري .

فإنّك إن سألت حاجتك من الله ولم تسأل غيره من المشايخ أو الأئمّة أو الأنبياء فإنّ الله تعالى ينظر إليك بالرحمة ويباهي بك الملاكة فيقول أنظروا يا ملائكتي إلى عبدي هذا فإنه عرفني حقّ معرفتي فوجّه وجهه نحوي وسأل حاجته منّي ولم يسأل غيري .

وإليك بعض الأمثال أذكرها لك لتكون من الموقنين : لو كنت جالساً في بعض الأندية مع جماعة ولك فيهم صديق وأنت تتكلّم معه في بعض شؤونك وكنت غنياً ونفسك أبيّة وجاء ابنك فجأةً وسلّم على صديقك وقال يا عمّ أعطني عشرة تفاليس لأشتري بِها بعض الأشياء . فما يكون حالك حينذاك وما أنت صانع به هل ترضى منه ذلك أم تأبى ؟ طبعاً إنّك تأبى أن يأخذ ابنك من صديقك بعض النقود وأنت جالس ، فتقول لابنك لماذا تطلب من هذا الرجل بعض النقود بحضوري فهل أنا عاجز عن أداء طلبك وهل تركتك يوماً بلا نقود أو تركتك يوماً جائعاً فمن يقوم كلّ يوم بتربيتك ومن يأتيك بطعامك وشرابك ومن يأتيك بالملابس وبما تحبّ وتشتهي لماذا لم تسأل منّي فأعطيك أفلا استحييت أفلا قصر لسانك أفلا شلًت يدك ؟

فتأخذ أنت في تأنيبه وتأديبه كي لا يعود إلى مثل ذلك .

فإن قال ابنك أنا لم أسأل حاجتي من رجل غريب بل هو صديقك ، فتقول له أنا لا أقبل أن تسأل أحداً شيئاً وإن كان صديقي .

فكذلك الله تعالى لا يرضى أن تسأل حاجتك من أحد وإن كان المسؤول نبيّاً من الأنبياء أو ملكاً من الملائكة فإن سألت حاجتك من أحد من المخلوقين فإنّ الله تعالى يقول لك لقد تركتني وذهبت تسأل حاجتك من مخلوق مثلك ألم تعلم أنّه عاجز عن قضاء حاجتك أم تعلم أنّي على كلّ شيء قدير ألم تكن صغيراً فأنشأتك ألم تكن عارياً فكسوتك ألم تكن جائعاً فأشبعتك ألم تكن ضعيفاً فقوّيتك هل تركتك يوماً بلا طعام حين كنت مضطجعاً في المنام ولم تكن قادراً على الكلام ألم أحنّن عليك أبويك ألم أجعل الغذاء ميسوراً بين يديك فالويل لك والعار عليك إذا سألت حاجتك من غيري .

ثالثاً – أنظر إلى أعمالك وفكّر فيها فهل تجعلها خالصة لوجه الله أم تشرك بِها أحداً من المشايخ أو الأنبياء أو غيرهم من أولياء الله ، فإن جعلتها لله وحده فإنّ الله تعالى يتقبّلها منك ويأجرك عليها ، ولكن إذا أشركت أحداً من المخلوقين بأعمالك فإنّ الله لا يقبلها منك ولا يثيبك عليها ، وهي الإنفاق في سبيل الله والاستعانة بالله والنذر لله والتعظيم لله وما أشبه ذلك ، فإن أنفقت من مالك في سبيل الله فإنّه تعالى يتقبّله منك ويأجرك عليه ويعوّضك بدله عشرة أضعاف في الدنيا وسبعمائة في الآخرة .

ولكن إذا أنفقت في سبيل المشايخ أو الأئمّة أو الأنبياء أو غيرهم من الملائكة والمقرّبين فإنّ الله لا يقبله منك ولا يأجرك عليه بل يعاقبك على ذلك لأنّك أنفقت في سبيل غيره ، وكذلك إذا أوقفت ملكاً لغير الله فإنّه تعالى لا يقبله منك ولا تؤجر عليه .

وكذلك النذر للمشايخ والأنبياء لا يجوز فإن نذرت لغير الله فلا تؤجر بل تعاقَب عليه ، ولا يجوز النذر إلاّ لوجه الله وحده .

ثمّ الاستعانة بالمشايخ أو الأنبياء أو الأئمّة لا تجوز فمن استعان بغير الله فقد أشرك ، فإنّنا يجب علينا أن نسير على نهج هؤلاء الأولياء لا أن نخالفهم في نهجهم فإنّهم كانوا يذكرون الله عند قيامهم و عند قعودهم وعند اضطجاعهم ولا يستعينون بغيره ولذلك مدحهم الله في كتابه المجيد فقال في سورة آل عمران {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، وأنزل فيهم قوله تعالى في سورة الإنسان {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} ، فقوله تعالى {عَلَى حُبِّهِ} ، أي على حبّ الله ، فتأمّل أنّ الله تعالى قال {عَلَى حُبِّهِ} ولم يقل على حبّ الأنبياء والأولياء ، ويؤيّد ذلك قوله تعالى [في الآية التالية] {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا } .

فإن كنت مِمّن ينذر للمشايخ والأنبياء أو يستعين بِهم في قيامه وقعوده أو ينفق ماله على حبّهم أو مِمّن يقدّس قبورهم ويتبرّك بِها فأنت من المشركين ، فاترك هذه العادات واجعل أعمالك خالصة لوجه الله تنجح في الدارين .




منقول من كتاب تفسير المتشابه
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-2013, 01:19 PM   #9
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 9)

بسم الله الرحمن الرحيم


49 – (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى) النصارى (الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ) من الذنوب ، يعني يزكّي بعضهم بعضاً . من عادات النصارى وعقائدهم أنّ المذنب منهم يأتي إلى القسّ فيعترف بذنبه فيغفر له القسّ ذنبه ويصفح عنه . فأنكر الله تعالى عليهم أعمالهم وسفّه عقائدهم فقال (بَلِ اللّهُ يُزَكِّي) من الذنوب (مَن يَشَاء) تزكيته ، وليست التزكية بيد القسّيسين ، فسيعذّبهم الله على أفعالهم (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) أي قدر حبّة الفتيل . [ويسمّى حبّ العرفط]

50 – وقال القسّيسون إنّ الله أذن لنا أن نزكّي المذنبين . فردّ الله عليهم قولهم فقال (انظُرْ) يا محمّد (كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ) بقولهم هذا (وَكَفَى بِهِ) أي بكذبهم (إِثْمًا مُّبِينًا) أي إثماً بيّناً واضحاً .

51 – سأل أبو سفيان نفراً من اليهود ما تقولون في محمّد هل هو مجنون أو عالم ؟ قالوا بل عالم دارس ، قال هو أعلم أم علماؤكم ؟ قالوا بل علماؤنا وخاصةً منهم الكاهن حي بن أخطب وكعب بن الأشرف ، قال ودينه حقّ أم دينكم ؟ قالوا بل ديننا ، قال وقرآنه من عنده أم وحي من السماء ؟ قالوا لو كان وحياً لنزل علينا فنحن أحقّ بالوحي منه ولو كانت نبوّة لكانت فينا . فنزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى) اليهود (الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ) يعني حصّة من الكتب السماوية وهي التوراة (يُؤْمِنُونَ بِ) علمائهم ويقلّدونهم ولو كانوا على ضلال ومع ذلك يقدّسونهم وخاصةً منهم (الْجِبْتِ) يعني الكاهن ، ويريد به حي بن أخطب (وَالطَّاغُوتِ) كناية عن كلّ شخص طاغٍ متكبّر ، ويريد بالطاغوت كعب بن الأشرف (وَيَقُولُونَ) يعني اليهود يقولون (لِلَّذِينَ كَفَرُواْ) يعني أبا سفيان وأصحابه لَمّا سألوهم هل محمّد أعلم أم علماؤكم ، فأجابوا (هَؤُلاء) إشارة إلى علمائهم (أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ) يعني من محمّد وأصحابه (سَبِيلاً) أي طريقاً غلى الصواب وأكثر علماً . فردّ الله عليهم قولهم وكذّبهم ولعنهم فقال تعالى (أُوْلَـئِكَ) إشارة إلى حي بن أخطب وكعب بن الأشرف ومن تبعهم (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ) أي أبعدهم الله عن رحمته وجعلهم مِمّن يستحقّون العذاب (وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ) أي ومن يلعنه الله (فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) ينصره ويخلّصه من عذاب الله .

52 – ثمّ بيّن سبحانه بخل اليهود وحسدهم لرسول الله فقال (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ) وهنا تقدير محذوف وهو : هل الأرض ومن عليها ملكهم فيتصرّفون فيها كما يشاؤون فيريدون أن ينزل الوحي عليهم ولا ينزل على غيرهم أم لهم نصيب معنا في الملك ، أي حصّة من الملك فيعترضون علينا بنزول الوحي على محمّد (فَ) لو كان الملك بأيديهم (إِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) يعني لم يعطوا العرب من الحبّ قدر ما ينقره الطير ، وهذا مثل يُضرَب في القلّة .

53– (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) أي العرب (عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) حيث بعث فيهم رسولاً (فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ) وهم محمّد وأصحابه ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ..الخ} ، وقال تعالى مخاطباً المسلمين في سورة الحج {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ} . فآل إبراهيم يريد بِهم المسلمين1 (الْكِتَابَ) هو القرآن (وَالْحِكْمَةَ) يعني العلم والفهم (وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) في المستقبل ، يعني وقدّرنا لهم ملكاً عظيماً ينالونه في المستقبل ، فحسدكم أيّها اليهود لا يزيدكم إلاّ غماً وعنادكم لا يزيدكم إلاّ هماً ، وإنّما قطعنا الوحي عنكم وآتيناه آل إبراهيم لأنّكم تمرّدتم على الله وتكبّرتم وعبدتم العجل والبعليم وعشتاروث وغيرها مِمّا استهوتها أنفسكم بعد أن أخذ الله العهود والمواثيق أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تعبدوا بقراً ولا شجراً ولا حجراً فنكثتم العهود ونقضتم المواثيق مراراً عديدة وعبدتم الأوثان تكراراً فرفضكم الله واختار غيركم ، ذلك بِما كسبت أيديكم وأنّ الله ليس بِظلاّمٍ للعبيد .

--------------------------------------------------------------------

1لأنّ نسل إبراهيم من إسرائيل قد انقرض جميعه ولم يبقَ منه بقيّة بنصوص التوراة نفسها كما جاء بكتاب (نهاية اليهودية) وأراد بالآل الرجال تمييزاً لهم عن الأهل أي النساء – المراجع




منقول من كتاب تفسير المتشابه
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2013, 01:48 PM   #10
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7601
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء (10)

بسم الله الرحمن الرحيم


54 – (فَمِنْهُم) يعني من اليهود (مَّنْ آمَنَ بِهِ) يعني بالكتاب الذي سبق ذكره ويريد به القرآن (وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ) ولم يؤمن (وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) لِمن صدّ عنه ولم يؤمن بِه .

59 – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ) لأنّه يدعو إلى الله ويعمل بأمر الله (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) أي وأطيعوا ولاة الأمر منكم إن حكموا بحكم القرآن وساروا بنهج الإسلام (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) من أمور دينكم (فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) يعني فراجعوا كتاب الله وهو القرآن إن لم يكن رسوله حاضراً معكم ، أمّا إذا كان رسوله حاضراً فردّوا تنازعكم إليه وهو يفصل بينكم ، هذا في زمانه أمّا اليوم فقد ذهب الرسول إلى جوار ربّه وبقي الكتاب فيجب أن نردّ تنازعنا إلى كتاب الله ليفصل بيننا ، أمّا الأحاديث الواردة فلا اعتماد عليها لأنّ أكثر الأحاديث مدسوسة ولذلك اختلف المسلمون فصاروا فرقاً عديدة ، فكلّ حديث ينطبق مع القرآن نقبله وكلّ حديث لا ينطبق مع القرآن لا نقبله (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) لأنّ من يؤمن بالله يقبل حكم القرآن ولا يعترض عليه (ذَلِكَ) الردّ إلى كتاب الله والرضا بحكمه (خَيْرٌ) لكم من التنازع والاختلاف فيما بينكم (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) أي وأحسن عاقبة .

60 – كان بين رجل من اليهود ورجل من المسلمين خصومة فقال المنافقون لصاحبِهم تحاكم مع اليهودي عند رئيسهم كعب بن الأشرف فإنّه يحكم لك ، فأبى اليهودي أن يتحاكم عند كعب وقال بل نتحاكم عند رسول الله وجاء إلى النبيّ فحكم النبيّ لليهودي فلم يرضَ المنافق بذلك وقال تعال نتحاكم عند عمر ، فقال اليهودي لعمر قضى لي رسول الله فلم يرضَ خصمي بقضائه ، فقال عمر للمنافق أكذلك ؟ قال نعم ، فقال عمر مكانكما حتّى أخرج إليكما ، فدخل عمر فأخذ سيفه ثمّ خرج فضرب به عنق المنافق وقال هكذا أقضي لمن لم يرض بحكم الله ورسوله .

ولَمّا سمع المنافقون الذين أغروا الرجل وقالوا له تحاكم عند كعب ، جاؤوا إلى النبيّ يعتذرون فنزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى) المنافقين (الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن (وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ) من كتب سماوية (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ) يعني إلى كعب بن الأشرف ، والطاغوت كناية كلّ طاغٍ متكبّر ، وهي كناية الشيطان أيضاً لأنّه تكبّر على آدم وامتنع عن السجود (وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ) وذلك من قوله تعالى في سورة البقرة {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} , (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ) بِما زيّن لهم (أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا) عن الحقّ .

61 – (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) أي للمنافقين (تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ) في القرآن من الأحكام (وَإِلَى الرَّسُولِ) في حكمه (رَأَيْتَ) يا محمّد (الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) أي يعرضون عنك إعراضاً .

62 – (فَكَيْفَ) يكون حالهم (إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ) من مرض أو قتل أو فقدان ولد أو غير ذلك عقاباً لهم (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من الكفر والنفاق (ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا) أي ما أردنا بالمحاكمة إلى غيرك (إِلاَّ إِحْسَانًا) إلى الخصم (وَتَوْفِيقًا) إلى الصلح بين الخصمين .

65 – (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ) تقديره فوربّك لا يؤمنون و " لاَ " للمستقبل و "الواو" للقسم (حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ) يا محمّد (فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي حتّى يجعلوك حكماً فيما وقع بينهم من الخصومة والجدال فحينئذٍ تعلم أنّهم آمنوا بك (ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا) أي ضيقاً وكراهةً (مِّمَّا قَضَيْتَ) به ، أي مِمّا حكمت به (وَيُسَلِّمُواْ) لأمرك (تَسْلِيمًا) مطلقاً فلا يعترضون عليك فحينئذٍ تعلم أنّهم آمنوا إيماناً صادقاً أمّا اليوم فليسوا بمؤمنين .




منقول من كتاب تفسير المتشابه
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرد على الملحدين ( متسلسل ) عبد القهار منتدى القرآن الكريم 12 05-20-2013 03:49 PM
الإنسان بعد الموت ( متسلسل ) عبد القهار منتدى القرآن الكريم 12 05-12-2013 02:22 PM
تفسير بعض من آيات سورة آل عمران ( متسلسل ) عبد القهار منتدى القرآن الكريم 13 04-08-2013 03:05 AM
تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( متسلسل ) عبد القهار منتدى القرآن الكريم 34 02-19-2013 12:41 AM
تفسير المادة (76) تفسير تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) الأستاذ منتدى الأخبار والمقالات السياسية 3 05-14-2010 04:36 PM


جميع المواضيع والمشاركات المطروحه في منتديات فدكـ الثقافية تعبر عن رأي أصحابها ولاتعبر عن رأي الإدارة

تطوير واستضافة: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) للإنتاج الفني

الساعة الآن: 12:53 PM.


Design By

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2010
جميع الحقوق محفوظة لـ: شبكة فدك الثقافية