التسجيل التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعه وفي كل ساعه وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .. اللهم انا نشهدكَ بأننا والينا محمدا وعلي وفاطمه والحسن والحسين والائمة المعصومين من ذرية الحسين .. وارواحنا فداء لحجتك المنتظر ..
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز المشرفة المميزه
كينج دمنهور افضل شركة مكافحة حشرات بالرياض
بقلم : علي ابوعلي
قريبا قريبا

العودة   منتديات فدك الثقافية > واحة المنتديات الأسلآمية > منتدى القرآن الكريم

منتدى القرآن الكريم كل مايخص ويهتم بدراسة القرآن الكريم وتفسيره وعلومه

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-07-2012, 08:48 PM   #11
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 11)

بسم الله الرحمن الرحيم




61 – (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ) وهو المنّ ، وأمّا السلوى لم تنزل عليهم على الدوام بل في بعض الأحيان (فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا ) أي الخضروات (وَقِثَّآئِهَا ) وهو خيار تعروزي (وَفُومِهَا ) أي الثوم ، وكان اسمه فوم في قديم الزمان ولكن عند اختلاف الألسن واللغة الأجنبية صاروا يسمّونه بالثوم ، والشاهد على ذلك قول الشاعر وهو يصف بستاناً ويصف زرعها :

كانتْ لَهمْ جنّةٌ إذْ ذاكَ ظاهرةٌ فيها الفراديسُ والفُومانُ وَالبَصَلُ

وإنّما قال الشاعر فومان لأنّ الثوم نوعان وهما الثوم العادي وثوم العجم ويسمّى عند العرب "سير" ، (وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ ) الله تعالى جواباً لسؤالِهم (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) يعني أتستبدلون الخضروات والثوم والبصل بالمنّ والسلوى ؟ (اهْبِطُواْ مِصْراً ) يعني ادخلوا مصراً من الأمصار 1 (فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) يعني تجدون فيها ما أردتم (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ) وذلك بطردهم من البلاد وتيههم أربعين سنة في القفر (وَالْمَسْكَنَةُ ) يعني الفقر (وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ) أي ورجعوا بعد عزّهم بغضب من الله ، وذلك الطاعون الذي أصابَهم فأهلك كثيراً منهم في البرّية والأفاعي التي كانت تلدغهم ، فإنّ الله تعالى أرسل عليهم الأفاعي فأخذت تلدغهم وذلك في طريق بحر سوف من جبل هور إلى أرض أدوم فمات كثير منهم من لدغ الأفاعي (ذَلِكَ ) إشارة إلى الذلّ والمسكنة والطاعون والأفاعي (بِمَا عَصَواْ ) أمر ربّهم ، أي بسبب عصيانِهم ومخالفتهم أمر ربّهم (وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) على ضعفائهم .

-----------------------------------------------

1 [أي إحدى المدن ، وليس قطر مصر كما توهّم بعض المفسّرين وكتّاب هذا العصر في أحاديثهم المتيسّرة ومجلاّتِهم . – المراجع ]



62 – ثمّ بيّن سبحانه بأنّ من آمن من جميع الأمم وصدّق رسله وسار على سننهم فلم يغيّر شرايع الله وعمل صالحاً فله أجره عند ربّه فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ) بمحمّد ، يعني المسلمين (وَالَّذِينَ هَادُواْ ) يعني اليهود (وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ) الذين ماتوا قبل مجيء محمّد ( مَنْ آمَنَ ) منهم (بِاللَّهِ) إيماناً خالصاً وصدّق رسله (وَالْيَوْمِ الآخِرِ) يعني صدّق بيوم القيامة (وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ) في الآخرة (وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من الشياطين في عالم البرزخ (وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) على فراق الدنيا بعد موتِهم .

63 – ثمّ عاد سبحانه إلى خطاب بني إسرائيل فقال (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ) يعني أخذنا عليكم الميثاق في زمن موسى بأن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تجترئوا على المعاصي ، فنقضتم المواثيق ونكثتم العهود وعصيتم أمر ربّكم وعبدتم العجل في زمن موسى والبعل بعد وفاته (وَ ) اذكروا أيضاً إذ أخذنا عليكم الميثاق لَمّا (رَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ) وهو الجبل الذي كان موسى يناجي فوقه ، وذلك لَمّا نزل بالألواح إليهم في المرّة الثانية قالوا ومن يصدّق أنّها من عند الله ، وكانوا تحت الجبل فاهتزّ الجبل وانشقّ ومالت الشقّة فوقهم وكادت تسقط عليهم فتقتلهم لولا أنّهم صاحوا آمَنّا وصدّقنا ، فاستقرّت الشقّة بِمكانِها ولم تسقط عليهم ، فأخذ موسى العهد عليهم بأن لا يعودوا إلى تكذيبه ، وقال لَهم : (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم ) من الألواح (بِقُوَّةٍ) يعني بقوّة عزم ويقين ، واعملوا بِما فيها من الأحكام ولا تكونوا شاكّين متردّدِين (وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ ) يعني واتّعظوا بِما في الكتاب أي التوراة ، فالذكر معناه الموعظة (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) عقابه إن اتّعظتم وعملتم بِما في التوراة . ونظير هذه الآية في سورة الأعراف قوله تعالى {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .

64 – (ثُمَّ تَوَلَّيْتُم) أي رجعتم عن طاعة الله (مِّن بَعْدِ ذَلِكَ) الميثاق (فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بأن بعث فيكم أنبياء وهداة (لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ) في الآخرة .

65 – (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ) يا بني إسرائيل قصة يهوذا والصوريّين الساكنين في يهوذا (الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ ) بأن اشتغلوا وباعوا واشتروا وصادوا السمك ، وكان محرّماً عليهم ذلك في السبت (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) أي مطرودين كالقردة .

فإنّ الله تعالى أوحى إلى نحميا بن حكليا أن يؤنّب رؤساء يهوذا على أعمالِهم وأن يغلق أبواب المدينة ليلة السبت لكيلا يأتي أحد من هؤلاء ليبيع ويشتري في السبت ، فأمر نحميا غلمانه بأن يغلقوا أبواب المدينة ولا يفتحوها إلاّ بعد السبت ، فبات هؤلاء خارج المدينة أذلاّء مطرودين بلا غطاء ولا وطاء ، وصعد نحميا فوق السور وأنّبهم على أعمالهم وأنّب رؤساء يهوذا على أعمالِهم فكان كلٌّ منهم يقول رأيت بني فلان يصيدون فصدنا نحن ورأينا بني فلان يبيعون فبعنا نحن ، فقال لَهم نحميا : إنّ القردة تقلّد الإنسان في أعماله فأنتم أصبحتم كالقردة تقلّدون عاملي الشرّ فلماذا لا تنهون عن عمل الشرّ بل تعملون كعملهم ؟



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-2012, 03:01 PM   #12
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 12)

بسم الله الرحمن الرحيم


66 – (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ) أي على هؤلاء المنافقين (أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم) كما كتبنا على بني إسرائيل فقتلوا أنفسهم لَمّا عبدوا العجل وخرجوا من ديارهم من مصر مع موسى ، فلو أمرنا هؤلاء المنافقين بذلك (مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ) وهم الذين سيتوبون في المستقبل ويصلحون أعمالهم (وَلَوْ أَنَّهُمْ) أي المنافقين (فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ) من إطاعة الرسول والاستغفار لذنوبهم ، وذلك من قوله تعالى في سورة النساء {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ..الخ} ، (لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ) من بقائهم على النفاق (وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) لقلوبهم على الإيمان ، أي وأشدّ ثباتاً على الإيمان .

76 – (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ) أمّا المنافقون فيقاتلون في سبيل الغنيمة (وَالَّذِينَ كَفَرُواْ) من قريش (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) يعني في سبيل الطاغية وهو أبو سفيان (فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ) يعني اتباع أبي سفيان ومن يواليه (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ) نحو المؤمنين (كَانَ ضَعِيفًا) لأنّ الله خاذله وفاشي سرّه للمؤمنين وناصرهم عليه وعلى أتباعه .

77 – كان جماعة من المسلمين يلقون من المشركين أذىً شديداً وهم بِمكّة قبل أن يهاجروا إلى المدينة فشكوا إلى رسول الله وقالوا إئذن لنا في قتالهم ، فقال كفّوا عن قتالهم وأقيموا الصلاة فإنّي لم أؤذن في ذلك ، فلمّا أمرهم النبيّ بقتال المشركين وهم في المدينة شقّ على بعضهم وتثاقلوا فنزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ) بمكّة (كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ) عن القتال (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ) بالمدينة بعد الهجرة (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ) أي قسم منهم (يَخْشَوْنَ النَّاسَ) أي يخافون القتل من الناس (كَخَشْيَةِ اللّهِ) في عقابه (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) يعني وبعضهم يخشى الناس أشدّ من خشية الله (وَقَالُواْ) من شدّة خوفهم (رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ) في هذه السنة (لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) يعني إلى السنة القادمة كي نرتاح في هذه السنة ونقضي بعض أشغالنا (قُلْ) يا محمّد لهم (مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ) بالنسبة للآخرة ، والدنيا دار عمل وعناء لا دار راحة وهناء وعمركم فيها قليل لا تسعكم للراحة فاعملوا في دنياكم وارتاحوا في آخرتكم (وَالآخِرَةُ خَيْرٌ) من الدنيا (لِّمَنِ اتَّقَى) المعاصي وأطاع الله (وَلاَ تُظْلَمُونَ) في جزاء أعمالكم (فَتِيلاً) بل يضاعف لكم في أعمالكم ولا ينقصكم منها شيئاً .

78 – ثمّ أخذ سبحانه في خطاب هؤلاء المنافقين فقال (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ) يعني أينما كنتم من المواضع والأماكن ينزل بكم الموت ويلحقكم (وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) يعني عامرة ومرتفعة ، والبروج تكون في أركان الحصون في كلّ ركن واحد ، والبرج يكون محكم البناء مستدير الشكل يجلس فيه الحرس والمراقبون وقت الحرب (وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) من ظفر وغنيمة (يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) من مكروه وهزيمة (يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ) يعني بسوء تدبيرك (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المنافقين (كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ) فإن كانت غنيمة فظفر وانتصار ، وإن كانت هزيمة فبلاء واختبار (فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ) أي ما شأن هؤلاء المنافقين (لاَ يَكَادُونَ) أي لا يقاربون (يَفْقَهُونَ) أي يفهمون (حَدِيثًا) أي قولاً ، والمعنى أنّهم لا يقربون من الوعظ والخطبة وقراءة القرآن ليتّعظوا وإن اقتربوا لا ينصتوا له وإن أنصتوا لا يعملوا به .

79 – كان النبيّ يملك جبّة فأتاه رجل يلتمس منه رداءً فخلع النبيّ جبّته وأعطاها له فأصابه البرد ، وكان يوماً عنده ثلاثة أرغفة من الخبز فجاءه سائل فأعطاه الخبز كلّه وبقي مع أهله بلا غذاء فأصابته خصاصة ، فنزلت هذه الآية (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ) أي من نعمة (فَمِنَ اللّهِ) أنعم بِها عليك (وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ) يعني من برد ومجاعة (فَمِن نَّفْسِكَ) لأنّك أعطيت جبّتك ولم يكن عندك غيرها فأصابك البرد ثمّ أعطيت خبزك كلّه للسائل فأصابتك خصاصة . وذلك قوله تعالى في سورة الحشر {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} أي مجاعة (وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) ليقتدوا بك ويتعلّموا منك فلا تعطِ كلّ ما عندك فتعرّض نفسك للمرض (وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) على أعمالك وحسن أخلاقك ، أي كفى بالله مراقباً لأعمالك وحسن فعالك .

80 – قال النبيّ لأصحابه سنذهب بعد بضعة أيام إلى قتال المشركين فاستعدّوا لهم . فقالوا سمعاً وطاعة . فأخذ المؤمنون يستعدّون أمّا المنافقون فإنّهم اجتمعوا ليلاً وتشاوروا فيما بينهم وقالوا : قولوا للنبيّ انتظرنا شهراً واحداً كي نقضي أشغالنا ثمّ نخرج جميعاً ، فإنّه سيتركنا ويذهب بمن معه ، فلمّا سمع النبيّ كلامهم اغتمّ لذلك فنزلت هذه الآية تسليةً للنبيّ (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ) ويستعدّ للقتال (فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) لأنّ الرسول يعمل بأمر الله (وَمَن تَوَلَّى) عنه ولم يخرج للقتال فإنّ الله سيعاقبه فلا يهمّك تخلّفه (فَمَا أَرْسَلْنَاكَ) يا محمّد (عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) أي تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها فإنّ الملائكة تحفظ أعمالهم وسنجازيهم عليها يوم القيامة فلا تغتمّ لذلك .

منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-2012, 01:12 PM   #13
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 13)

بسم الله الرحمن الرحيم


81 – (بَلَى ) تمسّهم النار ويعذّبون فيها كلّ عل مقدار خطيئته ، وليس الأمر على ما زعموا أنّهم يتعذّبون سبعة أيام (مَن كَسَبَ سَيِّئَةً ) يعني ذنباً (وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ ) يعني واظب عليها ولم يتب إلى الله منها (فَأُوْلَـئِكَ ) المواظبون على الخطايا (أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي باقون دائمون ، فالسيّئة هي الصغائر من الذنوب وليست من الكبائر ولا الإشراك والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} ، يعني إن تجتنبوا الكبائر من الذنوب نغفر لكم الصغائر .

فقوله تعالى (مَن كَسَبَ سَيِّئَةً ) يعني من كسب ذنباً من العلماء ، لأنّ الآية خاصة بعلماء اليهود ، وتشمل علماء النصارى والإسلام أيضاً ، والمعنى إنّ العلماء إذا أذنبوا ذنباً وإن كان صغيراً فإنّهم يستحقّون عليه النار لأنّ حكم العالم غير حكم الجاهل ، فالذنب من العالم أعظم من الإشراك الذي يكون من الجاهل ؛ لأنّ الجاهل يلقي نفسه في النار فقط ، والعالم يلقي نفسه ومن يقتدي به . 1

والذنب العظيم الذي يكون من العالم ليس التهاون والتماهل في الطاعات ولا التعرّض إلى بعض المحرّمات التي تخصّ نفسه ، ولكنّ الذنب العظيم الذي يصدر منه سنّة يسنّها فيعمل بِها قومه ومن يقتدي به ، أو يفتي فتوى أو حكماً لا يرضي الله ، أو يرى قومه وأهل مذهبه قد ساروا على غير طريق الحقّ فلا يرشدهم إلى الصواب بل يطابقهم أو يسكت عن الحقّ لئلاّ يمقتوه ، أو لئلاّ يمنعوا عنه الحقوق فلا يعطوه بعد ذلك من الدراهم كالزكاة أو الخمس أو حقّ الإمام أو مردّ مظالم أو غير ذلك ، فإذا سكت عن الحقّ لأجل الدراهم أو المناصب أو غير ذلك فإنه مسئول عند الله يوم القيامة ، فحينئذٍ يقول الله تعالى للملائكة [كما في سورة الصافات] : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} ، ويقول الله تعالى لذلك العالم : يا هذا إنّي أعطيتك علماً وحكماً لترشد عبادي إلى طريق الحقّ وقد وجدتَ قومك ضالّين عن الطريق فلماذا سكتّ عن الحق ولم ترشدهم ، أشتريتَ الدنيا بالآخرة وأبدلت رضا المخلوق بسخط الخالق ؟ ثمّ يأمر به إلى جهنّم ، وذلك قوله تعالى (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .

-------------------------------------------------

1 [يريد بذلك البدعة ، وما أكثر البدع التي زجّها الشعوبيّون في الإسلام بقصد أو بدون قصد . - المراجع ]



84 – (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ) يعني ميثاق أسلافكم الذين كانوا في زمن موسى وقلنا لهم (لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ) يعني لا يقتل بعضكم بعضاً (وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ) أي ولا تحاربوا قوماً منكم فتهزموهم وتخرجوهم من ديارهم (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ) بالميثاق وقبلتم به (وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) على أنفسكم بالميثاق وقبوله .

ونظيرها قوله تعالى في سورة الأعراف {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا} .

85 - ثمّ بيّن سبحانه أنّهم نكثوا العهد وخانوا الميثاق وقتلوا النفوس وسفكوا الدماء وأخرجوا قومهم من ديارهم فقال (ثُمَّ أَنتُمْ ) أبناء (هَـؤُلاء ) الذين أخذنا عليهم الميثاق (تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ) يعني يقتل بعضكم بعضاً (وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ ) يعني وتخرجون بعض قومكم من ديارهم تطردونهم وتغصبونَها (تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) أي متعاونين على إخراجهم بالظلم والعدوان (وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ ) يعني وإذا وجدتم أسيراً من قومكم في أيدي أعدائكم تفكّون أسره بالفدية (وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ) من ديارهم ، فلماذا تخرجونَهم من ديارهم ثمّ تفادونَهم ؟ (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) يعني تصدّقون بعض أحكام التوراة وتعملون بِها وتنكرون الأحكام الأخرى ولا تعملون بِها ، (فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ، والخزي الذي أصابهم هي الجزية التي وضعها النبيّ عليهم ، وإخراج بني النضير من ديارهم (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) أيها اليهود من الأعمال السيّئة .

88 – (وَقَالُواْ ) يعني اليهود (قُلُوبُنَا غُلْفٌ) أي عليها غلاف لا نفهم ما تقول يا محمّد ، وذلك عناداً منهم وتكبّراً (بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ) والمعنى كذبوا في قولِهم قلوبنا غلف ، بل يفهمون ولكن عناداً منهم وتكبّراً فلا ينقادون للحقّ فلهم اللعنة جزاءً لكفرهم ولهم سوء الدار (فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ) يعني قليل منهم يؤمنون بك يا محمّد ويصدّقونك .


منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-13-2012, 03:59 PM   #14
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 14)

بسم الله الرحمن الرحيم


89 – (وَلَمَّا جَاءهُمْ ) أي اليهود الذين كانوا في زمن محمّد (كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ ) يعني القرآن (مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ ) من أمر التوحيد في الكتب السماوية وأنّ العبادة لا تجوز لغير الله (وَكَانُواْ) أي اليهود (مِن قَبْلُ ) مبعث النبي ونزول القرآن (يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ ) أي يخبرون مشركي العرب بمجيء نبيّ ويعلمونهم صفاته ، ولفظة "يستفتحون" معناها ينبئون ويبشّرون بحدوث شيء فيه خير (فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ ) يعني فلمّا جاءهم محمّد الذي عرفوا وصفه واستفتحوا بمجيئه على المشركين (كَفَرُواْ بِهِ ) أي جحدوه وأنكروه ولم يصدّقوه (فَلَعْنَةُ اللَّه ) أي غضبه وعقابه (عَلَى الْكَافِرِينَ ) به . 1

------------------------------------------------

1[ وكذا سيكون حال بعض المعاندين إذ يجحدون المهدي عند ظهوره رغم معرفتهم بانطباق السمات والعلامات الموجودة في كتبهم مع أنّهم أوّل المستفتحين به على من سواهم . – المراجع]



90 – (بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ ) أي بئس المال الذي أبدلوه بأنفسهم وآثروا دنياه على آخرتِهم ، لأنّهم كفروا بمحمّد طلباً للمال وحباً للرياسة 1 (أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ ) يعني كان خسرانهم بسبب أنّهم كفروا بما أنزل الله ، وهو القرآن (بَغْياً ) أي حسداً منهم وعدواناً (أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ) يعني كان حسدهم لمحمّد وعداوتُهم له لكونه عربياً ولم يكن منهم ، ولكنّ الله يؤتي الحكمة والنبوّة لِمن يشاء من عباده فلا يلتفت إلى عشيرة ولا إلى قبيلة بل يختار من الناس من كان حسن السريرة كريم الأخلاق طيّب النفس يتمكّن أن يقوم بهذا الواجب . (فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ) أي فرجعوا إلينا مستحقين غضباً على غضب ، يعني أعددنا لهم ضعفين من العذاب ، فالغضب الأوّل لكفرهم بعيسى والثاني لكفرهم بمحمّد (وَلِلْكَافِرِينَ ) أمثالهم (عَذَابٌ مُّهِينٌ ) يوم القيامة .

----------------------------------------------

1 [ وكذا سيكون حال جاحدي المهدي ، إذ يقاومونه لحبّهم المال وطلبهم في الترأس ، وإن كانت دعوته إسلامية تدعوهم إلى تنفيذ أحكام القرآن . – المراجع ]



91 – (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) أي لليهود (آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) على محمّد وهو القرآن (قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ) يعنون التوراة (وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ ) أخبر الله تعالى عنهم بأنّهم يكفرون بما جاء بعد التوراة كالإنجيل والقرآن (وَهُوَ الْحَقُّ ) أي وهو كلام الله وليس من كلام البشر (مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ ) أي أنزل الله القرآن مصدّقاً لِما معهم من الأحكام الشرعية التي في التوراة ومتمّماً للشرايع (قُلْ ) يا محمّد لهم (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ ) نزول القرآن كيحيى وزكريا وغيرهما (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) بالتوراة كما تزعمون ؟ أليس الله حرّم عليكم قتل النفس في التوراة فكيف تقتلون أنبياءه ؟

----------------------------------------------

[على الهامش

والحقيقة أنّ اليهود الحاليين والمعاصرين للرسول الأكرم لم يؤمنوا بالتوراة أيضاً ، فلو آمنوا بِها لصدّقوا رسالة محمّد عليه السلام بإطاعتهم للتوراة التي ألزمتهم بالطاعة والإذعان للرسول العربي ؛ فقد جاء في سفر التثنية " أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكلّ ما أوصيه به ويكون أنّ الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلّم به باسمي أنا أطالبه " 18 : 19 ، والمعنى أنّ الله تعالى يبعث لليهود ولغيرهم نبياً من أفضل أولاد إسماعيل أخ إسحاق هو كموسى ، ولا يعرف الكتابة بل كلّ ما يسمعه من جبريل يذيعه ويبلّغه لهم ولسواهم ، والذي لا يذعن لقوله يكون الله تعالى الطالب ويصبح هو المطلوب ولن يكون على أمره إلاّ مغلوب ."

انتهى الهامش – المراجع ]



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-16-2012, 11:53 AM   #15
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة (15)

بسم الله الرحمن الرحيم


93 – (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ) يعني أخذنا عليكم العهد والميثاق بأن لا تشركوا بالله شيئاً (وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ) وهو الجبل لَمّا مال عليهم وكانوا تحته ، فقلنا لهم (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم ) من الأحكام الشرعية (بِقُوَّةٍ ) أي بعزيمة ويقين ، وقد سبق تفسيرها ، وقوله (وَاسْمَعُواْ ) أي أصغوا لقولنا وامتثلوا أوامرنا (قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ) يعني صارت أعمالهم كمن قال سمعنا وعصينا ، لأنّهم لم يمتثلوا أمر ربّهم ولم يعملوا به إلاّ القليل (وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ) أي دخل حبّ العجل في شغاف قلوبِهم ، لأنّهم كانوا معتادين على عبادة الأوثان في مصر قبل مجيء موسى إليهم (قُلْ ) يا محمّد لَهم (بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ ) يعني إذا كان إيمانكم يأمركم بعبادة العجل وقتل الأنبياء وتكذيب الرسل فذلك بئس الإيمان (إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ) بالتوراة كما تزعمون : نؤمن بما أنزل علينا .

96 – (وَلَتَجِدَنَّهُمْ ) أي اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) يعني أحرص الذين هم أهل كتاب مثلهم (وَ ) أحرص (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ ) كالمجوس وعبدة الأوثان . ثمّ بيّن سبحانه زيادة حرصهم على البقاء في دار الدنيا فقال (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ) يعني لو يعيش هذه المدّة (وَمَا هُوَ ) يعني عمره (بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ ) يعني وما عمره بمخلّصه من عذاب جهنّم (أَن يُعَمَّرَ ) أي مهما عمّر ، فلفظة زحزح يعني خروجه من جهنّم ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} .

والمعنى ولو أنّ أحدهم بقي في الدنيا ألف سنة يفكّر في حيلة تنجيه من عذاب الله فلا يتوصّل إلى ذلك إلاّ بالإيمان والطاعة (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) فيعاقبهم على أعمالهم .

97 – إنّ بعض اليهود سألوا النبيّ فقالوا من يأتيك بالوحي ، قال جبرائيل يأتيني به ، فقال أحد اليهود لرفقائه إنّي عاديت جبرائيل ولا أودّه بعد اليوم فلماذا ينزل بالوحي على رجل من العرب ولا ينزله على رجل منّا ؟ فنزلت هذه الآية (قُلْ ) يا محمّد لهؤلاء اليهود (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ ) يعني إنّ جبريل نزل بالوحي على قلبك يا محمّد بإذن الله لا باختياره ، فما ذنب جبريل معهم فيعادونه ؟ (مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) يعني جبرائيل مصدّقاً للكتاب الذي بين يدي محمّد (وَهُدًى ) لمن يهتدي به ، يعني القرآن (وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) بدخول الجنة .

100 – (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ ) الله (عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ) يعني من اليهود ، ويريد بذلك العهود التي أخذها الأنبياء على قومهم ، والمعنى : وكلّما عاهدوا أنبياءهم عهداً بأن لا يشركوا ولا يقتلوا ولا يفسقوا نبذ العهد فريق من اليهود الماضين ، والألف من قوله (أَوَكُلَّمَا ) للاستفهام ، ومعناه أيفعل اليهود الحاضرون كما فعل الماضون ؟ وهنا حذف في الكلام ، والتقدير : وهم غير مؤمنين ، ولذلك قال بعدها (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) يعني أكثرهم نبذوا العهود وهم مع ذلك غير مؤمنين .

ومن جملة العهود التي نبذها اليهود ما كان بين رسول الله وبين بني قريظة والنضير : عاهدوا أن لا يعينوا عليه أحداً بالحرب فنقضوا ذلك العهد وأعانوا عليه قريشاً يوم الخندق .

101 – (وَلَمَّا جَاءهُمْ ) أي اليهود (رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ ) يعني محمّداً (مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ ) من أمر التوحيد ونبذ الأوثان والأصنام [كما ذُكِر] في الكتب السماوية (نَبَذَ ) أي ترك (فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ) يعني من علماء اليهود (كِتَابَ اللّهِ ) يعني التوراة (وَرَاء ظُهُورِهِمْ ) يعني تركوها ونبذوها ولم ينظروا فيها ويتصفّحوها ليطابقوا صفة محمّد مع صفة الأنبياء ، ودعواه إلى التوحيد كما دعوا ، وأعماله كما عملوا ، ونبذه الأصنام وتكسيرها كما فعلوا في الماضي ، وبذلك يعلمون أنّه رسول من ربّ العالمين حيث طابقت أعماله أعمال الأنبياء ودعواه دعوة الرسل وذلك إنْ خفي عليهم اسمه في التوراة وضاعت صفاته في الرقوق التي مزّقها نبوخذ نصّر ، ولكنّهم نبذوا التوراة ولم يلتفتوا إلى الصفات وتركوا الأدلّة والبيّنات وقالوا إنّما هو ساحر اجتمع عليه أهل الفلاة فتجاهلوا أمره وأنكروا صدقه ورفضوا قوله حسداً منهم لِما جاء به من العلم وتكبّراً لِما دعا إليه من الدين (كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) قصص الأنبياء الماضية وكتبهم الباقية ، فيفهمون أنّه ليس ساحراً بل هو رسول من ربّ العالمين .

منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2012, 12:18 AM   #16
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 16)

بسم الله الرحمن الرحيم


102 – (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ ) يعني أنّ علماء اليهود تتبّعوا قول الشياطين وقالوا كقولهم (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) يعني قالت اليهود في محمّد كما قالت الشياطين في ملك سليمان . فإنّ الشياطين قالوا لم ينل سليمان هذا الملك إلاّ بسحره ، وكذلك اليهود قالوا إنّ محمّداً لم ينل هذه المنزلة ولم يجتمع إليه الناس إلاّ بسحره ، وذلك لشدّة حسدهم وبغضهم إيّاه .

ثمّ بيّن سبحانه أنّ سليمان لم يعمل بالسحر ولم يكتم الحقّ كما كتمه هؤلاء اليهود فقال (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ) فكلمة كفر معناها تغطية الشيء وكتمانه ، والمعنى : ما كتم سليمان الحقّ وما عمل بالسحر ، (وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ ) أي كتموا الحقّ وعملوا بالسحر ، وقد ضرب الله مثلاً في هذه الآية فجعل محمّداً مقام سليمان ، وهؤلاء اليهود مقام الشياطين ، والمعنى : لقد قلتم أيّها اليهود في أمر محمّد كما قالت الشياطين في أمر سليمان ولكنّ الأمر عكس ذلك ، فإنّ محمّداً ليس ساحراً ولا كافراً بل أنتم كافرون حيث كتمتم الحقّ في أمر نبوّته وأخفيتم على الناس حقّه مع علمكم بصحّة قوله وإيضاح تبيانه . ثمّ بيّن سبحانه بأنّ السحر من أعمال اليهود وعاداتهم لا من أعمال المسلمين ونبيّهم فقال (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) فهم شياطين الإنس يعلّمون الناس السحر (وَ ) يعلّمون الناس أيضاً (مَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ ) من التفرقة ، والملكان هما من ملاّكي بني إسرائيل أي من رؤسائهم وكانا من جملة الأسرى الذين أخذهم نبوخذنصّر إلى أرض بابل في العراق ، وهما (هَارُوتَ وَمَارُوتَ ) وكانا يعلّمان الناس السحر ويأخذان أجرة عليه .

ثمّ بيّن سبحانه بأنّ الرجلين وإن كانا ساحرَين لا يغشّان الناس ولا يكتمان الحقّ كهؤلاء اليهود الذين كتموا أمر محمّد بعد أن اتّضح لهم أنّه نبي ، فقال تعالى (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ ) من الناس (حَتَّى يَقُولاَ ) له (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ ) أي محنة واختبار فلا تفتتن بنا (فَلاَ تَكْفُرْ ) أي فلا تعمل بالسحر فتكتم الحقّ (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا ) أي من الرجلين (مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) أي بين الرجل وزوجته (وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ ) من الناس (إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ) أي إلاّ بإرادته ، والمعنى : وما هؤلاء المتعلّمون من الملكين بضارّين أحداً من الناس إلاّ بإرادة الله ، لأنّ الله تعالى يصرف ذلك الضرر عمّن يشاء ، ويخلّي بينه وبين من يشاء (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ) أي ما يضرّ بهؤلاء المتعلّمين لأنّ المتعلّمين يعملون ذلك لقومهم ومعلوم ما في ذلك من الضرر ، لأنّهم يفرّقون بين الزوجين (وَلَقَدْ عَلِمُواْ ) أي ولقد علم الناس (لَمَنِ اشْتَرَاهُ ) أي لمن اشترى ذلك السحر من الملكين وتعلّمه منهما (مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ) وهنا حذف في الكلام تدلّ عليه اللام من قوله (لَمَنِ ) والتقدير : ولقد علموا لمن اشتراه عذاباً وما له في الآخرة من خلاق ، أي ما له من نصيب في الجنة ، لأنّ الساحرين كانا يشترطان مع الناس فيقولان : من تعلّم منّا هذا العلم وعمل به فله عذاب يوم القيامة وما له في الآخرة من نصيب .

فكان بعض الناس يقبل بهذا الشرط ويتعلّم منهما ، وبعضهم لا يقبل بذلك . ثمّ عاد سبحانه إلى ذمّ اليهود وعلمائهم فقال (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ ) أي بئس الشيء الذي باعوا به أنفسهم ، لأنّهم ألقوا بأنفسهم في جهنّم لأجل المال والرياسة (لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) العاقبة .



آراء المفسّرين

في قوله تعالى {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ } جاء في مجمع البيان ص 174 قال : "{ واتبعوا ما تتلوا} معناه تقرأ عن عطاء وقتادة, وقيل معناه تكذب عن أبي مسلم يقال تلا عليه إذا كذب ، وقولـه: { على ملك سليمان } قيل معناه في ملك سليمان كقول أبي النجم: (فهي على الأفق كعين الأحولِ) أي في الأفق, ثم إن هذا يحتمل معنيين: أحدهما: في عهد ملك سليمان , وقال أبو مسلم معناه ما كانت تكذب الشياطين على ملك سليمان وعلى ما أنزل على الملكين ، { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا } بيَّن بهذا أن ما كانت تتلوه الشياطين وتَأَثُره وترويه كان كفراً إذ برأَ سليمان (ع) منه ولم يبين سبحانه بقولـه {ما تتلو الشياطين على ملك سليمان} أنها أي شيء كانت تتلو الشياطين ثم لم يبيّن بقولـه سبحانه {وما كفر سليمان} أن ذلك الكفر أيّ نوع من أنواع الكفر حتى قال: { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } فبّين سبحانه إن ذلك الكفر كان من نوع السحر فإن اليهود أضافوا إلى سليمان السحر وزعموا أن ملكه كان به فبرأَه الله منه وهو قول ابن عباس وابن جبير وقتادة.

واختلف في السبب الذي لأجله أضافت اليهود السحر إلى سليمان (ع) فقيل إن سليمان كان قد جمع كتب السحرة ووضعها في خزانته وقيل كتمها تحت كرسيه لئلا يطلع عليها الناس فلما مات سليمان استخرجت السحرة تلك الكتب وقالوا إنما تم ملك سليمان بالسحر وبه سخر الإنس والجن والطير ، عن السندي. وفي قولـه تعالى { يعلمون الناس السحر} قولان: أحدهما: أنهم ألقوا السحر إليهم فتعلموه والثاني: إنهم دَلّوهم على استخراجه من تحت الكرسي فتعلموه ..الخ ".

اختصرنا آراء المفسّرين لئلاّ يطول الكلام ، فانظر كيف اختلفت آراء المفسّرين في ذلك وتناقضت أقوالهم ، لأنّهم لم يهتدوا إلى الحقيقة .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-21-2012, 03:21 PM   #17
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 17 )

بسم الله الرحمن الرحيم


105– (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) بمحمّد (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) أي اليهود (وَلاَ الْمُشْرِكِينَ ) من أهل مكة (أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم ) أيها المسلمون (مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) يعني لا يحبّون أن ينزل الوحي عليكم بالقرآن بل يريدون ذلك لهم (وَ ) لكن (اللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ ) أي بالوحي والحكمة والنبوّة (مَن يَشَاء ) من عباده ، لا من تختاره الناس (وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) على أنبيائه ومن اقتدى بهم .

106 – لَمّا نزل قوله تعالى في سورة الأنعام {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ...إلخ} قال النبيّ : "اللّهمّ خفّف على أمّتي الأحكام ولا تشدّد " فنزلت هذه الآية (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ ) في التوراة ، يعني ما نبطل من حكم كان في التوراة عليكم أيها المسلمون (أَوْ نُنسِهَا ) يعني أو نترك حكم الآية كما هو نقيمه عليكم (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ) في القرآن ، يعني بخير من ذلك الحكم وأيسر منه تخفيفاً عليكم أيها المسلمون (أَوْ مِثْلِهَا ) يعني أو نأتيكم بحكم مثل ما في تلك الآية التي لم تنسخ من التوراة (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فيأتيك بأحكام أيسر مِمّا في التوراة وأخفّ .

فالمنسوخ هو في التوراة والناسخ لتلك الأحكام هو القرآن .

فالنسخ هنا هو بطلان حكم وتبديله بآخر ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الحج {فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} أي يبطل ويغيّر ما يلقي الشيطان على قلب الرسول من وساوس . والاستنساخ هو الكتابة على الورق ، ومنه قوله تعالى في سورة الجاثية {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يعني كنّا نكتب أعمالكم نسخة بعد نسخة .

والنسي هو ترك الشيء على حالته ، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأعراف {فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا} يعني نتركهم في جهنّم كما تركوا يومهم هذا فلم يعملوا لأجله .

ونظير هذه الآية في سورة النحل قوله تعالى {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، فقوله تعالى {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} يعني إذا بدّلنا حكم آية في القرآن مكان آية في التوراة {قَالُواْ} اليهود {إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} يا محمّد لأنّك تأتي بأحكام لا تنطبق مع أحكام التوراة .

فالقرآن ليس في أحكامه تبديل وتغيير كما يظنّ المسلمون ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الأنعام { وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ} وقال أيضاً {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} و قال تعالى في سورة يونس {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .

ومن جملة ما أبطل حكمه على المسلمين وجعله حلالاً لهم اللحوم والشحوم التي حرّمها على اليهود في التوراة ، وذلك قوله تعالى في سورة الأنعام {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} أي حيوان ذي ظفر مشقوق ، {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} ، وغير هذا كثير لا مجال لشرحه .

أمّا الأحكام التي حرّمها على المسلمين كما هي محرّمة على اليهود في التوراة من جملتها لحم الخنزير والميتة والدم وما أهلّ به لغير الله . ومن جملتِها شرب الخمر فهو محرّم في التوراة على اليهود ، وقد أبقى تحريمه على المسلمين في القرآن ، وذلك قوله تعالى في سورة المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

وقد جاء تحريم الخمر في التوراة في سفر الأمثال في الإصحاح الثالث والعشرين آية 29-35 "لِمَن الويلُ لِمَن الشقاوة لِمَن المخاصَمات لِمَن الكربُ لِمَن الجروحُ بلا سببٍ لِمَن ازمهرار العينين ، لِلّذينَ يدمنونَ الخمر الّذينَ يدخلون في طلب الشراب الممزوج ، لا تنظرْ إلى الخمر إذا احمرّت حين تُظهرُ حبابَها في الكأس و ساغت مرَقرِقةً. في الآخر تلسع كالحيّة و تلدغ كالأفعوان. عيناك تنظران الأجنبيّات و قلبك ينطق بأمورٍ ملتويةٍ. و تكون كمضطجعٍ على رأس ساريةٍ. تقول ضربوني و لم أتوجّع، لقد لكأوني و لم أعرف. متى أستيقظ. أعود أطلبُها بعد."

و جاء في سفر إشعيا في الإصحاح الخامس الآية 11-12 :

"ويلٌ للمبكّرين صباحاً يتبعون المسكّر، للمتأخّرينَ في العتمة تلهبُهم الخمر، وصار العود والرباب والدفّ والناي والخمر ولائمَهم وإلى فعل الربّ لا ينظرون ... لذلك وسّعت الهاويةُ نفسَها وفغرت فاها."

108- (أَمْ تُرِيدُونَ ) أيها المسلمون ، ومعناه أتريدون ، أمّا الميم من قوله (أَمْ ) معناه أتتجاهلون أمر نبيّكم أم تريدون (أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ ) محمّداً (كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ ) أي كما سألت بنو إسرائيل من موسى المحالات ، وذلك لأنّ المنافقين قالوا يا رسول الله لولا أنزل عليك القرآن جملة واحدة مكتوباً في قرطاس لكيلا تنساه .فنزلت هذه الآية وهي تبكيت وتأنيب للمنافقين على قولهم (وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ ) أي ومن يستبدل الكفر بالإيمان منكم أيها المسلمون وذلك بسؤاله المحالات من النبيّ (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) أي فقد ضلّ عن طريق الحقّ . 1

---------------------------------------------------------------------

1 [وسيعرّض المهدي نفسه إلى سؤال بعض قومه المحالات منه . – المراجع ]




منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-23-2012, 03:48 PM   #18
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 18 )

بسم الله الرحمن الرحيم




109 – (وَدَّ ) أي تمنّى (كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) يعني من اليهود (لَوْ يَرُدُّونَكُم ) أيها المسلمون (مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ ) بمحمّد (كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ) يعني من عند قومهم وأبناء دينهم ، ومثال هذا قوله تعالى في سورة التوبة {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } يعني من قومكم و عشيرتكم . وذلك أنّ حي بن أخطب مع جماعة من اليهود دخلوا على النبيّ وتباحثوا معه ، ولَمّا خرجوا سألوا حييّ : "ما تقول في محمّد هل هو نبيّ ؟ " فقال : "هو هو"، فقالوا : "أتؤمن به وهو من العرب وليس منّا ؟ " فقال : "أنا عدوّه إلى الموت ." (مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ) في محمّد ، وذلك قول حييّ بن أخطب : "هو هو" لأنّه عرفه باسمه وأوصافه وأنّه النبيّ الموعود ثمّ عاداه . ثمّ أخذ سبحانه في خطاب النبيّ والمسلمين فقال (فَاعْفُواْ ) عن أغلاطهم التي تكلّموا بِها (وَاصْفَحُواْ ) عنهم ماداموا لو يتعرّضوا لكم بأذى ولم يحاربوكم (حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ ) يعني حتّى يأتي أمر الله فيقاتلهم إن شاء قتالهم ، وأمر الله هو المهدي (إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فهو القادر أن يهديهم إلى الإسلام وهو القادر على إهلاكهم . 1

------------------------------------------------------------------

1 [وهلاكهم هو الكائن كما قال السيّد المسيح "فإنّه سوف تأتي أيام عليك ويحيط بك (أورشليم ) أعداؤك بمتراس ويحدقون بكِ ويحاصرونكِ من كلّ ناحية (هذا بعد وحدة أمة العرب) ويقلبونك وبنيكِ فيكِ ولا يتركون حجراً على حجر " إنجيل لوقا 19: 43-44 – المراجع .]



118 – (وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ) وهم مشركو العرب لأنّهم ليسوا أهل كتاب فيعلمون به (لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ ) فيقول لنا إنّ محمّداً صادق في دعواه فاتّبعوه (أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ) أي معجزة تكون دلالة على صدقه كما جاء موسى بالعصا ، فردّ الله تعالى عليهم قولهم فقال (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم ) أي من تقدّمهم من الأمم الماضية الذين اعترضوا على الرسل وطلبوا المحالات (مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ) أي قالوا مثل قول المشركين من العرب وإنّ هؤلاء الماضين لَمّا رأوا الآيات التي طلبوها من رسلهم قد حصلت لم يصدّقوا بِها ولم يؤمنوا بل قالوا هذا سحر مبين ، وكذلك أنتم يا مشركي العرب لو أعطيناكم ما طلبتم من المعجزات لَما آمنتم ولَما صدّقتم بل لقلتم هذا سحر مبين . لقد تشابهت في ذلك آراؤكم واتفقت أقوالكم وما ذلك إلاّ لجهلكم وعنادكم .

وأمّا الذين يفهمون ويعلمون فإنّهم يوقنون ويصدّقون بمجرّد النظر إلى ما خلق الله في الكون من شمس وقمر وماء وشجر وشعر ووبر وطين ومدر . فكيف لا تؤمنون وقد أنزلنا القرآن كلّه آيات بيّنات تدلّ على صدق محمّد ، ألم تكفكم هذه الآيات فتفكّروا فيها وتتدبّروا معانيها ؟ وقوله ( تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ) يعني تشابهت في الكفر والقسوة والاعتراض على الأنبياء والتعنّت والعناد (قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ ) يعني آيات القرآن الدالّة على صدق محمّد (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) بِها .

120 – كان النبي يسامح اليهود والنصارى ويتطلّب رضاهم ليدخلوا في دين الإسلام ، فعاتبه الله تعالى على ذلك فقال (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) أي لا يرضون عنك يا محمّد مهما سامحتهم حتّى تتّبع دينهم (قُلْ ) يا محمّد لهم (إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى ) أي إنّ القرآن هو الهدى ، ومعناه إنّ القرآن هو الذي يهديكم إلى طريق الحقّ فاتّبعوه ، فالهدى يريد به القرآن والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} ، ثمّ أخذ سبحانه يحذّر نبيّه من كيدهم فقال (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ) الذي أعلمناك به (مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ ) يتولّى أمرك (وَلاَ نَصِيرٍ ) ينصرك عليهم ، لأنّك لو اتّبعت أهواءهم لخذلوك ثمّ قتلوك كما قتلوا يحيى وزكريّا وغيرهم من الأنبياء .

وملخّص الآية يقول الله تعالى : يا محمّد لا تتطلّب رضا اليهود ولا النصارى لكي يدينوا بدين الإسلام بل ادعهم إلى القرآن وجادلهم بالحكمة والموعظة فمن اهتدى منهم فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنت عليه بوكيل .

=================


منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-25-2012, 01:54 PM   #19
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 19)

بسم الله الرحمن الرحيم
121– (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ) يريد بهم الذين أسلموا من علماء اليهود والنصارى كعبد الله بن سلام وشعبة بن عمرو وتمام بن يهوذا وأسد وأسيد ابنَي كعب وابن بامين هؤلاء من اليهود , وأمّا النصارى كالرهبان الثمانية الذين ركبوا في السفينة وقدموا مع جعفر بن أبي طالب ، والكتاب يريد به القرآن (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ) أي يقرؤونه على الناس حقّ قراءته ولا يخافون أحداً (أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) ويوقنون أنّه منزل من الله (وَمن يَكْفُرْ بِهِ ) من اليهود أو النصارى أو غيرهم (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) في الآخرة .

124 – (وَإِذِ ابْتَلَى ) أي اختبر (إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ) أي اختبره بكلمات ، وذلك حين كان إبراهيم يسأل ويبحث عن خالقه ، فبعث الله له جبريل فقال سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح ، فأتمّهنّ إبراهيم فقال : سبّوح قدّوس ربّنا وربّ الملائكة والروح ، فحينئذٍ أوحى الله إليه بقوله (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) يقتدى بك (قَالَ ) إبراهيم (وَمِن ذُرِّيَّتِي ) أي واجعل من ذرّيتي أئمة أيضاً (قَالَ ) الله تعالى (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) يعني أعطيتك ما سألتَ ولكن لا ينالها منهم من كان ظالماً للناس ، وإنّما قال (عَهْدِي ) معناه لقد عاهدتك أن يكون من ذرّيتك أئمة ولكن لا ينال عهدي الظالمين منهم .

138 – (صِبْغَةَ اللّهِ ) الصبغ هو تحسين الشيء وتلوينه ، يقال صبغ ضرع الناقة ، يعني امتلأ لبناً وحسن منظره , ويقال أصبغ النخل يعني نضج بسره فحسن لونه ، ومن ذلك قول أمية :

في صِبغةِ اللهِ كانَ إذْ نسِيَ العهدَ وخلّى الصوابَ إذْ عرَفا

فقول الشاعر " في صِبغةِ اللهِ كانَ " يعني كان في ريعان شبابه لَمّا نسِي العهدَ ، أي لَمّا صبغه الله بماء الشباب وحسّنه بِرَيعانِه . والآية معطوفة على ما تقدّم من قوله تعالى {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ..الخ} ، والتقدير : وقولوا إنّ الشريعة التي نحن عليها هي صبغة الله ، أي حسّنها الله لنا وزيّنها في قلوبنا حتّى هدانا لها ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الحجرات {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} . (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً ) أي لا أحد أحسن من الله صبغة (وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ ) أي وقولوا نحن لا نعبد سواه .

143 – (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) الآية معطوفة على ما سبق من قوله تعالى {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} ، والتقدير : كما جعلنا البيت مثابةً للناس وأمناً ، كذلك جعلناكم أمةً وسطاً ، والخطاب للمسلمين ، يعني جعلناكم فصحاء بلغاء أذكياء ، لأنّ الوسط معناه الذكيّ والفاهم ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة القلم {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} يعني قال أذكاهم وأعلمهم . ومن ذلك قول زهير :

هم وسطٌ يرضى الأنام بحكمهمْ إذا طرقت إحدى الليالي بعظيمِ

ثمّ بيّن سبحانه لأيّ سبب جعلهم أمةً وسطاً ، فقال (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ) أي لتكونوا خطباء على الناس ومعلّمين ومرشدين (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) أي خطيباً ومرشداً ، فالشهيد معناه الجليس الذي يحضر مجلسك ويخاطبك وتخاطبه 1 والشهيد معناه الخطيب أيضاً ، ومن ذلك سمّي اللسان شاهداً ، يقال في المثل "ما له رواء ولا شاهد" أي ما له منظر ولا لسان . وقوله تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) أي جعلناك تترك القبلة التي كنت عليها وتتّجه إلى الكعبة إلاّ لنعلم من يتّبع الرسول في ذلك مِمّن ينقلب على عقبيه ولا يتّبع (وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً ) أي وإن كانت تلك التحويلة من بيت المقدس إلى الكعبة تشقّ عليكم وتعظم لأنّ من تعوّد شيئاً يعظم عليه تغييره (إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ ) أي ولكنّ الذين هداهم الله لا يشقّ ذلك عليهم لأنّهم يمتثلون أمر الله ويسمعون كلام النبيّ ويطيعون ما أمِروا به (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) أي وما كان الله ليضيع أجر تصديقكم وإطاعتكم أمر ربّكم ، حيث (إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) .

---------------------------------------------

1 [ومن هنا يتّضح المقصود من السيّد المسيح في إنجيل يوحنّا : "الذي يشهد لي هو آخر وأنا أعلم أنّ شهادته التي يشهدها لي حقّ 5 : 31 وأمّا أنا فلي شهادة أعظم من يوحنّا ، يريد المهدي أعظم من يوحنّا ، والآب الله نفسه الذي أرسلني يشهد لي 5: 37 ومتى جاء المعزّي الذي سأرسله أنا إليكم "يخاطبه ويشافهه ويجالسه " من الآب روح الحقّ الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي 15: 26 أي أنّ المهدي يحضره السيّد المسيح – المراجع]



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-27-2012, 02:13 PM   #20
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7617
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 20)

بسم الله الرحمن الرحيم


144 – في بدء الأمر كره النبيّ أن يصلّي نحو الكعبة لأنّ الأصنام كانت تحيط بِها ، وأراد أن تكون صلاته خالصة لله ، ولئلاّ يتوهّم أحد من قريش أنه يسجد للأصنام ، فلذلك أخذ النبيّ يتّجه بصلاته نحو بيت المقدس ، وكان ذلك باختياره ولم يكن بأمرٍ من الله . وبقي على ذلك سنوات ، فلمّا عابت اليهود المسلمين في ذلك وقالوا لو لم يكن ديننا أحقّ من دينهم ما صلّوا نحو قبلتنا ، فحينئذٍ سأل النبيّ من الله أن ينزّل إليه أمراً في ذلك هل يبقى على قبلة المقدس أم يتّجه نحو الكعبة ، فلمّا صار الليل خرج النبيّ خارج المدينة وهو يقلّب طرفه نحو السماء منتظراً أن تنزل عليه آية في ذلك . ولَمّا لم ينزل عليه شيء في تلك الليلة رجع إلى داره ، وفي الغد نزلت هذه الآية (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ ) يا محمّد (فِي السَّمَاء ) لانتظارك الوحي في أمر القبلة (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) أي فلنصرفنّك إلى قبلة ترضى بِها (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) أي حوّل وجهك نحو الكعبة (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ ) أيّها المسلمون من الأمكنة (فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ ) أي نحوه (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) يعني علماء اليهود (لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ) أي يعلمون بأنّ القرآن حقّ وهو منزّل من ربّهم ، لأنّ أمر تحويل القبلة مذكور عندهم وقد أخبرتهم بذلك رسلهم بأنّ النبيّ الذي يأتي آخر الزمان يصلّي نحو القبلتين ، ولكنّهم يخفون ذلك حسداً منهم (وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) أي عمّا يعمل اليهود مع محمّد من المكر والحسد .

145 – فلَمّا أدار النبيّ بوجهه إلى الكعبة واتّخذها قبلة قالت اليهود : لقد ترك محمّد بيت المقدس الذي بناه داوود وسليمان واتّخذ الكعبة قبلة ، فقال النبيّ : إنْ كان داوود وسليمان وقومهما بنَوا بيت المقدس فإنّ الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل ، وإبراهيم أبو الجميع ، فهلاّ يتبعون قبلة أبيهم وهي أقدم من بيت المقدس . فنزلت هذه الآية (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) يعني المعاندين من اليهود والنصارى (بِكُلِّ آيَةٍ ) أي بكلّ حجّة ودلالة (مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ ) يا محمّد لأنّ من تعوّد شيئاً يصعب عليه تغييره و تبديله (وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ) أي وكذلك أنت يا محمّد لا يهوى قلبك قبلتهم بل تهوى قبلة آبائك وأجدادك وهي الكعبة ، وإنّما صلّيت نحو قبلتهم اضطراراً لأنّك وجدت الأصنام تحيط بالكعبة ، ولَمّا كسّرتَ الأصنام وطهّرتَ الكعبة منها ، صار قلبك يهواها ولا تهوى بيت المقدس (وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) يعني فلا اليهود تهوى قبلة النصارى ولا النصارى تهوى قبلة اليهود، فاليهود تصلّي نحو بيت المقدس والنصارى تصلّي نحو المشرق وبعضهم لا يتّجه نحو قبلة والصابئة تصلّي نحو الجدي وهو نجم في السماء (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم ) يا محمّد ، يعني لشن اتّبعت آراءهم وعقائدهم الفاسدة (مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ) بالحقائق والوحي الذي أنزله الله عليك (إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) لنفسك ولقومك ، فإيّاك أن تتبع أهواء اليهود والنصارى .

146 – (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ) يعني بذلك علماء اليهود والنصارى (يَعْرِفُونَهُ ) أي يعرفون الكتاب الذي جاء به محمّد هو حقّ (كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ ) قال عبد الله بن سلام : أنا أعلم به مني بابني ، قال عمر :ولِمَ ؟ قال : لأنّي لست أشكّ في محمّد أنّه نبيّ ولا في القرآن ، أمّا ولدي فلعلّ والدته خانت ، فقبّل عمر رأسه (وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ ) أي من أهل الكتاب (لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ ) حسداً منهم وعناداً (وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) أنّه نبيّ . وإنّما خصّ فريقاً منهم بكتمان الحقّ لأنّ بعضهم أسلموا .

147 – لَمّا نزل الوحي على محمّد في بادئ الأمر وجاء إلى قريش و أخبرهم بأنه أوحي إليه وأنّه نبيّ بعثه الله إليهم كذّبوه واستهزؤوا به وقالوا إنّ الذي أوحى إليك شيطان 1 ولم يصدّقه أحد إلاّ زوجته وابن عمّه ، فحينئذٍ اعتراه شكّ في نفسه وتصاغر فقال لو كنت نبياً لصدّقتني قريش كلّها وصدّقتني اليهود والنصارى ، فما أنا وما قدري حتّى أكون نبياً ! فنزلت هذه الآية (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ) يا محمّد ، فالحقّ يريد به الوحي وهو كلام الله ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الأنعام {قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ} والمعنى : إنّ الوحي الذي جاءك يا محمّد هو من ربّك لا من الجنّ ولا من الشياطين كما يظنّ هؤلاء المشركون ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الشعراء {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} ، وقوله (فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) أي من الشاكّين ، يعني لا تشكّ في نفسك يا محمّد وتقول لو كنت نبياً لأطاعوني وصدّقوني ، فإنّ الأنبياء الذين بعثناهم قبلك كذّبتهم أقوامهم وأهانوهم وضربوهم واستهزؤوا بِهم فلا تستنكر ذلك واصبر حتّى ينصرك الله عليهم .

---------------------------------------------

1[وكذا سيكون في زمن المهدي وإعلان دعوته ، لأنّ الأمين يعدّونه خائناً ويسير الناس أسراباً وراء الخائنين – المراجع ]



148 – (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ) يعني لكلّ ملّة من اليهود والنصارى والصابئة والإسلام قبلة الله موجّههم إليها (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ) أي تسابقوا إلى فعل الخيرات لتجدوا جزاء أعمالكم يوم القيامة (أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا ) يعني حيثما متّم من بلاد الله يأتِ بكم الله إلى المحشر يوم القيامة (إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلا يصعب عليه جمعكم .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير القران المهندس منتدى القرآن الكريم 11 09-17-2011 09:34 AM
تفسير الاذان والاقامة من قبل الامام علي بن ابي طالب (ع) محمد عباس الخفاجي المنتدى الإسلآمي العام 2 06-12-2011 01:17 PM
حلقات تفسير القرآن الكريم محمدالشيخ منتدى القرآن الكريم 13 01-28-2011 10:44 PM
تفسير المادة (76) تفسير تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) الأستاذ منتدى الأخبار والمقالات السياسية 3 05-14-2010 04:36 PM
تفسير الحروف عن الامام الرضا ع دموع الشرقية المنتدى الإسلآمي العام 4 12-21-2009 04:45 PM


جميع المواضيع والمشاركات المطروحه في منتديات فدكـ الثقافية تعبر عن رأي أصحابها ولاتعبر عن رأي الإدارة

تطوير واستضافة: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) للإنتاج الفني

الساعة الآن: 04:49 PM.


Design By

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2010
جميع الحقوق محفوظة لـ: شبكة فدك الثقافية