عرض مشاركة واحدة
قديم 12-09-2010, 04:59 PM   #1
الطريبيلي
 
الصورة الرمزية الطريبيلي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 1,072
معدل تقييم المستوى: 15
الطريبيلي is on a distinguished road

اوسمتي

المستوى : 28 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 695

النشاط 357 / 27227
المؤشر 82%

افتراضي الإمام الحسين"ع" منذ الطفولة وحتى الشهادة

الإمام الحسين"ع" منذ الطفولة وحتى الشهادة
ولأجل أن يتضح مدى عظم تلك الفاجعة, أستعرض بصورة إجمالية ثلاثة مراحل قصيرة من حياة أبي عبد الله الحسين"ع", لنرى شخصية الحسين"ع" في هذه المراحل الثلاثة, هل من الممكن أن يحتمل أحد انه ينتهي به المآل يوم عاشوراء إلى أن تحاصره حشود أمة جده وتقتله أشنع قتلة هو وأصحابه وأهل بيته وتسبي عياله؟
تتخلص تلك المراحل الثلاثة في:
أولا: مرحلة الطفولة وتبدأ منذ نعومة أظفاره إلى تاريخ وفاة الرسول"ص"
ثانيا: مرحلة شبابه.. أي خمس وعشرون سنة من وفاة جده إلى خلافة أمير المؤمنين "ع".
ثالثا: المرحلة التي استمرت عشرين سنة من بعد استشهاد أمير المؤمنين"ع" إلى واقعة كربلاء.
ففي المرحلة الأولى, أي في عهد رسول الله"ص" كان الحسين "ع" طفلاً مدللاً ومحبوباً عند رسول الله"ص", فقد كان لرسول الله"ص" بنت, وكان المسلمون يعلمون جميعاً آنذاك انه.. "ص" قال : " إني لأغضب لغضب فاطمة وأرضى لرضاها". فانظروا عظيم منزلة هذه البنت بحيث أن رسول الله "ص" يبجّلها بهذه الكلمات وأمثالها في محضر المسلمين والملأ العام, وليس هذا بالأمر العادي.
وزوّجها الرسول الكريم "ص" لشخص كان ذروة في المآثر, وهو علي بن أبي طالب "ع" الذي كان شاباً شجاعاً شريفاً ومن أكثر الناس إيماناً وأسبقهم إلى الإسلام, وأكثرهم مشاركة في كل ميادينه, علي.. من قام الإسلام بسيفه.. ومن كان يقدم حيثما يحجم الآخرون ويحل المستعصي من العقد.. فهذا الصهر العزيز المحبوب الذي لم تكن محبته منطلقة من وازع القرابة وما شاكلها من الوشائج, وإنما كانت انطلاقاً من عظمة شخصيته, ولهذه الأسباب زوّجه ابنته, فكان من نسلهم الحسين و...
وهذا الكلام يصدق كله أيضاً على الإمام الحسن"ع", إلاّ أن كلامي هنا يدور حول الإمام الحسين "ع".. أعز عزيز عند الرسول.. الذي كان زعيم العالم الإسلامي وحاكم المسلمين ومحبوب كل القلوب يضمه بين ذراعيه ويصطحبه إلى المسجد, والمسلمون كانوا يعلمون أن هذا الطفل هو محبوب قلب الرسول"ص" الذي تذوب القلوب جميعاً في محبته, فحينما كان الرسول يلقي خطبة من فوق المنبر علقت رجل هذا الطفل بعائق فسقط على الأرض, فنزل الرسول من فوق المنبر واحتضنه ولاطفه, هكذا كانت محبة الحسين"ع" عند الرسول "ص".
إن رسول الله "ص" قال عن الحسن والحسين "ع" وهما آنذاك في السابعة والسادسة من عمريهما: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ", قال فيهما هذا القول وهما لازالا طفلين, أي أنهما حتى وإن كانا في تلك السن إلا أنهما يفهما ويدركان ويعملان كمن هو في سن الشباب, ويفوح الأدب والشرف من جنبيهما.
ولو قال قائل حينذاك أن هذا الطفل سيقتل على يد أمة هذا الرسول بلا جرم أو جريرة, ما كان ليصدقه أحد, مثلما صرّح رسول الله نفسه بتلك الحقيقة المرّة وبكى لها, وتعجّب في وقتها الجميع مستنكرين إمكانية حدوث عمل كهذا.
المرحلة الثانية: في الفترة التي استمرت خمساً وعشرين سنة من وفاة الرسول إلى خلافة أمير المؤمنين "ع", إذ كان "ع" شاباً متوثباً وعالماً شجاعاً, شارك في الحروب وخاض شدائد الأمور, كان معروفاً عند الجميع بالعظمة وعندما يأتي ذكر الكرام تشخص إليه الأبصار وتحوم حوله الأذهان, واسمه يسطع بين جميع مسلمي مكة والمدينة وحيثما امتد الإسلام, بكل فضيلة ومكرمة والكل ينظر إليه والى أخيه باحترام وتكريم, وحتى خلفاء ذلك العصر كانوا يبدون لهما التعظيم والإجلال, وكان مثالاً ومقتدى لشباب ذلك العهد, وهكذا لو أن شخصاً قال آنذاك أن هذا الشاب سيُقتل على يد هذه الأمة لما صدّقه أحد.
المرحلة الثالثة: هي تلك المرحلة التي حلّت من بعد شهادة أمير المؤمنين"ع" وكان دور غربة أهل البيت, فكان الإمامان الحسن والحسين يقيمان خلال تلك المدة في مدينة الرسول"ص", بعد مقتل أمير المؤمنين بعشرين سنة, انحصرت الإمامة في الحسين على جميع المسلمين, وان لم تكن الخلافة في يده ـ وبدى مفتياً كبيراً, وزاد احترامه عند الجميع وأضحى عروة يتمسك بها كل من يريد التمسك بأهل البيت, فكان ذا شخصية محبوبة ورجلاً شريفاً نجيباً أصيلاً عالماً, حتى انه بعث في ذلك الوقت بكتاب إلى معاوية, لو كان غيره كتبه لأي حاكم لكان جزاؤه القتل, إلا أن معاوية حينما وصله الكتاب تلقّاه بكل تكريم وقرأه متغاضياً عما جاء فيه, ثم لو أن أحداً كان يقول في ذلك الوقت أن هذا الرجل الشريف الكريم العزيز النجيب الذي يجسّد الإسلام والقرآن في نظر كل ناظر, سيٌقتل عما قريب على يد أمة الإسلام والقرآن قتلة شنيعة, لم يكن أحد ليتصوّر صحة ذلك, إلا أن هذه الواقعة العجيبة البعيدة عن التصور, قد حصلت فعلاً!
ولكن مَن الذين فعلوا ذلك؟ فعله أولئك الذين كانوا يترددون عليه ويوالونه ويعربون له عن محبتهم وإخلاصهم! فما معنى هذا؟ معناه أن المجتمع الإسلامي أفرغ طوال هذه الخمسين سنة من قيمة معنوية وجُرد من حقيقة الإسلام, فإن ظاهره إسلامياً وباطنه خاوياً, وهذا هو مكمن الخطر.






من كتاب الثورة الحسينية خصائص ومرتكزات
السيد علي الحسيني الخامنئي
__________________
الطريبيلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس