عرض مشاركة واحدة
قديم 12-28-2010, 10:41 PM   #3
خالد الاسدي
 
الصورة الرمزية خالد الاسدي
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: العـــــراق
العمر: 63
المشاركات: 5,480
معدل تقييم المستوى: 20
خالد الاسدي is on a distinguished road

اوسمتي

المستوى : 53 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 130 / 1306

النشاط 1826 / 53588
المؤشر 26%

افتراضي رد: مدرسة عاشوراء الخالدة دروس وعبر




استلهام الدروس من عاشوراء
إنّ المشاركة والخدمة في المجالس الحسينية فيها ثواب عظيم، ولكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحدّ، فلم يكن يوم عاشوراء مناسبة للندب والتعزية حسب، بل كان وما يزال وقفة للتأسّي بدروسه والاقتداء بأبطاله، فيجب علينا أن نقتدي بسيّد الشهداء عليه السلام وأن نتأسّى به في جميع شؤوننا.
إنّ من بين ما تميّزت به قضية الإمام الحسين سلام الله عليه ميزتين هامّتين هما: العَبرة والعِبرة، وتكاد تكون هاتان الميزتان متلازمتين. فالذي يحظى بمنزلة أرفع وحرمة أكبر عند سيّد الشهداء هو الأقدر على الجود في العَبرة وأخذ العِبرة من قضية الإمام. وعلى قدر السعي والجدّ في هاتين المسألتين سوف يحظى الفرد بالثواب والجائزة.
وكلّما جاد الإنسان في البكاء والأسى على مصاب الإمام الحسين، أظهر للعالم استنكاره لما جرى على الإمام سلام الله عليه، بمعنى أنّ العبرة على الإمام مظهر لنصرته في أيّ وقت كان.
بعبارة أخرى: إنّ توقّع الإمام الحسين سلام الله عليه من الأفراد يتناسب مع منزلتهم ومقامهم. ولم يهمل المعصومون سلام الله عليهم في رواياتهم هذا الجانب، أي منازل الأفراد، حيث يقول الإمام الصادق سلام الله عليه لأحد أصحابه:
«إنّ الحسن من كلّ أحد حسن وإنّه منك أحسن لمكانك منّا، وإنّ القبيح من كلّ أحد قبيح وإنّه منك أقبح...(12).


1. انقاذ الناس من عتمة الجهل


وفيما يتعلّق بالميزة الثانية ـ وهي أخذ العِبرة ـ فقبل كلّ شيء يجب أن نعلم لماذا اختار الإمام وأبناؤه وأصحابه طريق الشهادة، وبهذه الطريقة المفجعة؟ ولعلّ زيارة الأربعين تجيب عن تساؤلنا، حيث جاء فيها:
«وبَذَلَ مُهجَتَهُ فيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ»(13).
إنّ أئمّتنا سلام الله عليهم كلّهم قد بذلوا مهجهم في سبيل الله ومن أجل هداية الناس، وكما روي عنهم سلام الله عليهم «ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم...»(14) فلماذا خُصّ سيد الشهداء بهذا التعبير؟
إنّ الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه باستشهاده قد فتح مدرسة العِبرة للجميع، ليقارعوا الظلم ويتحمّلوا الشدائد والمصاعب حتى يذوقوا طعم السعادة.
إنّ شهادة الإمام سلام الله عليه هي اختبار للناس وإتمام للحجة، وفي ذات الوقت مشعل هداية ونجاة من الجهل والتيه والظُلمة. فسيّد الشهداء هيّأ أسباب الهداية ومهّد طريقها للناس، عندما قدّم دمه الزكي من أجل النجاة من الضلالة والجهالة ليرتقي الناس إلى السعادة والفلاح.
ومهمّتنا نحن وأمثالنا أن نتمثّل هذه البطولات والتضحيات وأن نجعل من شهادة الإمام سلام الله عليه حجة بالغة، وتوظيفها على أكمل وجه لهداية أنفسنا والآخرين.
بإمكاننا أن نستلهم هذه المعاني من خلال مراجعة سريعة لصفحات التاريخ، حيث روي: أنّ أحد أصحاب الإمام الحسين سلام الله عليه اعترضه وهو في طريقه إلى مكة أو المدينة وقال له: إلى أين يا بن رسول الله؟ إنّ بني أمية سيقتلونك. فأجاب الإمام: فبما يُمتحن هذا الخلق(15).
فدورنا أن نقتبس من نور مشعله قدر استطاعتنا لنستضيء به في طريق الهداية ونخلّص أنفسنا من الظلمات.
فمن أهمّ الدروس في سِفْرِ واقعة استشهاد الإمام أبي عبدالله هو انعتاق النفس من قيود الجهل وحلكة الضلال، وسلوك طريق الهداية، وهو بلا شكّ هدف عظيم وسامٍ إلى الدرجة التي حملت سيّد الشهداء سلام الله عليه على أن يضحّي بنفسه من أجل بلوغه. وعلاوة على البركات المستفادة من الإمام الحسين، تقع علينا مسؤوليتان كبيرتان:
المسؤولية الأولى: أن نعمل بما نعلم ونؤمن به، وأن نسعى إلى الاقتراب أكثر فأكثر من أهداف وقيم سيّد الشهداء سلام الله عليه.
لقد أراد الإمام أن ينجي العباد ـ كلّ العباد ـ من الجهل والضلال والتيه، فكلمة «عبادك»، لا تخصّ الشيعة وحدهم، بل جميع العباد.
لذلك إذا أردنا أن نتقرّب منه أكثر علينا أن نبذل كلّ ما نملك في خدمة هذه القضية.
إنّ الإمام الحسين سلام الله عليه استشهد من أجل: أصول الدين، والأحكام الشرعية، والأخلاق الإسلامية. فمن أراد أن يكون على ولائه لسيّد الشهداء وأهدافه السامية، عليه أن يسعى في الحفاظ على هذه الأهداف الثلاثة التي استشهد من أجلها الإمام وأن يضعها على رأس أولوياته، لتقرّ به عين الإمام الحسين والإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف. ولنعلم بأنّه على قدر هممنا في المضي على هذا الدرب، تكون عنايتهما ولطفهما تجاهنا.
المسؤولية الثانية: هي أن نحثّ الآخرين على أن ينهلوا من هذا المعين الصافي وتعريفهم بشخصية الإمام الحسين سلام الله عليه وأهدافه ومبادئه(16). ويجدر بنا بعد أن نتمثّل التعاليم القيّمة لسيّد الشهداء أن نعلّمها لغيرنا، أي أن نطبّقها وندعو الآخرين إلى تطبيقها.
إنّ معظم الناس ليست لهم اهتمامات بحضور مجالس الوعظ والخطابة أو المجالس الدينية ـ لأسباب عدّة ـ أو لنقل إنّ حضورهم قليل ومحدود، من هذا المنطلق يتوجّب على الذين يتردّدون باستمرار على مثل تلك المجالس ويستمعون إلى محاضرات الخطباء والوعّاظ ويستفيدون ممّا يطرح فيها من أحكام ومعارف، على هؤلاء أن يسعوا إلى إرشاد الآخرين ووعظهم وأن يرفدوهم بالعلوم والمعارف ـ ولو جزء يسير ـ التي تعلّموها من خلال مواظبتهم على حضور مجالس الإمام الحسين سلام الله عليه.
إنّ كلمة «عبادك» في عبارة «ليستنقذ عبادك» تعلّمنا أن نسعى إلى هداية جميع البشر وليس المؤمنين فحسب، وأن نأخذ بأيديهم نحو القمم العليا في الإسلام والإيمان، إلى الصراط المستقيم الذي هو صراط أهل البيت عليهم السلام.
إنّ في أعماق كلّ إنسان ـ بما في ذلك الظالم والمتعصّب والعاصي والجاهل بمختلف أنماطه ـ مساحةً للهداية وقبول الحقّ، والاستعداد للتحوّل والارتقاء، لذا فإنّ على أتباع الإمام الحسين بن علي سلام الله عليهما أن يأخذوا بيد هؤلاء ويعينوهم على الخروج من كهف الجهل وظلمته إلى نور الهداية.
لا يستهين أحدٌ منّا بقدراته أو يقلّل من قابلياته في هذا المجال، فلكلّ منّا مواهب خلاّقة وإمكانات هائلة مطمورة في ذاته، إذا ما أحسن الاستفادة منها وتوظيفها لَوَقَف على حقيقة قدراته ولمس روائع إبداعاته، ويتجلّى لنا هذا عندما نتأمّل في البيت المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه:

أتــزعـم أنـــّك جـرمٌ صغــير
و فيك انطوى العالم الأكبر(17)
فكم من الأمور التي يمكن إنجازها حتى بالقول وحده.
أحد الأشخاص الذين أعرفهم كان يحثّ الناس ويدعوهم إلى تقديم الإعانات المالية لتنفيذ مختلف أعمال الخير، وقد استطاع عن هذا الطريق بناء 80 مسجداً، وهذه مسألة مهمّة يجدر بأهل العلم أن يأخذوها في الحسبان، وهي أنّ لبعض الوسائل كالخطابة والكتابة أثراً كبيراً في جذب الناس واستنفار طاقاتهم وإمكاناتهم قد لا تتوافر في الوسائل الأخرى، لذا ينبغي أن يوجّه أهل العلم منابرهم وأقلامهم لتحقيق هذا الهدف.
وصيّة أخرى إلى الخطباء والذين يرتقون المنابر، وهي أن يختاروا أشخاصاً ممّن يجدون فيهم الأهلية والصلاح لمرافقتهم في هذه المهامّ الجهادية، لأنّ هذه الصحبة ستكون مفيدة من جهة أنّهم سيتعلّمون من سلوك الخطيب وتصرّفاته قبل أن يتعلّموا من خطبه وأقواله، ومعلوم أنّ السلوك أقوى في التأثير من الخطاب وأبلغ في التلقّي من المقال ـ وهذا أيضاً ينطبق علينا تجاه من نعتبرهم مثلنا الأعلى، فنحن نستلهم المعرفة من سيرتهم قبل أن نأخذ الدروس من أقوالهم ـ .
وعلى هذا الأساس، فإنّ هؤلاء الأفراد الذين يصحبونكم سيستفيدون من صحبتكم أكثر. بعبارة: سيقفون على تصرّفاتكم بتفاصيلها ودقائقها، وهذا يتيح لهم التعرّف على حقيقة أحوالكم وماهيّتكم ومن ثمّ يختصر عليهم طريق التصديق بأقوالكم وآرائكم.
إنّ مسؤولية هداية الناس وإنقاذهم من ظلمات الجهل والضلالة والتيه، ليست حكراً على أحد بل هي مسؤولية عامة، وهي تعتبر أحد الدروس المستلهمة من سيرة سيد الشهداء سلام الله عليه.
إنّ تحقيق هذا الهدف يتمّ عبر عدّة أساليب ووسائل، وعلى كل منّا أن يسلك الطريق المناسب للوصول إلى هذا الهدف، وألاّ يدّخر جهداً في سبيل ذلك.
تابــــــــــــــــــــــع
__________________
السلام عليك يا أبا عبدالله الحُسينْ



لعن الله امة قتلتك يا سيدي و لعن الله امة سمعت بذلك فرضيت

خالد الاسدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس