عرض مشاركة واحدة
قديم 12-28-2010, 10:38 PM   #2
خالد الاسدي
 
الصورة الرمزية خالد الاسدي
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: العـــــراق
العمر: 63
المشاركات: 5,480
معدل تقييم المستوى: 20
خالد الاسدي is on a distinguished road

اوسمتي

المستوى : 53 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 130 / 1306

النشاط 1826 / 53592
المؤشر 26%

افتراضي رد: مدرسة عاشوراء الخالدة دروس وعبر




فداحة المصيبة
في الحقيقة، لا يمكننا أن نتصوّر ما كابده سيّدالشهداء عليه السلام في يوم عاشوراء. قد تراود الإنسان أحياناً بعض الخطرات، لكنّه مع ذلك، لا يتصوّر ما جرى في ذلك اليوم فعلاً.
لاشكّ أنّ الإمام المعصوم أرقى وأعقل خلق الله، وله روح عالية تعلو على أرواح جميع المخلوقات، لكن في الوقت نفسه له قلب يطفح بعاطفة تسمو على عواطف جميع البشر، وإن كانت معقودة بأكمل العقول.
لقد ذرف الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله الدمع حزناً على فقد ولده إبراهيم، الذي لم يتجاوز العام ونصف العام.
وكان صلّى الله عليه وآله يجهش بالبكاء لدرجة كان كتفاه يهتزّان حتى قال له بعض أصحابه: يا رسول الله، تأمرنا بالصبر وتبكي لهذه المصيبة؟ فقال:
«تدمع العين ويحزن القَلْبُ ولا نقول ما يُسخط الربّ وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون»(4).
فالرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله يبكي كلّ هذا البكاء لفراق ولده ذي الثمانية عشر شهراً، بينما فقد الإمام الحسين يوم عاشوراء أعزّ الناس وأقربهم إليه كأبي الفضل العباس وعلي الأكبر والقاسم... . ولو كان هؤلاء أفراداً عاديين لهان الأمر، ولكنّهم ترعرعوا في حجر الإمامة الطاهر، وكانوا بعد الإمام المعصوم قدوة في الوفاء والنخوة والأصالة، ولا مثيل لهم على وجه الأرض مطلقاً، وإنّنا لنعجز عن أداء حقّهم في وصف مكانتهم.
أجل، في أقلّ من نصف يوم، تجرّع الإمام الحسين كلّ هذه المصائب وتحمّل ما لا يطيقه بشر.
وحينما أراد جيش عمر بن سعد ـ في اليوم الحادي عشر من محرّم ـ اقتياد السبايا إلى الكوفة، كان الإمام السجّاد سلام الله عليه من شدّة ما ألمّ به من مرض لا يقوى على ركوب الناقة، لذلك قاموا بشدّ رجليه من أسفل بطن الناقة. وعندما اقتيد السبايا من وسط ساحة المعركة، رمت النسوة والصبية بأنفسهم على جثث الشهداء، أمّا الإمام السجّاد سلام الله عليه فلم يستطع فعل ذلك، ويقول في هذا الشأن:
فكادت نفسي تخرج فَتَبَيَّنَتْ ذلك عَمَّتـي زينب...(5).
لذلك عندما رأت الإمام السجّاد سلام الله عليه يوشك أن يلفظ أنفاسه، تركت جثث الشهداء وتوجّهت إليه، وذكرت له بعض الأمور ـ والتي طبعاً هو أعلم بها ـ حتى هدأ قليلاً. وقد أخبرت العقيلة زينب ابن أخيها بأنّ هذا الحال لن يدوم، فسوف يأتي زمان يقيم أناس مجالس عزاء للإمام الحسين ويحيون ذكراه. فأسكنت لوعة قلبه الشريف بقولها:
ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض... ينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يُدرس أثره...(6).
وكلّ ذلك كان بعين الله التي لا تنام حتى تحلّ الساعة التي يأذن الله سبحانه فيها بحكمته العالية انتهاء أمر الصبر لتصل النوبة للعدل الإلهي والانتقام من الظالمين.
أسأل الله ببركة سيّد الشهداء ـ هذا الإمام الهمام الذي هو منشأ البركات في الدنيا والآخرة ـ أن يوفّقنا أكثر فأكثر على طريق خدمته والتزوّد من أهدافه الرفيعة والعون على إقامة المجالس الحسينية المباركة.


ثواب إحياء الشعائر الحسينية


إنّ الذين قدّموا الخدمات الجليلة للإمام الحسين سلام الله عليه، وتحمّلوا في سبيله العناء والعذاب، سيُسَجَّل لهم ما قدّموه بأحرف من نور في سفر التاريخ، وفي المقابل سُتكتب أسماء الذين وجّهوا ولو أدنى إهانة لمواكب العزاء والمآتم الحسينية بأحرف من نار وهوان، أولئك الذين وقفوا في وجه مراسيم العزاء على سيّد الشهداء وكذا بدرجة أقلّ أولئك الذين أعاقوا أو ثبّطوا ذويهم أو الآخرين عن إقامة هذه الشعائر أو المشاركة فيها، كالزوج الذي منع زوجته من المشاركة، أو الزوجة التي ثبّطت من عزيمة زوجها، أو الأخ الذي منع أخاه، أو الجار الذي منع جاره، وبعبارة واحدة: كلّ من وضع عقبة في طريق إقامة الشعائرالحسينية، كلّ ذلك سيسجّل عليهم صغيراً كان أو كبيراً.
إنّ الخاسر الحقيقي هو من انتهك حرمة عزاء سيّد الشهداء وأهل البيت الأطهار سلام الله عليهم بأيّ طريقة كانت، ولن يهنأوا في حياتهم حتى في شربهم الماء، ففي الخبر أن الله تعالى أوّل شيء يحاسِب عليه المرء هي قضية سيّد الشهداء سلام الله عليه، فيحاسب كلّ من كان مع سيّد الشهداء وكلّ من كان ضدّه بل وكلّ من خطا خطوة في طريق سيّد الشهداء سلام الله عليه، وكلّ من خطا خطوة في طريق أعدائه، فيحشر أتباع سيّد الشهداء معه وأعداؤه مع قتلته.
كان هناك عالمان جليلان، رهن أحدهما عمره في خدمة مجالس عزاء سيّد الشهداء لم يتوانَ عن بذل أيّ خدمة بماله أو بلسانه... في هذا السبيل، أمّا الآخر فلم يكن يعر أهميّة تُذكر لهذه القضية. والآن، وبعد مضي سنوات على وفاتهما، كان من الثواب الذي ناله الأوّل هو أنّ الله قد وفّق أبناءه وأحفاده، فجعل منهم المؤلّف والعالم والمدرّس والمرجع الديني، منتشرين في أصقاع الأرض يُحيون ذكرى أبيهم، في حين لم يبق من الثاني أيّ أثر يخلّده، وهذا بالتأكيد نتيجة لتعظيم الأوّل مسألة التفاني والإخلاص لسيّد الشهداء سلام الله عليه، وعدم اكتراث الثاني لهذه المسألة، ومن هنا يتبيّن بأنّ أيّ خدمة تقدّم لمواكب العزاء الحسينية لن تذهب سدى أبداً.
لا بأس بأن نذكر مثالاً آخر من بين آلاف الأمثلة التي يتّضح من خلالها الثواب الذي يُعطى لخدّام المسيرة الحسينية، وقد يحمل كلّ واحد منكم أيضاً في ذاكرته أمثلة أخرى عن بركات وألطاف البيت النبوي لمسها في نفسه أو في بعض أقربائه.
يُروى أنّه كان هناك شخصان أحدهما بائع بسيط بدخل متواضع، والآخر من أغنياء المدينة وأعيانها. كان البائع البسيط يكدّ ويشقى من الصباح حتى المساء لتأمين رزقه، وعندما كان يعود إلى بيته يجلس فيقسّم حاصله اليومي إلى ثلاثة أثلاث، يخصّص ثلثاً منها ويدّخره باسم الإمام الحسين سلام الله عليه، وبمرور الليالي والأيّام وبعد البركة التي أفاضها الله تعالى على رزقه وما ادّخره، اشترى قطعة أرض خارج مدينته وبعد سنوات قليلة شاء الله تعالى أن تتوسّع المدينة، فأدخل التوسّع قطعته تلك إلى داخل المدينة، فبنى فوقها حسينيّة لإقامة العزاء على سيّد الشهداء سلام الله عليه بالإضافة إلى إقامة الفرائض والمراسيم الدينيّة الأخرى. وقد ذكر ابن ذلك الكاسب: بأنّ أهل البلد عرضوا عليه شراء تلك الحسينية مقابل مبلغ 5 مليارات تومان لغرض تحويلها إلى مبنى عام، لكنه رفض وقال: «هذا المكان وقف للإمام الحسين سلام الله عليه ولم يعُد ملكاً لنا».
إنّ خدمات ذلك الكاسب في الدنيا محفوظة له، من خلال المراسيم التي تقام في تلك الحسينية والتي أحيت ذكره، هذا بالإضافة إلى الثواب الأخروي الذي ينتظره، بينما لم أسمع عن ذلك الثريّ أنّه أوقف ولو شبراً واحداً من أملاكه للإمام الحسين سلام الله عليه، حتى آل الأمر إلى أن اقتسم ورثته من بعده كلّ أمواله، ولم يبق له أيّ شيء يحيي اسمه من بعده.
ومن هذا المنطلق، تعتبر قضية الإمام الحسين سلام الله عليه قضية تكوينية، بمعنى أنّه من قدّم خدمة خالصة للإمام، سيثاب عليها في الدنيا قبل الآخرة.
من المناسب هنا أن نتطرّق لرواية تبيّن مدى عظمة الأجر لزائر الإمام الحسين سلام الله عليه ومحيي مجالسه ومعظّم شعائره:
سابقاً كان قبر الإمام الحسين في عرض الصحراء حيث لا أثر أو علامة تميّزه، ولم يكن باستطاعة أحد الاهتداء إليه وزيارته من غير دليل مرشد. ومن ناحية ثانية، كان الجواسيس منتشرين في تلك الناحية ومأمورين بالقبض على كلّ زائر يتّجه صوب القبر المشرّف، لتسليمه إلى السلطات آنذاك. وقد أدخل هذا الأمر الرعب في قلوب الوالهين لزيارة الإمام سلام الله عليه، ولم يكن أحد ليجرؤ على الزيارة. في هذا الصدد، يقول عبد الله بن بُكير(7): قلت له (أي للإمام الصادق سلام الله عليه): إنّي أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجتُ فقلبي وجِلٌ مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح؟ فقال له الإمام:
يابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفا؟ أما تعلم أنّه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه وكان محدّثه الحسين (سلام الله عليه) تحت العرش وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزع فإن فزع وقرته الملائكة وسكّنت قلبه بالبشارة»(8).
ففي ذلك اليوم العصيب الذي ينشغل كلٌّ بنفسه ومصيره، هناك مكان آمن يرفل بالطمأنينة والسكينة ألا وهو ظلّ العرش حيث يقف الإمام الحسين. فأولئك الذين تحمّلوا المشاقّ والهوان في سبيله سلام الله عليه سيحظون بالأمن وبشرف التحدّث معه، أمّا الذين لم يسيروا في ذلك الطريق ولم يتحمّلوا الصعاب فيه فسيحرمون هذه النعمة العظيمة.
حريّ بنا أن نقيّم أعمالنا ونرى ما لمجالس العزاء والحزن على مصاب أهل البيت سلام الله عليهم من ثواب من خلال ما ورد في ذلك عن أهل البيت، فقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال:
«نَفَسُ المَهمُوم لِظُلْمِنا تَسْبيحٌ، وَهَمّهُ لَنا عِبادَة»(9).
إنّكم تحملون في داخلكم همّاً عظيماً بسبب مصاب الإمام الحسين سلام الله عليه، إذن أنفاسكم كلّها تسبيح تسجّلها الملائكة لكم في صحيفة أعمالكم، ففي كلّ نفس يكتب لكم قول سبحان الله. كما أنّ حزنكم عبادة لكم، إضافة للثواب الذي تحصلون عليه لقاء خدمتكم في هذا الطريق.
لذا، فمن يتحمّل مشاقَّ وأعباءً أكثر ويضع راحته وسهره في خدمة الإمام الحسين سلام الله عليه، بطبيعة الحال له أجرٌ أعظم.
يُنقل أنّ أحد الأفراد من أهل العلم، كانت له رؤيا(10) لاثنين من الفقهاء الأفاضل، أحدهما الشيخ الأنصاري رحمه الله الذي تنهل الحوزات العلمية الدينية من علمه منذ 150 عاماً، والآخر الشيخ الدربندي رحمه الله. هذان العالمان كانا زميلي دراسة في مرحلة الشباب، وكانا من تلامذة المرحوم شريف العلماء رحمه الله، وأصبح كلاهما فيما بعد مرجعين للتقليد، وفي ذلك الوقت كان الشيخ الأنصاري هو المرجع العام للشيعة، والدربندي له مرجعية محدودة. ذات يوم عزم أحد طلاّب الشيخ الأنصاري ـ وكان طالباً مجدّاً يحمل صفات العلم والورع ـ على السفر إلى إيران، فقام الشيخ الأنصاري بوداعه حتى مشارف المدينة مشياً على الأقدام. وكان قد عزم ذلك الطالب على السفر أوّلاً إلى مدينة كربلاء ثمّ الكاظمية وسامراء ليواصل بعدهما سفره إلى إيران، لكنّه وفي اليوم التالي توقّف ولم يكمل ما عزم عليه في المسير إلى كربلاء، ورجع من وسط الطريق. وعندما رأى الشيخ الأنصاري تلميذه في النجف الأشرف سأله: «لماذا عدت؟!» أجابه: ليلة أمس غلبني النوم وأنا في منتصف الطريق في جوف الصحراء، فرأيت ملكاً في منامي يقول لي: إلى أين أنت ذاهب في هذه الصحراء، إنّك راحل عن هذه الدنيا بعد أقلّ من ثلاثة أيّام. وهذا القصر لك ـ وأشار الملك إلى قصر ـ. ولم أكن أعلم على وجه اليقين إن كانت هذه رؤيا صادقة أم لا، فقفلت راجعاً إلى النجف، لأكون عند أمير المؤمنين سلام الله عليه وليس في الصحراء فيما لو تحقّقت الرؤيا، وإذا بان خطؤها أواصل رحلتي من جديد. وبالفعل، تحقّقت الرؤيا وتوفّي الرجل فعلاً بعد الرؤيا بأقلّ من ثلاثة أيّام كما وُعد بذلك.
يروي هذا الشخص نفسه للشيخ الأنصاري بأنّه قد رأى في ذلك المنام أيضاً قصراً شامخاً فسأل: لمن هذا القصر؟ فقيل له: «إنّه للشيخ الأنصاري»، وفي ناحية مجاورة من ذلك القصر رأى قصراً آخر أفخم من القصر الأوّل، فسأل: وهذا لمن؟ قيل له: «هذا قصر الشيخ الدربندي»(11). وكان المتحدّث يعرف الشيخين جيداً، ويعلم أنّ مرجعية الشيخ الدربندي لا تضاهي مرجعية الأنصاري، لذلك أثارت فخامة قصر الشيخ الدربندي في تلك الرؤيا السؤال في نفسه ليسأل الملك عن سبب ذلك، لأنّه من المتوقع أن يكون قصر الأنصاري أكثر فخامة وعظمة، فأجابه المَلَك قائلاً: «هذا ليس جزاء أعمال الدربندي العامّة، بل هو هدية له من قِبل الإمام الحسين سلام الله عليه لقاء اهتمامه بمجالسه».
وكما أنّ لخدمة المواكب الحسينية وتعظيم شعائرها ثواباً وأجراً جزيلاً، كذلك فإنّ التصدّي لهذه المواكب ومحاربتها ستكون لهما عاقبة سيّئة. ومن يضع العراقيل في طريق المواكب الحسينية، سيلقى جزاءه في دار الدنيا قبل الآخرة؛ لأنه بذلك يكون كمن يحارب الإمام الحسين سلام الله عليه. إنّ الثواب الحقيقي للأعمال عموماً يُكشف عنه في يوم الحساب، لكنّ المسيء للإمام الحسين سيدفع ثمن ذلك في الدنيا قبل الدار الآخرة.

تابـــــــــــــــع
__________________
السلام عليك يا أبا عبدالله الحُسينْ



لعن الله امة قتلتك يا سيدي و لعن الله امة سمعت بذلك فرضيت

خالد الاسدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس