عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2013, 03:35 PM   #13
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 12
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 7600
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض آيات سورة النساء ( 13)



91 – (سَتَجِدُونَ) أيّها المسلمون قوماً (آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ) أي يريدون أن يأخذوا الأمان لأنفسهم منكم ومن قومهم فإذا جاؤوا إليكم قالوا نحن معكم ضدّ قومنا ، وإذا رجعوا إلى قومهم قالوا إنّا معكم ضدّ المسلمين ، ثمّ أخبر الله تعالى عنهم بأنّهم يزدادون كفراً ونفاقاً كلّما رجعوا إلى قومهم وليسوا بمسلمين كما يزعمون فقال (كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا) والمعنى كلّما رجعوا إلى قومهم فتنوهم عن دينكم وأرجعوهم إلى كفرهم واغرقوهم في تضليلهم وكذبهم على المسلمين (فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) يعني فإن لم يعتزلوا قتالكم (وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أي ويستسلموا لأوامركم ويصالحوكم (وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ) عن أذاكم (فَخُذُوهُمْ) أسرى (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ) أي حيث وجدتموهم إن أمكنكم ذلك (وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا) أي أدلّة بيّنة وسلطة ظاهرة .

92 – (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا) معناه من قتل مسلماً مؤمناً متعمّداً فهو ليس بمؤمن بل هو كافر وجزاؤه جهنّم ، ثمّ استثنى قتل الخطأ فقال تعالى (إِلاَّ خَطَئًا) يعني إذا وقع القتل خطأً فليس جزاؤه جهنّم ولكن عليه تحرير رقبة مؤمنة على وجه الكفّارة وذلك قوله تعالى (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ) وقوله (وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) يعني وعليه أيضاً دية المقتول يسلّمها إلى أهله وورثته (إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ) يعني إلاّ أن يتصدّق أولياء المقتول وأهله بالدية على عائلة القاتل ، وذلك إن كان أهل المقتول أغنياء وأهل القاتل فقراء فيستحبّ أن يتصدّقوا عليهم .

ثمّ بيّن سبحانه حكم المقتول إن كان من قوم كافرين ولكنّه وحده مؤمن فقال (فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ) أي كان المقتول وحده مسلماً مؤمناً دون أهله وعشيرته (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ) أي فعلى القاتل عتق رقبة مؤمنة وليس عليه دية ، لأنّ أهله كافرون والكافر لا يرث المسلم (وَإِن كَانَ) المقتول (مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ) أي بينكم وبينهم شروط ومواثيق على تأدية الدية (فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ) يعني فعليه الإثنان الدية وعتق الرقبة (فَمَن لَّمْ يَجِدْ) مالاً ليعتق رقبة (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) يعني فعليه أن يصوم شهرين متتابعين لا يفصل بينهما بإفطار يوم (تَوْبَةً) يتوبها القاتل وكفّارة له عن إثمه ومغفرة (مِّنَ اللّهِ) لخطئه إن سلّم الدية (وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا) بأفعالكم (حَكِيمًا) فيما يأمركم به وينهاكم عنه1 .

------------------------------------------------------

1 [ويلاحَظ هنا كيف أنّ الإسلام يربّي الضمير الإنساني فيجعله رقيباً على المخطئ إذ يصوم شهرين متتابعين وهو حرّ طليق – المراجع]

97 – أظهر بعض المشركين إسلامهم في مكة ولكنّهم رجعوا إلى إشراكهم ولم يهاجروا إلى المدينة ، وبقي بعض من أسلم على إسلامهم ولكنّهم لم يهاجروا إلى المدينة لعدم استطاعتهم السفر ، لأنّ بعضهم شيوخ وبعضهم نساء وأولاد صغار فنزلت فيهم هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ) وأصلها تتوفّاهم فحذِفت إحدى التائين للتخفيف ، والمعنى إنّ الذين يُقتَلون أو يموتون من المشركين تقبض أرواحهم (الْمَلآئِكَةُ) وهما عتيد و رقيب (ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) لأنّهم أدخلوها جهنّم بكفرهم وامتناعهم عن الهجرة مع النبيّ (قَالُواْ) يعني الملائكة تقول لأرواحهم وتخاطبها (فِيمَ كُنتُمْ) يعني في أيّ شيء كنتم من دينكم ؟ وذلك على وجه التوبيخ لفعلهم (قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ) يستضعفنا أهل الشرك في أرضنا بكثرة عددهم وقوّتهم ويمنعوننا من الإيمان بالله وحده واتّباع رسوله ، وهذا على وجه الاعتذار (قَالُواْ) أي الملائكة (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا) أي فتخرجوا من أرضكم ودوركم وتفارقوا من يمنعكم من الإيمان بالله ورسوله إلى أرض يحرسكم أهلها من المشركين (فَأُوْلَـئِكَ) الكافرون (مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ) يأوون إليها ويسكنون فيها (وَسَاءتْ مَصِيرًا) يعني ساءت أحوالهم وساء مصيرهم فيها .

98 – ثمّ استثنى من ذلك المستضعفين حقيقةً فقال (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ) العاجزين عن الهجرة (وَالنِّسَاء) العاجزات أيضاً (وَالْوِلْدَانِ) أي الأولاد الذين (لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) للخروج (وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) للوصول إلى المدينة .

99 – (فَأُوْلَـئِكَ) الضعفاء (عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ) تقصيرهم (وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا) لِمن يستحقّ العفو (غَفُورًا) لِمن تاب من الموحّدين .

101 – (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ) أي سافرتم للحرب لقتال عدوّكم (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ) أي حرج (أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ) والمعنى لا حرج عليكم أن تصلّوا بدل الأربع ركعات ركعتين إن كنتم في حرب مع الأعداء وكنتم خائفين منهم أن يغتنموا صلاتكم فرصة لهم فيرمونكم بِسهامهم أو يسلبوكم أمتعتكم أو غير ذلك مِمّا يصيبونكم بأذاهم .

فالفتنة معناها الأذى والعذاب ، فصلاة القصر رخصة للمسافر وليست واجبة وذلك إن كان خائفاً ، ولكن يباح للمسافر أن يجمع بين الصلاتين (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا) فاحذروهم ولا تغفلوا عنهم .

102 – (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ) يا محمّد (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ) يعني فأتممت لأصحابك الصلاة في حال الخوف من العدوّ (فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ) وطائفة من ورائكم تحرسكم من عدوّكم (وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ) يعني وليأخذ المصلّون أسلحتهم معهم فيتقلّدون سيوفهم وإن كانوا في الصلاة (فَإِذَا سَجَدُواْ) المصلّون وأكملوا صلاتهم (فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ) يحرسونكم ، والخطاب هنا للنبيّ والذين لم يصلّوا ، والمعنى إذا أكملت الفرقة المصلّية صلاتها فليكونوا من وراء الفرقة الثانية التي لم تصلّ فيحرسوها عند صلاتهاخلف النبيّ ، وهذا معنى قوله تعالى (وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ) أي الذين كانوا يحرسون (فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ) يا محمّد (وَلْيَأْخُذُواْ) معهم (حِذْرَهُمْ) وهي الدروع والتروس والخوذ (وَأَسْلِحَتَهُمْ) وهي السيوف والرماح والنبال (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم) أي يحملون عليكم (مَّيْلَةً وَاحِدَةً) أي حملةً واحدة وأنتم متشاغلون بصلاتكم أو بشيءٍ آخر فيصيبون منكم (وَلاَ جُنَاحَ) أي ولا حرج (عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ) إلى جنبكم على أن تكونوا منتبهين لعدوّكم غير غافلين (وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ) أي آلات حذركم وهي الدروع والتروس والخوذ (إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) أي فيه إهانة لهم .



منقول من كتاب تفسير المتشابه
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس