04-08-2013, 03:05 AM
|
#14
|
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 13

المستوى : 10 [ ]
الحياة
0 / 225
النشاط
40 / 8353
المؤشر
3%
|
تفسير بعض من آيات سورة آل عمران ( 13 )
187 – (وَ) اذكر لهم يا محمّد (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ) يعني اليهود ، والميثاق هو العهد ، والمعنى : وذكّرهم يا محمّد بالعهد الذي أخذه الله عليهم بأن لا يعبدوا البقر ولا الحجر ولا النجم ولا الشجر بل يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئاً ، وأكّد على علمائهم وأحبارهم بقوله تعالى لهم (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) أي يجب عليكم أيّها الأحبار أن تذكّروا أصحابكم وقومكم بهذا العهد وتبيّنوه لهم جيلاً بعد جيل لئلاّ ينسوه ويلتفتوا إلى الأصنام فيعبدوها (وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) أي ولا تكتموا العهد عن قومكم خوفاً من رؤسائكم وملوككم بل يجب عليكم أن تذكّروهم على الدوام .
فأخبر الله تعالى عنهم بأنّهم نقضوا العهد الذي أخذه عليهم وعبدوا الأصنام والنجم والشجر فقال تعالى (فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ) وهذا مثل عند العرب يقال في العهد إذا نقضوه أو في شيء تركوه ، ومعناه : وتركوا عهد الله جانباً ولم يَفُوا به (وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) يعني استبدلوا به مالاً يسيراً ، وذلك أنّ رؤساءهم وملوكهم أعطَوا الأحبار من المال والهدايا ليسكتوا عن الدعوة إلى التوحيد وبقائهم على عبادة الأصنام فأخذوا المال وسكتوا (فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) أي بئس المال الذي أخذوه بدل تذكير قومهم على العهد ودعوتهم إلى عبادة الله لأنّ المال يزول وآخذي المال يُعاقَبون يوم القيامة .
188 – ثمّ أخذ سبحانه في ذمّ أحبار اليهود الذين أخذوا المال وفرحوا به وسكتوا عن عبادة قومهم للأوثان وتركوا الدعوة إلى التوحيد فقال (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أوتُواْ) من المال (وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ) بين قومهم فيحترمونهم ويمدحونهم ويقبّلون أيديهم (بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ) من فعل يستحقّون عليه المدح بين الناس أو يستحقّون به الثواب عند الله بل لمجرّد أنّهم أحبار (فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ) أي لا تظنّ أنّهم ينجون من العذاب يوم القيامة بعذرهم حيث يقولون إنّنا لم نعبد الأصنام كما عبد قومنا ، فنقول لهم ألم تكونوا علماء قومكم وأحبارهم فلم لم تعلّموهم وتذكّروهم بالعهد الذي أخذه الله عليهم بل سكتّم عنهم وفرحتم بالمال الذي أخذتموه من مرؤوسيكم ، فهؤلاء لهم الخزي في البرزخ (وَلَهُمْ) يوم القيامة (عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
189 – ثمّ بيّن سبحانه أنّه غنيّ عن عبادة خلقه فقال (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) فلا يحتاج إلى عبادة أحد من خلقه ، فإن دعوتم الناس إلى عبادته أيّها الأحبار فإنّكم تؤجَرون وإن تركتم الدعوة ورضيتم بالإشراك فإنّكم تخسرون 1، (وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلو شاء لهداهم إلى التوحيد ولكن يهدي من يستحقّ الهداية ويضلّ من يستحقّ الضلالة .
---------------------------------------------
1[ومثلها في التوراة "17 قَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيباً لِآل إِسْرَائِيلَ. فَـتسْمَعِ الْكَلِمَةَ مِنْ فَمِي وتَنْذِرُهُمْ عنّي. 18إِذَا قُلْتُ لِلمنافقِ: إنّك تَمُوتُ مَوْتاً وَمَا أَنْذَرْتَهُ أَنْتَ وَلاَ تَكَلَّمْتَ إِنْذَاراً لِلمنافقِ مِنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ ليتوب, فَذَلِكَ المنافق يَمُوتُ بِإِثْمِهِ, أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. 19وَإِنْ أَنْذَرْتَ المنافق وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ شَرِّهِ وَلاَ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ, فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِإِثْمِهِ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ نَجَّيْتَ نَفْسَكَ." – حزقيال 3: 17-19 ، فما أحرى بذوي العلم فينا من هداية الضالّين ! – المراجع ]
200 – ثمّ حثّ الله المؤمنين على الصبر والثبات في قتال الكافرين فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ) على قتال الكافرين ولا تجزعوا (وَصَابِرُواْ) إخوانكم ، أي أوصوا إخوانكم بالصبر ، والمعنى فليصبّر بعضكم بعضاً ، وهذا على وزن اكتبوا وكاتبوا ، (وَرَابِطُواْ) في مكانكم ، يعني لازموا أماكنكم ولا تنهزموا (وَاتَّقُواْ اللّهَ) في هذه الأوامر ولا تتخاذلوا (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) في قتالكم وتنتصرون على عدوّكم .
تمّ بعون الله تفسير سورة آل عمران
ويليه تفسير سورة النساء
================
منقول من كتاب تفسير المتشابه
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله تعالى
|
|
|