عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2013, 12:41 AM   #35
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 13
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 8353
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 35 )



276 – ثمّ حذّر سبحانه عن أخذ الربا وبيّن ما لصاحبه من العذاب يوم القيامة فقال (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ) في الدنيا (لاَ يَقُومُونَ ) يوم القيامة من قبورهم (إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ) السكران (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) التخبّط هو الضرب على الأرض والسير على غير اهتداء ، والمسّ هو شدّة السكر وهي كلمة عربيّة استعملتها الفرس ، فتقول في أغانيها :"مس بودم هوشيارم كردي" أي كنت سكراناً فأصحيتني . فقوله تعالى (إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) يعني كمثل السكران الذي يتخبّطه الشيطان من شدّة السكر فيذهب به يميناً وشمالاً ويلقيه في المهالك . وهذا كقوله تعالى في سورة الحج {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} ، وقوله (ذَلِكَ ) أي ذلك العذاب لهم (بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ) فردّ الله عليهم وذمّ فعلهم فقال (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) في جميع الكتب السماوية السالفة فكيف يحلّونه بأهوائهم ويجعلونه مثل البيع (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) أي فمن بلغه وعظ من الله وزجر بالنهي عن الربا (فَانتَهَىَ ) عن أخذ الربا وتاب (فَلَهُ مَا سَلَفَ ) معناه فله ما أخذ وأكل من الربا قبل النهي (وَأَمْرُهُ ) في الرزق والعيش (إِلَى اللّهِ ) فإنّ الله يرزقه إذا اتّعظ وترك الربا واكتسب من الحلال وترك الحرام (وَمَنْ عَادَ ) إلى أكل الربا بعد التحريم (فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) يوم القيامة .

279 – كان بعض المسلمين يشتغلون في الربا في زمن الجاهلية أي قبل إسلامهم وكانت لهم بقايا على أصحابهم فلمّا أسلموا وصار وقت الطلب طالبوا قومهم بذلك ، فنزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ ) أي واتركوا (مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ) على الناس (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) إيماناً حقيقياً .

280 – ثمّ أخذ سبحانه يهدّدهم ويتوعّدهم فقال (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ ) أي فإن لم تقبلوا أمر الله ولم تتركوا بقيّة الربا (فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) أي فاعلموا أنّ الله تعالى يأذن لرسوله بحربكم ومقاتلتكم إن لم تفعلوا ما أمِرتم به (وَإِن تُبْتُمْ ) من استحلال الربا وأقررتم بتحريمه (فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ ) دون الزيادة (لاَ تَظْلِمُونَ ) الناس بأخذ الزيادة على رأس المال (وَلاَ تُظْلَمُونَ ) بالنقصان من رأس المال .

281 – (وَإِن كَانَ ) المديون (ذُو عُسْرَةٍ ) لا يتمكّن من دفع ما عليه من الدين (فَنَظِرَةٌ ) النظِرة تصغير الانتظار ، والمعنى فانتظروه (إِلَى مَيْسَرَةٍ ) الميسرة تصغير يسار ، والمعنى فانتظروه حتّى تتيسّر له الدراهم فيعطيكم (وَأَن تَصَدَّقُواْ ) أصلها وأن تتصدّقوا , فحذفت إحدى التاءين لتسهيل الكلام ، والمعنى وأن تتصدّقوا على المُعسر بما عليه من الدين (خَيْرٌ لَّكُمْ ) من مطالبته (إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ما لكم عند الله من الأجر والثواب بذلك .

287 – (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) أخبر سبحانه بأنّه لا يكلّف الإنسان شيئاً لا يتمكّن عليه وليس بمقدوره (لَهَا مَا كَسَبَتْ ) من الأجر والثواب (وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) من الشرّ والعقاب بفعل السيّئات ، فلا يؤاخذ أحد بذنب غيره (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا ) بالعقاب (إِن نَّسِينَا ) شيئاً من الطاعات (أَوْ أَخْطَأْنَا ) سهواً غير متعمّدين ، وهذا معطوف على ما قبله ، والتقدير : وقالوا ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا ) الإصر كلّ أمر يثقل على الإنسان القيام به ومن ذلك قول النابغة :

يا مانعَ الضيمِ أنْ يَغشَى سُراتَهُمُ والحاملَ الإصرِ منهمْ بعدَ ما غَرِقوا

والمعنى : ولا تحمل علينا أمراً يثقل علينا القيام به (كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) أي على الأمم الماضية من الأحكام الشاقة (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) من الأحكام ، وذلك كالصوم الذي يصومه اليهود وهو ثلاث وعشرون ساعة من كلّ يوم يصومونه وتتنجّس الحائض عندهم حتّى أنّه من يمسّ فراشها يتنجّس ويجب عليه الغسل ، ويجب على زوجها أن يعزل فراشه ولا يجامعها إلاّ بعد سبعة أيّام من طهرها فيكون انقطاعه عنها أربعة عشر يوماً ، وغير ذلك من الأحكام الشاقّة (وَاعْفُ عَنَّا ) ذنوبنا يعني امح ذنوبنا التي لم يطّلع عليها غيرك (وَاغْفِرْ لَنَا ) خطايانا ، يعني استر خطايانا التي اطّلعت عليها الناس وأنسِهم إيّاها (وَارْحَمْنَآ ) في عالم البرزخ ، أي ارحمنا بعد موتنا كما رحمتنا في الدنيا (أَنتَ مَوْلاَنَا ) أي سيّدنا (فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) .



تمّ بعون الله تفسير المتشابه من سورة البقرة

ويليه تفسير سورة آل عمران .


منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس