عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2013, 04:36 PM   #31
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 13
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 8353
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة (31)



239 – (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ ) جمع صلاة ، أي داوموا عليها بأوقاتها ولو كان ذلك في الحرب ، وهي خمس صلوات فقد جاء ذكر ثلاث منها في سورة هود وهي صلاة الصبح أي الفجر وصلاة العصر والمغرب وذلك قوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} فقوله تعالى {طَرَفَيِ النَّهَارِ} يعني الصبح والعصر {وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} يعني أوّل الليل وهي صلاة المغرب فهذه ثلاث , وجاء ذكر اثنتين من الصلاة أيضاُ في سورة الإسراء وهي صلاة الظهر وصلاة العشاء , وذلك قوله تعالى في سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} ودلوك الشمس زوالها وهي صلاة الظهر ، وغسق الليل ظلامه وهي صلاة العشاء فصار المجموع خمساً ، وقوله (والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) هي صلاة الجمعة (وَقُومُواْ ) بعد الصلاة (لِلّهِ قَانِتِينَ ) أي ذاكرين في جميع أوقاتكم وحركاتكم وسكناتكم ، ويؤيّد ذلك قوله تعالى في سورة الجمعة {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي واذكروه دائماً .

ويباح الجمع بين الصلاتين عند الضرورة والحرب والسفر فيجمع بين الصلاتين عند اغتنام الفرصة .

240 – ثمّ بيّن سبحانه حكم الصلاة عند الخوف من العدو ، أي وقت الحرب وذلك عند سيرهم مشاةً أو رُكباناً والعدوّ يتربّص بهم فقال : (فَإنْ خِفْتُمْ ) من عدوّ وكنتم سائرين (فَرِجَالاً ) أي فصلّوا راجلين ، جمع راجل ، يعني فصلّوا وأنتم ماشون على أرجلكم (أَوْ رُكْبَانًا ) أي راكبين على ظهور دوابّكم ، والإنسان مخيّر في هذه الحالة بالتمام أو أن يقصر فيصلّي ركعتين ، وذلك لقوله تعالى في سورة النساء {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} .

وتكون صلاة وقت الخوف بلا ركوع ولا سجود بل بالإيماء ، وذلك عند المسير لا عند الإقامة ، ويسقط عند التوجّه إلى القبلة ، وإذا لم يمكنه الوضوء فبالتيمّم . وإذا كان الإنسان في مواضع الحرب وصار وقت الصلاة فليصلّ في مكانه ولو كان اتّجاهه لغير القبلة ، ولا حرج عليه أن يصلّي وهو جالس أو نائم إذا لم يمكنه القيام لسبب من الأسباب (فَإِذَا أَمِنتُمْ ) من العدوّ وزال الخوف عنكم (فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم ) أي فصلّوا بركوع وسجود والتوجّه إلى القبلة كما علّمكم أن تصلّوا (مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) قبل الإسلام .

241 – (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ) أي يموتون (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) أي يتركون زوجات (وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم ) يعني فليوصوا قبل موتهم وصيّة لهنّ (مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ ) يعني ما ينتفعن به من النفقة والكسوة والسكنى سنة كاملة (غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) أي لا يخرجن من بيوت الأزواج (فَإِنْ خَرَجْنَ ) باختيارهنّ قبل الحول وبعد انتهاء المدّة من غير أن يخرجهنّ الورثة (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) يا معشر أولياء الميّت (فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ ) من التزيّن والتعرّض للخطبة (مِن مَّعْرُوفٍ ) أي مِمّا ليس ينكر شرعاً ، فوليّ الميّت عليه أن يقوم بنفقة الزوجة حولاً كاملاً ، فإذا خرجت زوجة الميّت قبل الحول وبعد انتهاء المدّة لكي تتزوّج ولم تعد لدار زوجها الميّت سقط حقّها من النفقة (وَاللّهُ عَزِيزٌ ) ينتقم مِمّن يخالف أوامره (حَكِيمٌ ) في أفعاله فلا يأمركم بشيء إلاّ فيه صلاح لكم .

244 – (أَلَمْ تَرَ ) أيّها السامع ، والمعنى ألم تسمع بقصّة هؤلاء فتتفكّر في أمرهم وتعتبر بقصّتهم ، فلفظة "ترى" مأخوذة من الرأي وهو الفكر والعلم (إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ ) هاربين من أعدائهم ، وهم بنو إسرائيل خرجوا من مصر مع موسى بن عمران (وَهُمْ أُلُوفٌ ) في العدد ، فكان عددهم ستمائة ألف رجل عدا الأطفال [خروج – الإصحاح الثاني عشر (التوراة) ] ، ساروا حتّى نزلوا قرب أرض كنعان ، فأمرهم موسى بجهاد عدوّهم والدخول إلى قرية أريحا فامتنعوا عن الجهاد (حَذَرَ الْمَوْتِ ) أي خرجوا من ديارهم حذراً من الموت تحت حكم فرعون لأنّه استعبدهم وقتل أبناءهم ، ونزل الطاعون بهم أيضاً فمات شيوخهم فهربوا من مصر ، ولَمّا أمرهم موسى بجهاد أعدائهم امتنعوا خوف القتل أيضاً (فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ) في هذا القفر فإنّكم لا تدخلون أرض كنعان بل يدخلها أولادكم بعد أربعين سنة هذا جزاء عنادكم وتكبّركم على الله وعلى رسوله .

فمات الآباء بالتدريج في تلك البرّية ولم يبق منهم إلاّ رجلين وهما يوشع بن نون وكالب بن يفنّة لأنّهما كانا صالِحَين (ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) بعد أربعين سنة ، أي أحيا ذكرهم بأولادهم حيث نصرهم على أعدائهم وأدخلهم أرض كنعان ، فالموت كناية عن الذلّ كقوله تعالى في سورة آل عمران {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ} . والإحياء كناية عن العزّ والنصر (إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) بكثرة النعم والتجاوز عن سيّئاتهم (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ) هذه النعم بل يكفرون بدل الشكر .

ومضمون الآية أنّ الله تعالى يحرّض المؤمنين على جهاد عدوّهم لينتصروا عليهم ويحيون كأولاد بني إسرائيل لَمّا جاهدوا وانتصروا ، ولا يمتنع المسلمون عن الجهاد فيهلكوا ويموتوا كما مات بنو إسرائيل .


منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس