عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2013, 03:42 AM   #29
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 13
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 8343
المؤشر 3%

افتراضي تفسير بعض من آيات سورة البقرة ( 29 )



214 – كان بعض من أسلم في زمن النبيّ لا يقومون بالواجب ولا ينشرون الدعوة ولا يجاهدون في سبيل الله بل اكتفوا بمجرّد القول حيث قالوا آمنّا ، فإذا سألهم بعض أصحابهم عن سبب امتناعهم عن الجهاد قالوا نخاف من الأذى والقتل ، فنزلت فيهم هذه الآية (أَمْ حَسِبْتُمْ ) أيّها المسلمون ، والتقدير: أظننتم أنّكم تثابون بمجرّد قولكم آمنّا دون أن تعملوا أم حسبتم (أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ ) يوم القيامة بدون عمل (وَلَمَّا يَأْتِكُم ) من الأذى والمحن تضجرون وتنفرون 1 ، فليس هذا عمل المسلم ، ألا تكونون (مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم ) من المؤمنين في الأمم السالفة (مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء ) البأس هو الشدّة وجمعه بأساء ، والضرّ هو الفقر والمرض وجمعه ضرّاء ، والمعنى أصابتهم الشدائد بسبب الجهاد ، والفقر بسبب تركهم ديارهم وأموالهم في سبيل الله لأنّهم اتّبعوا رسلهم (وَزُلْزِلُواْ ) أي أزعِجوا وأوذوا فصبروا ونصروا (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ) أي يقول بعضهم لبعض (مَتَى نَصْرُ اللّهِ ) يعني يقول المؤمنون لرسولهم متى نصر الله ، فيقول الرسول في جوابهم (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) يعني يقول لهم اصبروا وسيأتيكم النصر عن قريب .

--------------------------------------------

1 [وهذه الآية يستمرّ حكمها كلّ حين ، وخاصّةً عند ظهور المهدي إذ تحتّم على الذين اتّبعوه أن يجاهروا بالدعوة ، بين أهليهم وفي محلاّتهم ، وفي تجوالهم ومنتزهاتهم ليلاً ونهاراً لأنّهم بذلك ينقذون نفوساً كثيرة من المروق من الإسلام ، ويحبّذون الإسلام لآخرين - المراجع ]



217 – إنّ رجلاً من المسلمين قتل رجلاً من كفّار قريش في أوّل يوم من رجب وكان قد اشتبه فيه هل هو من جماد أو من رجب ، وكانت العادة عند العرب أنّهم يتركون القتال في الأشهر الحرم ، فلمّا قُتِل رجل من قريش جاؤوا إلى النبيّ يسألونه على وجه الإنكار هل يباح القتال في الشهر الحرام ، فنزلت هذه الآية (يَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ) يريد به شهر رجب (قِتَالٍ فِيهِ ) أي هل يباح القتال فيه (قُلْ ) يا محمّد لهم (قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) أي القتال فيه عظيم وذنب كبير (وَ ) لكن (صَدٌّ ) منكم أيّها المشركون (عَن سَبِيلِ اللّهِ ) أي عن دين الله ، وهو دين الإسلام أكبر عند الله من القتل في الشهر الحرام ، لأنّ المشركين كانوا يصدّون الناس عن دين الإسلام ولا يدعونهم يؤمنون (وَكُفْرٌ ) منكم (بِهِ ) أي بالله (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) أي وكفر منكم بالمسجد الحرام ، لأنّهم وضعوا الأصنام فوق الكعبة وكانوا يعبدونها (وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ ) يعني أهل المسجد وهم النبيّ والمسلمون (مِنْهُ ) أي من المسجد ، يعني إخراج المسلمين من مكة حين هاجروا إلى المدينة (أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ ) والمعنى أنّ أفعالكم هذه وكفركم بالله وفي المسجد الحرام أعظم عند الله من قتل رجل مشرك في الشهر الحرام (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) أي وإنّ افتتناكم الناس بالكفر وصدّهم عن دين الإسلام أعظم وزراً عند الله من قتل رجل مشرك . ثمّ أخبر سبحانه عن عناد هؤلاء الكفّار وتعنّتهم فقال (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) يعني أهل مكة والخطاب للمسلمين (حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) أي إنْ قدروا على ذلك ، وقد ارتدّ فريق من المسلمين بعد وفاة النبيّ فقاتلهم أبو بكر فرجع قسم منهم إلى دين الإسلام ثانية (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ ) يعني فيموت على كفره ولا يعود إلى دين الإسلام (فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) أي ذهبت أعمالهم التي عملوها وقت إسلامهم أدراج الرياح ، أي خسروا نتائج أعمالهم ، أمّا في الدنيا فإنّهم أبدلوا حسن الذكر والشرف الذي نالهم في الإسلام بسوء الذكر والعار الذي نالهم عند ارتدادهم عن الإسلام ، وأمّا الذي خسروه في الآخرة فإنّهم أبدلوا الجنّة بالنار وحسن الذكر بالعار ومرضاة الله بغضبه (وَأُوْلَـئِكَ ) الكفار والمرتدّون (أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي دائمون في النار .

219 – جاء نفر من الصحابة إلى النبيّ فقالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر والميسر هل يباحان ، فنزلت هذه الآية (يَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الْخَمْرِ) وهو كلّ شراب مسكر (وَالْمَيْسِرِ ) وهو القمار (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) أي وزر عظيم ، لأنّ بسببهما تكون أكثر المعاصي وتنتج أكثر الجرائم (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) منفعة الخمر للبايع والصانع وفي الطب كمعقّم ، ومنفعة القمار للسلعة التي يلعبون بها وصانعها والرابح الذي يأخذ مال صاحبه من غير كدّ ولا مشقّة (وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) أي ما فيهما من الإثم أكبر مِمّا فيهما من النفع ، لأنّ النفع لبعض الناس والضرر لكثير منهم ، وإنّ الشارب والمقامر يقترفان بواسطتهما الآثام من وجوه كثيرة (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ) من أموالهم (قُلِ الْعَفْوَ ) والعفو معناه الترك ، كقوله تعالى في سورة البقرة {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} ، أي فمن ترك له ، والمعنى : قل يا محمّد لهم إذا أردتم الإنفاق في سبيل الله فأنفقوا من أموالكم المتروكة مهما شئتم ، أي من المال الزائد المتروك في الصندوق أو المودع في البنك . والإنفاق غير الزكاة الواجبة ، لأنّ الزكاة خاصّة للفقراء ، وأمّا الإنفاق فيصرف في الجهاد ولبناء المساجد والمدارس والمستشفيات الخيرية ودور الضيافة وغير ذلك . وهذا الإنفاق خاصّ بالأغنياء دون الفقراء (كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) في مصالح دينكم .

220 – جاء رجل من الصحابة إلى النبيّ فقال يا رسول الله عندي يتيم وله عندي دراهم وقريب أن تنفد أيجوز أن أجعلها في حانوتي وأجعله شريكاً معي في الحانوت ليربح منها ولا تنفد دراهمه ؟ فنزلت هذه الآية (وَيَسْأَلُونَكَ ) يا محمّد (عَنِ الْيَتَامَى ) أي عن أمر اليتامى ومشاركتهم (قُلْ ) يا محمّد لهم (إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ) أي إعملوا لهم ما هو الصالح ، والمعنى الكسب لهم خير من البطالة (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ) في كسبكم وصناعاتكم فيعملون بأجرة أو تشاركونهم (فَإِخْوَانُكُمْ ) في الدين ، وحقّ الأخ أن يعمل لأخيه ما هو الصالح (وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ ) منكم (مِنَ الْمُصْلِحِ ) للأيتام فيجازي كلاً على عمله (وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ ) العنت هو المشقّة ، والمعنى : ولو شاء الله لكلّفكم ما يشقّ عليكم من أمر اليتامى ولكن أذِن لكم في مخالطتهم ومشاركتهم ليسهّل الأمر عليكم (إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ) فينتقم مِمّن يريد فساد حال اليتامى (حَكِيمٌ ) في أفعاله فلا يكلّف نفساً إلاّ ما وسعها .



منقول من كتاب
المتشابه من القرآن
لـ( محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس