عرض مشاركة واحدة
قديم 02-14-2011, 09:59 AM   #2
قدوتي زينب
مشرفة منتديات الشعر الشعبي وبوح الخواطر والقصص والروايات
 
الصورة الرمزية قدوتي زينب
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: في قلب سيدتي
المشاركات: 636
معدل تقييم المستوى: 15
قدوتي زينب is on a distinguished road

اوسمتي

المستوى : 23 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 550

النشاط 212 / 23278
المؤشر 3%

افتراضي رد: إلتقاء الحقيقة الوجودية بالحقيقة التاريخية في شخص الإمام الموعود قائم آل محمد في






وفي عصر في موسى عليه السلام وفرعون نجد أن الإنسان مازال يتعرف على ما تستبطن ذاته وبدأ يتعرف على أسرار نفسه وكيانه لذا نجده عندما سيطر ذهنه على قوى الطبيعة بدأ يحلل عناصر الأشياء (بواسطة الكيمياء) و بدأ في تأليه نفسه وهكذا وجد الفرعون نفسه إلها من دون الله قائلا أنا ربكم الأعلى، كلمة تحمل حقيقة وجودية غير أنها مثقلة بجحود وكفر وجودي لحقيقة مصدر القوة التي جعلت الفرعون يؤله نفسه. فقوله أنا ربكم الأعلى هي في الحقيقة حقيقة الإنسان لكن حيث لا خلق حيث لا تكليف حيث لا دنيا حيث لا آخرة وهي تعني رب نفسه فتلك الحقيقة هي حقيقة واقعة في العوالم الإلهية فالنطق بهذه الكلمة هي للإنسان وحقيقة مصدرها هو الله،في تلك العوالم الغيبية الإلهية التي سوف ندخل فيها بشفاعة الهداية الكونية الوجودية المتمثلة في الإمام المهدي عليه السلام .

ففي كل تلك الدورات الوجودية كنا (الإنسانية) نتعرف على كياننا كما يتعرف الصبي على جسده في صباه.

ونصل الآن إلى مرحلة ظهور النبي الخاتم المسدد بالغيب كله سيدنا محمد عليه وعلى آله الأطهار أفضل الصلاة والتسليم. في هذا العصر بدأ يشعر الإنسان بشعور يتخلل كيانه فبدأ الإنسان (الجاهلي) يتحسس الغيب بواسطة الشعر فأبدع العرب أشهر القصائد في معرفة الوجدان والطبيعة والكون. فكانت هذه المرحلة بمثابة المراهقة التي سوف يتمخض عنها وعيا كونيا سوف يستمر إلى آخر الزمان.

فبعدما خبر الكيان الإنسان قواه الثلاثة الساحرية والكينونة والشاعرية عبر دورات وجودية عبد فيها مليونين إله وبعدما عاش الإنسان تائها بين طقوس واعتقادات كثيرة سيطرت عليها هذه القوى الثلاثة على وعيه، جاء دور الهداية الكونية والإنسان الكوني الوجودي لفتح آفاق معرفية أكثر نضجا وسلامة ومعرفة وسموا في درجات الوجود السامي حيث أن الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وله وسلم المرسل إلى العالمين هو إنسان مؤيد بالغيب الإلهي كله، كما أن شريعته تحمل كل الشرائع ومهيمنة عليها والسؤال المطروح هنا كيف يمكن أن تكون هذه الرسالة للعالمين بينها نحن نعيش في عوالم محدودة ومعلومة ؟ هذا يؤكد على أن الرسالة الخاتمة هي رسالة مستمرة لحد الساعة بأشكال مختلفة وبطرق أخرى، في كل العوالم.

فما هي هذه الطرق؟

إن ما يؤكد هذا ويجعلنا نسأل هذا السؤال هي كثرة العوالم التي خلقها الباري لتسبح في ملكوته وعوالمه الخفية الغيبية، فلكي تكون الرسالة المحمدية رسالة خاتمة ومطلقة في كل العوالم يجب أن تستمر إلى آخر الزمان وتستعين بمن خبروا الغيب كله وهم أناس خصصوا لهذا الدور ولهذه المهمة وهم المذكورون في الكتب السماوية جميعا إنهم أهل بيت النبوة وموضع الرسالة محمد وآل محمد صلى الله عليه وعلى آله.

لقد كان مسار الإنسان التاريخي مليئا بالأحداث مليئا بالصراعات مليئا بالخوف مليئا بالهواجس ذلك أن وجوده يفقد في كليته ذلك الموجه الأعظم التي يحمل كيان الإنسان المتسائل إلى عوالم الهداية الإلهية لذا لم يكف الإنسان وهو يحمل الأمانة الإلهية عن طرح الأسئلة في سبيل معرفة هويته ودوره الوجودي ،فمجيء الرجل الموعود في آخر الزمان هو مطلب كل الحضارات الإنسانية على مر التاريخ حيث بذلت الروح في سبيل هذا الهدف المتسامي وانتظرت ظهور هذا الأمر على وجه الأرض في مجيء كل رسول وكل نبي وكل مصلح.

فالحقيقة التاريخية هي حقيقة الإنسان وفعله على مسرح الحياة، ففعله بدون القوى الإلهية فعل بدون هداية وحقيقته بدون هداية هي حقيقة بدون فعل حقيقي.

وهكذا ننتقل إلى الحقيقة الوجودية والدور التي سوف تلعبه في إبراز ما خفي من الإنسان مقابل العوالم الإلهية الغيبية.

الحقيقة الوجودية (الإنسان الباطن)

يقول مولى العارفين وروح العالمين سيدي ومولاي علي بن أبي طالب عليه السلام اللَهُمَّ بَلَي‌ لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ؛ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ. وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ ـ وَاللَهِ الاَقَلُّونَ عَدَداً وَالاَعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللَهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتَهُ حَتَّي‌ يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُونَهَا فِي‌ قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ.

هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَي‌ حَقِيقَةِ البَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ المُتْرَفُونَ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَحَلِّ الاَعْلَي‌.

إن كلام أمير الحكمة هذا يدل على وجود أناس سيحملون سر الإنسان والدين في بواطنهم، بعد غياب جسده على مسرح الحياة، لكي لا تبطل حجج الله وبيناته، فمن هؤلاء الذين سوف يحملون ما لم يستطع الآخرون حمله؟ إنهم محبي الحق والحقيقة والمحبة الإلهية والسلام والخير للناس جميعا، فهذا أويس القرني يبكي شوقا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويكابد ألم الفراق ويبيت متأملا نجوم السماء يداوي والدته المريضة منتظرا فرصة للقاء محبوبه رسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي سمع عنه واشتاق إلى رؤيته. لقد تشوقت روح أويس إلى معانقة الرسول الذي رحل عن الدنيا عليه أفضل الصلاة والتسليم وعلى آله وهو يوصي بجبته إلى أويس وبالدعاء إلى أمة محمد بالغفران.

وهذا سلمان الفارسي الذي صحب رسول الله وأحبه حتى أصبح سلمان المحمدي، فقال فيه لو علم ابو ذر رضي الله عنه ما فيه باطن سلمان لقتله وفي رواية أخرى لكفره، ونحن جميعا ندرك ما وصل إليه إيمان أبو ذر رضي الله عنه، ألا يعني هذا أن باطن سلمان عليه السلام يحمل أسرارا وجودية صعبة وخطيرة تجعل الذين وصلوا إلى أقصى درجات الإيمان يكفرونه.

وهذا كميل بن زياد الذي كان حامل سر علي عليه السلام وكان دائم السؤال في حضرة أمير المؤمنين عليه السلام عن كنه الأشياء والمغيبات، الشيء الذي جعل أمير المؤمنين عليه السلام يخصه بدعاء جميل يحمل معاني عرفانية ،فعندما يواظب المؤمن منا في مدرسة أهل البيت عليهم السلام الدعاء بهذا الدعاء في كل ليلة جمعة، ويلتزم به يفتح الله له أبوابا من المعرفة الإلهية، ألا يجعلنا هذا نطرح سؤالا آخر لماذا كان أمير المؤمنين يناقش أسرار الوجود مع أناس مخصصين؟ هل ذلك يعني وجود طائفتين من المؤمنين طائفة تحمل أسرار الشريعة وأخرى تحمل أسرار الطريقة والحقيقة .

في القرن الأول انتشر عبر أقطار الأمة الإسلامية الزهاد وكبار العابدين مثل أويس القرني والحسن البصري وسفيان الثوري، الذين بدلوا أرواحهم العاشقة في سبيله، فكانت سيرتهم المليئة بالعبر والقدوة الحسنة والزهد والابتعاد عن كل الشبهات أهم ما ميز هذا الجيل الأول من الزهاد العابدين، بعدها بدأت تتطور المدارس الفكرية والعرفانية عن طريق الاحتكاك بالمدارس الأخرى الموجودة في عصر ما قبل الإسلام فهناك الرهبانية المسيحية والديانات الهندية القديمة بأطيافها ومعتقداتها ، وهنا بدأت التحديات تهجم على العابد المسلم الزاهد ليبرز مكانته الوجودية في ظل هذه التحديات ، وخصوصا مع وجود أئمة أهل البيت عليهم السلام الحاملين لكل سر وجودي وفهم إلهي.

وهكذا نجد أن الرجال الذين تربوا في حضن الأئمة عليهم السلام كانوا عارفين تطلق عليه العامة كلمة صوفية مثل أبي يزيد البسطامي الذي أخد علومه الشرعية على يد جعفر الصادق عليه السلام والمعروف بمقولته الشهيرة والخالدة في اليوم الأول زهدت في الدنيا وفي اليوم الثاني زهدت في الآخرة وفي اليوم الثالث زهدت في ما سوى الله وفي اليوم الرابع قيل له ما تريد قلت أريد ألا أريد ، يحكى أن إمامنا الصادق عليه السلام طلب من تلميذه البسطامي يوما كتاب كان فوق رأسه فأجابه أين يا سيدي هذا الكتاب فقيل له فوق رأسك يا بسطامي، فأعاب عليه بعض الجاليس فقال لهم لم أنتبه إلى شيء قط وأنا في محضر مولاي الصادق عليه السلام. لكن الذين تربوا على يد هؤلاء العارفين الصوفية مثل أبا يزيد البسطامي كانوا متصوفين، يقلدون الصوفية، وهنا بدأت الإنحرافات الباطنية تدخل إلى مملكة باطن الإنسان، فتوسعت دائرة تلك الانحرافات على يد جماعة أخرى تتعلم من المتصوفين مستعينة بالرهبنة المسيحية والزراديتشية والمانوية ، حتى سولت لهم نفوسهم عبادة شيوخهم، فكانت هذه الطبقة الذي سماها أحد الباحثين الإسلاميين بالمستصوفين، هي أكبر تحدي يعصف بمملكة الباطن ويجعلها تعبد نفسها كما عبد فرعون نفسه ، فالعرفان الإسلامي الأصيل هو ذلك العرفان المبني على أسس قرآنية وسيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )، فهذا كلام الله وهذا قول رسوله ناطقا به القرآن ، وسيرة الأئمة عليهم السلام من بعده، لذا نجد الذين تربوا بعيدا عن هذه الدائرة وهم جماعة المستصوفين هم من أبدع الخرافات وزرع الضلالات عبر العصور إلي يومنا هذا.

لذا نجد شيوخ الصوفية هرعوا في تحصين علومهم فبدأوا يعلمون مريديهم ظاهر الشريعة ومحاسبة النفس عن ضياع أي ركن منها ولا يمكن للمريد الدخول في أسرار الباطن حتى يتقن واجبات الظاهر، وهذا ما وجدناه عند صوفية المغرب وخصوصا عند المتأخرين منهم مثل أبو عجيبة الحسني والشادلي قدس الله سرهما وأعلى مقامهما في القرن 19 الميلادي، حيث قاما بإصلاح ديني جهادي جعلهم يطورون أسلوب التربية الروحية وكان ذلك جليا في أتباعهم ومريدهم في كل زوايا المغرب حيث الذكر ودروس الفقه يتعانقان معا داخل حضرة الشيخ المربي.

__________________
قدوتي زينب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس