رد: المجتمع الذي يريده صاحب الزمان عليه السلام
الجانب الثالث: المنح الإلهية للمستضعفين في الدولة المهدية
التعبير ب ( نَّمُنَّ ) معناه أننا نريد أن نمنح الهبات والنعم لتلك الفئة المستضعفة، وقد ذكرت هذه الآية جملة من تلك المنح:
1- ( نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ) إن التاريخ الذي عاشه أهل البيت عليهم السلام، لم يكتب لهم أن يمارسوا دورهم القيادي على المستوى العالمي، بل مروا بمراحل جعلتهم يخفون هويتهم ودورهم القيادي، لكن الله أدخر لهم يوم بشرهم فيه، أنه سيظهرهم أمام العالم قادة للخلق وسادة عليهم.
2- ( وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) وقبال حرمانهم دورهم القيادي وغيره، سلبت منهم حقوقهم التي وهبها الله لهم، فقد كانت الأرض بيد طواغيت العالم يديرونها ويتقاسمونها كيف شاؤا، إلا أن هذا الأمر مؤقت زماناً؛ لأن الله أل على نفسه أن ينصر المحرومين ويعين المستضعفين، فكتب أن الأرض مورثتهم، وكنوزها وما تخفيه بيدهم.
الارتباط بالإمام وبقضيته
تقارن قضية المهدي قضية مهمة مرتبطة بها، وهي مسألة الانتظار وعدم استعجال ظهوره؛ لأن مضمون الانتظار هو الاعتقاد بأن خروج الإمام المهدي مرهون بالوقت الذي نستشعر فيه حاجتنا الماسة له، والاستعجال بظهوره يجر إلى عواقبٍ غير حميده؛ كما حصل لأهالي البحرين، فإن الإمام أراد أن يبين لهم، أن هذا الوقت ليس وقت خروجه، عندما ذبح الشياه، إلا أنهم اساؤا الظن بالإمام واعترضوا عليه، وادعوا أنه قتل خيارهم ... والسبب الذي جعلهم يعترضون على الإمام ضعف ارتباطهم به وعدم قوة إيمانهم بحيثيات قضيته.
كيف ينبغي أن يكون ارتباطنا بالإمام:
لابد أن يكون ارتباطنا بالإمام المعصوم ارتباطاً متيناً وقوياً؛ بحيث لو أن الإمام قتل جميع الخلق، فإنه لا يجوز لنا أن نعترض عليه، وينبغي أن نأخذ من قضية أهالي البحرين الدروس والعبر، فيلاحظ كل منا فيما تحبه نفسه وما تهواه، فقد شاهدنا بأنفسنا من يشتري بيوتاً مغصوبة وموقوفة في بعض البلدان؛ وكنا نستنكر عليهم ذلك فلا نجد ما يردعهم، وما ذلك إلا لضعف الإيمان الذي يكون سبباً في ضعف الارتباط بالشريعة.
فماذا سيفعل أمثال هؤلاء؟ لو خرج الإمام (ع ) وطالبهم أن يتركوا منازلهم و يخلوها، من جهة أنها ملك للغير، فلا يجوز التصرف والسكنى فيها. هل هم مستعدون أن يتنازلوا أم سيعترضوا على حكم الإمام ؟ .وربما وقع ما هو أعظم من ذلك، فقد يدخل (ع ) في بعض البيوت، ويقول لأصحابها: أترك هذه المرأة، فهي ليست زوجتك؛ لأنها أختك من الرضاعة. هل يقوى الإنسان على التنازل حينها عمن عاشت معه عمراً طويل؟
ينبغي أن يكون المؤثر فينا قوة الإيمان:
يريد الإمام أن يكون المؤثر في أنفسنا هو الإيمان فقط، لا العادات ولا التقاليد. فقد سمعت ما أدهشني و ألمني ممن يدعي الإيمان و الولاء، في قضية تخصُصية لا ينبغي لكل وارد أن يلجها، فقال من ليس هو من أهل الاختصاص، مستنكراً قضية الأعلمية ورافضاً إياها:
ماهي قضية الأعلمية و الأعلم ؟ لو خرج الحجة، وأمر بتقليد الأعلم، فسأناقشه هو أيضاً!.
ورداً عليه أقول:
لنفترض أن السيد الخوئي والسيد الحكيم والشيخ مرتضى الأنصاري والسيد المرتضى علم الهدى والشريف الرضي ...كل هؤلاء مشتبهون – و أستغفر الله – لكن هل هناك ما يخولك أن تقول: إذا ظهر الإمام فستناقشه! من أنت حتى تعطي لنفسك الأحقية في نقاش الإمام ؟ أليس هذا الموقف منك يمثل التعصب و الحزبية بعينها ؟ لماذا لا يحكّم هؤلاء منطق العقل ؟ فكان الأولى له قبل أن يتحدث بهذه الكلمات ينظر إلى جهله و مستواه، حتى يعرف هل هو في مستوى نقاش الإمام أم لا ؟
نعم لو كان غير شيعي لقبلنا منه مثل هذا الكلام؛ لأن غير الشيعي لا يعتقد أن الإمام معصوم، ولذا عند ظهور الإمام (ع ) يناقشونه، فيأخذ كتاب الله ويناقشهم به.
حدود المنبر الحسيني:
إن مسألة الأعلمية قضية لا يصلح أن يتدخل فيها الخطباء، والمفروض أن كل واحد يقدّر نفسه و يعرف موقعه، كما يقول الإمام الصادق(ع ) رحم الله من عرف قدر نفسه وأنا أتكلم عن نفسي، فإذا رأيتم أني قلت كلمة تجاوزت فيها مقامي، فحرام عليكم أن تسكتوا، بل يجب عليكم أن تنصحوا .
لأن هناك قضايا لها أهلها من المختصين لا ينبغي التطفل عليها، والتدخل فيها من غير أهل الاختصاص وتناولها على غير المختصين يضر ولا ينفع، خصوصاً إذا كان المكان الذي تطرح عليه منبر أبي عبدالله الحسين (ع ) . نعم ربما يكون هناك بعض الخطباء متخصصين في بعض القضايا، إلا أنه لا ينبغي لهم أن يطرحوا قضايا خارج عن تخصصاتهم.
وما دعني أن أتكلم بهذه الكلمات هو أني سمعت بعض الخطباء الذين يتكلمون في قضايا ليست منبرية، كما أنهم ليسوا من أهل الاختصاص فيها، وأن أمثال هؤلاء يضرون الناس بالتطرق في قضايا ليست منبرية أساساً.
نماذج من التدخل في القضايا غير منبرية:
لقد سمعت أحد الخطباء يقول يوم التاسع من محرم، إن قضية الأعلم مختلف فيها، فمنهم من يقول بتقليده، ومنهم من لا يقول بذلك، وفي نظري أن عليكم تقليد الأعمل الأنشط الذي يواجه الجماهير.
و بكلام هذا الخطيب خرج عن حدود المنبر الحسيني، بل خرج عن حدود اختصاصه، فهل أنت أيها الخطيب مجتهد لتملك حق الإفتاء، وتقول بنظري أفعلوا كذا؟! إن هذا الكلام ينبغي أن يصدر من أهل الاجتهاد في الفقه، و المفروض دورك كخطيب، حين تصعد المنبر، يقتصر على الوعظ والنصيحة، لا الإفتاء و التدخل فيما هو ليس من اختصاصك.
و يقابل هذا الخطيب خطيب آخر يدعي على العلماء ما لم يقولوه، فيقول: إن كل من يعدل من عالم إلى عالم، تقليده الثاني باطل عند جميع العلماء، ولا يحق لأي شخص العدول عن مرجعه إلا إذا كان فاسقاً؛ كما لو شاهده يشرب الخمر جهراً.
ولنسأل هذا الخطيب الحسيني، من أين أخذت هذا الكلام؟ هل يمكن أن تدلنا على رسالة عملية لأحد المراجع وردت فيها هذه الفتوى؟ فقد طبع جميع العلماء رسائل عملية لهم، فهل أخذتها من المستمسك، أما أخذتها من منهاج الصالحين لسيد الخوئي أم أخذتها من رسالة الإمام الخميني.. أنا أريد مصدر هذا الكلام، خصوصاً أنك تقول: إن (جميع العلماء) يقولون بهذه الفتوى.
وبكل احترام أقول لك كلامك هذا باطل؛ لأن معظم العلماء يقولون العدول واجب، و لا يقولون بأنه باطل، فالسيد الخوئي يقول: يجب العدول من الإنسان كذا إلى الأعلم، وكذا الإمام الخميني حيث يقول: إذا تساووا في العلم فأنت مخير، فإن كان أحدهما أعلم فالأحوط تقليده، ومثلهما السيد الحكيم والشيخ مرتضى الأنصاري والسيد المرتضى وكذا صاحب المعالم وصاحب العروة
كيف نكّون مجتمع الذي يرده الإمام
إن المجتمع الذي يريده الإمام يجب أن يكون منصاعاً لأوامره، مسلماً بما يقوله و يفعله ولا يريد مجتمع يعترض عليه، ويرى أنه يملك مستوى أعلى في الفهم من الإمام ، وكي يصل المجتمع إلى ما يريده الإمام (ع ) يحتاج أن يمر أفراده بمراحل تمحيصية من خلال مجموعة من الامتحانات، وأنقل لكم هذه القصة العظيمة و التي يرويها السيد الخوئي و يرويها عنه السيد محمد باقر الصدر في كتاب الغيبة، يقول السيد محمد الصدر حدثني السيد محمد باقر الصدر عن أستاذه السيد الخوئي:
جاءني رجل شيبة من أهل العلم الموثوقين يبكي، فسألته عن سبب بكاؤه، فقال: سبب بكائي أني أردت في شهر رمضان أن أقضي ليالي القدر في مسجد الكوفة، فخرجت من النجف وأخذت معي فطوري متجهاً إلى مسجد الكوفة.
وفي مسجد الكوفة رأيت شخصين أحدهما نائم و الآخر جالس، فسلمت عليهما فردا علي السلام، فقالا لي: تفضل فقلت: لا أنا أريد أن أتوضأ.
و عندما أصبح وقت الإفطار قدم لي الشخص الجالس، فنجان قهوة، لكني أعرضت عنه، باعتبار أني قد أتيت بفطوري، ثم سألت الجالس وقلت له: من هذا و أشرت إلى النائم؟ فقال: هذا آغاي عالَم- أي سيد العالَم- فقلت له: لا تقل آغاي عالَم بل قل عالِم –أي سيدٌ عالِم- فأصر الرجل وقال: بل سيد
تابــــــــــــــــع
__________________
السلام عليك يا أبا عبدالله الحُسينْ
لعن الله امة قتلتك يا سيدي و لعن الله امة سمعت بذلك فرضيت
|