عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2010, 02:51 PM   #2
الطريبيلي
 
الصورة الرمزية الطريبيلي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 1,072
معدل تقييم المستوى: 16
الطريبيلي is on a distinguished road

اوسمتي

المستوى : 28 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 695

النشاط 357 / 29472
المؤشر 82%

افتراضي رد: من آداب الصداقة

ومنها : أن يسمّي عطسته ، فإنّ العطسة علامة الصحّة والارتياح والنشاط ، وهو من الله سبحانه ، كما أنّ التثاؤب من الشيطان ، وهو علامة الكسل والنوم ، فإذا عطس أخيك المؤمن فهنّئه بالعافية والصحّة ، وادعو له قائلا : ( يرحمك الله ) أو ( يغفر الله لك ) والعاطس يجيبه ( أثابكم الله ) . وعن الإمام الباقر (عليه السلام) : كان إذا عطس فقيل له : يرحمك الله ، كان يقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، وإذا عطس عنده إنسان قال له : يرحمكم الله ، ولمّـا كان النبيّ وأمير المؤمنين علي يعطس أحدهما ، كان يقول الآخر : ( رفع الله شأنك على كعابك ) ، والعطسة إنّما تنبئ عن العافية والسلامة كما في علم الطبّ ، وقد ورد في الحديث الشريف : لو عطس ثلاث عطسات فإنّها عافية وعلامتها ، وأمّا إذا عطس أربعة فإنّه يخبر عن المرض ، كما ورد من عطس لا يموت إلى سبعة أيام ، ولمثل هذا يشكر الإنسان ربّه على السلامة والعافية والرحمة ، فيسمت السامع العاطس قائلا : ( يرحمك الله ) يعني أنّ الرحمة الإلهية شملتك ، وأنّ الغفران الإلهي عمّك ، فيجيبه العاطس : الله يثيبك على ما تفضّلت قائلا : ( أثابك الله ) ، وسعيد حقّاً ذلك المجتمع الذي يسوده الودّ والمحبّة والدعاء ، وما أسعد الصديقان اللذان يدعو أحدهما للآخر بالسلامة والعافية والصحّة.
ومنها : ترك المزاح الجارح ، وأصل المزاح بمعنى إدخال السرور في قلب المؤمن والدعابة المريحة ، فإنّه مباح بل يستحبّ ذلك ، لا سيّما في السفر كما ورد في الخبر ، كما جاء في الحديث الشريف : « مزاح المؤمن عبادة » ، وفي آخر : « إنّ هذه الأرواح تملّ كما تملّ الأجساد ، فروّحوا عنها بطرائف الحكم » . وهذا يعني أنّه في عين أنّه بتمازج لا بدّ أن يكون في ذلك أيضاً طريفة حكمية ، لا مجرّد اللقلقة والقهقهة ، بل لا يتجاوز في مزاحه الحقّ . وقال رسول الله : « إنّي لأمزح ولا أقول إلاّ حقّاً » ، « المؤمن دعب لعب ، والمنافق قطب غضب » ، « ما من مؤمن إلاّ وفيه دعابة ـ أي مزاح ـ ».
ولكن إذا كان المزاح بمعنى كثرة الضحك والسفاهة وجرح مشاعر الآخرين وإهانتهم ، فإنّه لم يكن مذموماً وحسب ، بل يكون محرّماً ، وما لم يصل إلى درجة الحرام وخرج عن الاستحباب ، فإنّه يكون مكروهاً ، وربما الروايات التي تذمّ المزاح من هذا المنطلق ، ففي الحديث الشريف : « كثرة الضحك تمجّ الإيمان مجّاً » ، وفي آخر : « إيّاكم والمزاح فإنّه يذهب بماء الوجه » ، وفي آخر : « إذا أحببت رجلا فلا تمازحه ولا تماريه » ، وفي آخر : « إذا أردت أن يصفو لك ودّ أخيك فلا تمازحنّه ولا تمارينّه ولا تشارينّه » ، « إيّاكم والمزاح فإنّه يجرّ السخيمة ويورث الضغينة وهو السبّ الأصغر » . ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) : « إيّاكم والمزاح فإنّه يذهب بماء الوجه ومهابة الرجل » ، ثمّ قال : وكان أصحاب رسول الله يجلسون فيلهون ويتحدّثون ويضحكون ، حتّى أنزل الله قوله : ( ألَمْ يَأنِ لِلَّذينَ آمَنوا أنْ تَخْشَعَ قُلوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ )[4] فلمّـا قرأ رسول الله عليهم هذه الآية تركوا حديث اللهو والمزاح . وهناك روايات تمدح المزاح ولكن بشروط ، قال الإمام الصادق (عليه السلام) : « إنّ الله يحبّ المداعبة بالجماعة بلا رفث » ، أي بلا فسوق وجدل وجرح المشاعر . وفي الحديث الشريف : « ما من مؤمن إلاّ وفيه دعابة » ، وكان النبيّ كثير التبسّم ، بشره في وجهه ، وهذا يعني مدح التبسّم ، ولكنّ الضحك والقهقهة بالخصوص فإنّه مذموم ، كما ورد في الخبر الشريف : « القهقهة من الشيطان » ، وقال الأمير (عليه السلام) : « إحذر الهزل واللعب وكثرة الضحك والمزح والترّهات » ، « من قلّ عقله كثر هزله » ، « الكامل من غلب جدّه هزله » ، « كثرة الهزل آية الجهل » ، « غلبة الهزل تبطل عزيمة الجدّ » ، « لا تهزل فتحقر » ، « من كثر مزاحه قلّ وقاره » ، « الإفراط في المزاح خرق ».
ومنها : ترك التناجي أمام الآخرين ، فيما كان المجلس خاصّاً يضمّ عدداً قليلا من الأصدقاء والأحبّاء ، قال الله تعالى : ( إنَّما النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ ليحْزن الَّذينَ آمَنوا )[5] ، ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إذا كان القوم ثلاثة من المؤمنين فلا يتناج منهم اثنان دون صاحبهما ، فإنّ ذلك ممّـا يحزنه ويؤذيه » ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتّى يختلطوا بالناس ، فإنّ ذلك يحزنه » ، قال الله تعالى : ( ألَمْ يَعْلَموا أنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأنَّ اللهَ عَلاّمُ الغُيوبِ )[6].
والنجوى بين الإثنين مع حضور ثالث كإنّما يخمش وجهه ، والخمش من فعل الحيوانات الضارية ، فيدلّ على الروح السبعيّة التي لم تهذّب ، وتسلّطت القوّة الغضبيّة السبعيّة على باقي القوى ، فمثل هذا يكون في حدّ الحيوانية ، ولم يصل إلى جوهره وحقيقته وحدّه الإنساني الملاكي ، فإنّ الإنسان بين أن يعلو ويصل إلى قاب قوسين أو أدنى ، وتخدمه الملائكة وتفرش له أجنحتها كطالب العلم كما ورد في الخبر الشريف ، وبين أن يكون في الهاوية كالأنعام بل أضلّ سبيلا ، وذلك لما يحمل الإنسان من الروح الإلهيّة ( وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ روحي )[7] من جانب ، ولما يحمل من النفس الحيوانية من جانب آخر ، وحينئذ لو لم يصل إلى كمالاته المكنونة في جبلته ، ولم تنتهي تلك الروح إلى مفيضها الأوّل سبحانه وتعالى ، بل تغلّبت عليه النفس الحيوانية من اتّباع الشهوات والوهميات ، فإنّه يكون أضلّ من الأنعام ، فإنّ الأنعام لم تكن لها الروح الإنسانية والنفس الناطقة ، وهذا كان له ، ومع ذلك أصبح كالأنعام ، فلا ريب يكون أضلّ سبيلا ، فتدبّر.
ومنها : الزيارة في الحضر ، فإنّه من زار أخاه المؤمن ، كأ نّما زار الله في عرشه كما ورد في الخبر الشريف ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « من زار أخاه المؤمن إلى منزله ، لا حاجة منه إليه ، كتب من زوّار الله ، وكان حقيقاً على الله أن يكرم زائره » ، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : « من زار أخاه في الله عزّ وجلّ قال الله : ( إيّاي زرت ، وثوابك عليّ ، ولست أرضى لك ثواباً دون الجنّة ) » . وقال الإمام الكاظم (عليه السلام) : « ليس شيء أنكى لإبليس وجنوده عن زيارة الإخوان في الله بعضهم » ، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : « من زار أخاه في الله ولله ، جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور ، لا يمرّ بشيء إلاّ أضاء له » ، « ما زار مسلم أخاه في الله ولله ، إلاّ ناداه الله عزّ وجلّ : أيّها الزائر طبت وطابت لك الجنّة » ، وقال الأمير (عليه السلام) : « لقاء أهل الخير عمارة القلوب » ، وقال الإمام الباقر (عليه السلام) : « تزاوروا في بيوتكم فإنّ ذلك حياة لأمرنا ، رحم الله عبداً أحيا أمرنا » . ولازم مثل هذا التزاور أن يذكر فيه فضائل ومناقب أهل البيت ومثالب أعدائهم ، حتّى يتمّ معنى إحياء أمر الأئمة الأطهار (عليهم السلام)وولايتهم الكبرى التي هي من ولاية الله ورسوله ، والتي لا تتمّ إلاّ بالتولّي والتبرّي.
ومنها : المكاتبة في السفر ، فإنّها من أسباب المودّة والعلاقة الوثيقة بين الصديقين ، فإنّ من يكتب لأخيه وصديقه ، إنّما يسجّل له حبّه وتقديره للتأريخ ، فعلينا أن نعوّد أنفسنا على كتابة الرسالة ، كما علينا أن نجيب الرسائل ، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : « ردّ جواب الكتابة واجب كوجوب ردّ السلام » ، وقال (عليه السلام) : « يستدلّ بكتاب الرجل على عقله وموضع بصيرته ، وبرسوله على فهمه وفطنته » ، قال الأمير (عليه السلام) : « كتابك أبلغ ما ينطق عنك » ، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : « التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور ، والتواصل في السفر المكاتبة ».
ومنها : ترك خيانة الصديق ، فإنّ علاقة الصداقة من العلائق المقدّسة ، والخيانة تضرم النار فيها وتحرقها وتفنيها ، والخيانة في عالم الصداقة تعني أن يبطن الصديق لصديقه عكس ما يظهره ، ففي الوجه كالمرآة ، ولكن في الخلف خنجر قتّال . قال الإمام الصادق (عليه السلام) : « المسلم أخ المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يغشّه ولا يغتابه ولا يخونه ولا يكذبه » ، فالصديق حقّاً من يصدق معك في كلّ الحالات ، في الغيبة والحضور ، في الظاهر والباطن ، سرّاً وعلناً ، في السرّاء والضرّاء ، في الفقر والغنى ، عنه (عليه السلام) : « لا تغشش الناس فتبقى بغير صديق » ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « من غشّنا فليس منّا ».
وعلينا أن نكتم أسرار الصديق ، ففي الحديث الشريف : « سرّك في دمك فلا يجر في غير أوداجك » ، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : « من الخيانة أن تحدّث بسرّ أخيك » ، ولا تخون الصديق عند الاستشارة ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « من أشار على أخيه بأمر يعلم أنّ الرشد في غيره فقد خانه ».
ولا نضمر السوء للأصدقاء ، يقول الإمام الباقر (عليه السلام) : « عليكم بتقوى الله ، ولا يضمرنّ أحدكم لأخيه أمراً لا يحبّه لنفسه ، فإنّه ما من عبد يضمر لأخيه أمراً لا يحبّه لنفسه ، إلاّ جعل الله ذلك سبباً للنفاق في قلبه » ، يقول الشاعر :
يعطيك من طرف اللسان حلاوة *** ويروغ عنك كما يروغ الثعلبُ
والنفاق ثقيل على النفس ، فلماذا لا نتعامل مع الناس ومع الأصدقاء بصدق ، فلنحبّ بصدق ولنكره بصدق ، ومن صدق الصداقة أن لا يحفظ على الصديق زلاّته ، يقول رسول الله : « أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها ، اُولئك لا خلاق لهم » ، ومن الصدق أن لا تكذب على الصديق ، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : « كبرت خيانة أنّ تحدّث أخاك حديثاً هو لك به مصدّق ، وأنت له به كاذب » . ومن الصدق حفظ الصديق أن لا يسقط ، قال الإمام الصادق (عليه السلام) : « من رأى أخاه على أمر يكرهه ولم يردعه فقد خانه ، وله الحقّ غداً عليه ».
والصداقة تنمو برعايتها وسقايتها بماء الحبّ والإخلاص ، فأخبر من تحبّه بذلك كما وردت الروايات في ذلك ، بل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « من كان لأخيه المسلم في قلبه مودّة ، ولم يعلمه فقد خانه ».
وتحرم الغيبة بأن يذكر في الطرف الآخر ما لو سمعه كرهه ، ويقول الرسول (صلى الله عليه وآله) : « من روى عن أخيه رواية يريد بها هدم مروءته وسلبه ، أوبقه الله بخطيئته حتّى يأتي بمخرج ممّـا قال ، ولن يأتي بالمخرج أبداً » ، ويقول الله سبحانه : ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أيُحِبُّ أحَدُكُمْ أنْ يَأكُلَ لَحْمَ أخيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُموهُ )[8].
ثمّ علينا أن نغتنم فرصة إقبال الناس علينا ، فإنّه ورد في الحديث الشريف :
« ما اكتسب العبد بعد الإيمان أفضل من أخ في الله» ، فلا تزهد فيمن رغب فيك ، يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « زهدك في راغب فيك نقصان حظّ ، ورغبتك في زاهد فيك ذلّ نفس » ، والمؤمن عزيز بعزّة الله سبحانه ، ولا يحقّ له أن يذلّ نفسه مهما كانت الظروف ، فلا يرضى بالذلّ والهوان والخنوع ، فمن يزهد فيك ولا يرغب في صداقتك كيف ترغب إليه ؟ ! !
وعلينا أن لا نفرّط بالأصدقاء القدامى ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « إنّ الله يحبّ المداومة على الإخاء القديم فداوموا عليه » ، ويقول أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : « إختر من كلّ شيء جديده ، ومن الأخوان أقدمهم » ، وقال (عليه السلام) : « من علامة كرم النفس بكاؤه على ما مضى من زمانه ، وحنين إلى أوطانه ، وحفظه قديم إخوانه » ، وجاء في وصيّة النبيّ داود لولده سليمان قائلا : « يا بني لا تستبدلنّ أخاً قديماً مستفاداً ما استقام لك ، ولا تستقلنّ أن يكون لك عدوّ واحد ولا تستكثرنّ أن يكون لك ألف صديق » ، « عدوّ واحد كثير وألف صديق قليل » ، بل علينا أن نراعي حقوق أصدقاء الوالد أيضاً ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « لا تقطع أوداء أبيك فيطفئ نورك » ، كما على الصديق أن يحفظ أولاد صديقه ، فيزورهم ويتعهّدهم ، ويقضي حوائجهم ويكرمهم ويعزّهم ، وورد في الحديث الشريف : « يحفظ المرء في ولده ».
ولا نصادق من يكون ملولا ، فيقول الإمام الصادق (عليه السلام) : « لا تثق بمودّة ملول ، فإنّه أوثق ما كانت به خذلك وأوصل ما كنت قطعك » ، وقال (عليه السلام) : « ليس لملول علم ولا لملول صديق ولا لملول حظّ في هذه الحياة » ، وقال (عليه السلام) : « الملل يفسد الاُخوّة » ، فلا بدّ من المحافظة على الأصدقاء القدماء ، ولا نملّ من كسب الصداقة الجديدة.
وإذا قطع الصديق علاقته لسوء تفاهم مثلا ، فعلينا أن نبادر في صلته ، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إحمل نفسك من أخيك عند صرفه على الصلة إذا قطعك ، وعند جموده على البذل ، وعند تباعده على الدنوّ ، وعند شدّته على اللين ، وعند جرمه على العذر ، حتّى كأ نّك له عبد ».
وقال (عليه السلام) : « عاتب أخاك بالإحسان إليه واردد شرّه بالإنعام عليه » ، « عجبت لمن يشتري العبيد بأمواله ، كيف لا يشتري الأحرار بإحسانه » ، صحيح ما ورد في الحديث الشريف : « إنّ الله أوكل إلى عبده المؤمن كلّ شيء ولم يوكل إليه أن يذلّ نفسه » ، فالمؤمن عزيز لا يذلّ نفسه ، وهيهات منه الذلّة ، فكيف يكون لصديقه عبداً ؟ فأجاب أمير المؤمنين على ذلك قائلا : « وإيّاك أن تضع ذلك في غير موضعه ، أو أن تفعله لغير أهله » ، فالتواضع والتذلّل لأهله ممدوح ، كما قال سبحانه وتعالى : ( أذِلَّة عَلى المُؤْمِنينَ أعِزَّة عَلى الكافِرينَ ) ، فلا بدّ من معرفة كميّة المجاملة والتذلّل وكيفيّتها ، ومع من يكون ذلك ؟ فإنّ الصديق لو كان متكبّراً ؟ فقد ورد في الحديث الشريف : « التكبّر على المتكبّر عبادة » ، فالتواضع والصلة مع أهلها جيّدة . والعاقل العادل الذي يضع الأشياء في مواضعها.
وجاء في دعاء مكارم الأخلاق للإمام السجّاد (عليه السلام) : « اللّهم سدّدني لأن اُعارض من غشّني بالنصح وأجزي من هجرني بالبرّ ، واُصيب من حرمني بالبذل ، واُكافئ من قطعني بالصلة ، واُخالف من اغتابني إلى حسن الذكر ، وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيّئة ».
وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « أطع أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك » ، وقال (عليه السلام) : « من المروءة احتمال جنايات الإخوان ».
وعلى المرء أن يكون متواضعاً كالبحر ، فيلمّ بين طيّاته الكنوز واللآلي ، ثمّ إذا شاءت الظروف قطيعة الصديق ، فحاول أن تجعل لنفسك خطاً للرجوع ، ولا تكسر كلّ الجسور خلفك ، يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « إن أردت قطيعة أخيك فاستبقِ له من نفسك بقيّة ، يرجع إليها إن بدا له ذلك يوماً ما ».
ثمّ علينا أن نصافي بين صديقين متنازعين ، قال أمير المؤمنين في أواخر لحظات حياته الشريفة في وصيّة لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) : « اُوصيكما وجميع أهلي وولدي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ونظم أمركم ... الله الله في إصلاح ذات بينكم فإنّي سمعت جدّكما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : إصلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام ».
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : « صدقة يحبّها الله : الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا ، والتقريب بينهم إذا تباعدوا » ، وقال : « كلّ كذب مسؤول عنه يوم القيامة إلاّ ثلاثة : رجل كائد في حربه ، فهو موضوع عنه ، ورجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا ، ورجل وعد أهله شيئاً ولا يريد أن يتمّ لهم عليه ، يريد بذلك دفعاً » . فكن أ يّها الأخ الكريم حاملا لوردة الإصلاح ، حينما يكون الخلاف بين صديقين وقريبين ، وسوف تلمس وتحسّ بلذّة عملك هذا ، فسارعوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها السماوات والأرض.
[1]النور : 27.
[2]النور 57 ـ 58.
[3]المجادلة : 11.
[4]الحديد : 16.
[5]المجادلة : 10.
[6]التوبة : 78.
[7]الحجر : 29.
[8]الحجرات : 11.
<H4></H4>
__________________
الطريبيلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس