رد: رحلتي في الصحاح الستة وفي المستدرك
-قال الحاكمُ في نهايةِ ذِكْرِه مناقبَ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وآله:(هذا آخرُ ما أَدَّى إليه الاجتهادُ مِن ذِكْر مناقبِ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وآله بِالأسانِيد الصحيحة مِمَّا لم يُخْرجْه الشيخان الإمامان).
ولم يَذكُر الحاكمُ في مُسْتَدْركِه أزواجَ النبي صلى الله عليه وآله تحت عنوان(أهل البيت)حتى خديجة أمّهم،بل أَفْرَدَهنَّ لوحدهنّ.وكذا مسلمٌ في صحيحه فإنه لم يُورِد تحت عنوان(باب فضائل أهل بيت النبي)إلا رواية عائشة التي تُثْبِت أنَّ أهل البيت هم المعصومون عليٌّ وفاطمة والحسنان عليهم الصلاة والسلام:(باب فضائل أهل بيت النبي):خَرَجَ النبيُّ صلىالله عليه(وآله)وسلم غَدَاةً وعَلَيْه مرط مرحل مِنْ شَعْرٍ أَسْوَد،فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَه،ثم جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَه،ثم جاءَت فاطِمَةُ فَأَدْخلَها،ثم جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَه،ثم قال:{إنما يُرِيد اللهُ لِيُذْهِب عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكم تَطْهِيرًا}.بَيْنَمَا أفْرَدَ لِزوجات النبي صلى الله عليه وآله أبوابًا أخرى.وصَنَعَ الترمذي في صحيحه كمَا صنع مسلمٌ إلا أنه روى أكثر مِن حديث،فهذا يُشِير أو يَدُلّ على أن هؤلاء لا يَرَوْنَ أن زوجات النبي صلى الله عليه وآله داخلات في المَفْهوم الشَّرْعِي الرِّوَائي لِـ(أهل البيت)ولِـ (العِتْرَة)فَبَعِيدًا عن المعنى اللُّغَوِي لِـ(الأهل)و لِـ(أهل البيت)فإنَّ هذه الكلمات في آية التطهير{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}وفي أحاديث النبي وأهل بيته صلى الله عليهم أجمعين أصْبَحَت مُصْطَلَحَات خاصَّة تُطْلَق على الخمسة الأطهار،وثَبَتَ بالدليل القَطْعِي عندنا نحن الإمامية بأنَّ هذه الكلمات تَشْمَل -أيضًا-بقيَّة المعصومين مِن الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم.ومِن روايات العامَّة في ذلك:قال الشيخ الحافظ سليمان القندوزي في كتابه(ينابيع المودة لذوي القربى)ج3 الباب السادس والسبعون:في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم:{وفي فرائد السمطين(للحافظ الحمويني)بسنده عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قَدِمَ يهوديٌّ يُقال له نعثل،فقال:يا محمد..أسألك عن أشياء...قال: صَدَقْتَ، فأخبِرني عن وَصِيِّك مَن هو؟ فما مِن نبيٍّ إلا وله وصي،وإن نبينا موسى بن عمران أوصى يوشعَ بن نون(بعد وفاة أخيه ووصيه هارون). فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[إنَّ وَصِيِّي عليُّ بن أبي طالب،وبعده سبطاي الحسن والحسين، تَتْلُوه تسعة أئمةٍ مِن صُلْب الحسين]. قال(اليهودي):يا محمد..فَسَمِّهم لي؟ قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[إذا مَضَى الحسينُ فابْنُه عَلِيٌّ،فإذا مضى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه جعفر،فإذا مضى جعفر فابنه موسى،فإذا مضى موسى فابنه علي،فإذا مضى علي فابنه محمد،فإذا مضى محمد فابنه علي،فإذا مضى علي فابنه الحسن،فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي،فهؤلاء اثناعشر]}.
وقد روى القندوزي روايات كثيرة في هذا المعنى عن جابر بن عبدالله الأنصاري وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة وغيرهما.(ينابيع المودة لذوي القربى)للقندوزي(ج3). تحقيق:سيد علي جمال أشرف الحسيني.الطبعة الأولى(1416هـ)دار الأسوة للطباعة والنشر.
*البخاري(ج4)ص118:عبدالله بن عيسى سَمِعَ عبدَالرحمن بن أبي ليلى قال:لَقِيَنِي كعبُ بن عجرة فقال: ألا أُهْدِي لك هديةً سمعتُها مِن النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم؟ فقال:بلى،فاهْدِها إلَيَّ.فقال(كعبٌ):سَأَلْنا رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقلنا:يارسول الله..كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فإنَّ الله علَّمنا كيف نُسَلِّم،قال صلى الله عليه(وآله)وسلم: [قولوا:اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
*البخاري(ج6)ص27:عن كعب بن عجرة(قال): قِيلَ: يارسول الله..أمَّا السلامُ عليك فقد عرفناه،فكيف الصلاة؟ قال صلى الله عليه(وآله)وسلم:[قُولُوا:اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
-رَوَى الحاكمُ مِثْلَه(المستدرك.ج3 مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله)وقال بعد ذلك:وقد رَوَى هذا الحديثَ بِإِسْناده وأَلْفاظِه،حَرْفًا بعد حرْفٍ الإمامُ محمد بن إسماعيل البخاري عن موسى بن إسماعيل في الجامع الصحيح، وإنما خَرَّجْتُه(رَوَيْتُه)لِيَعْلَمَ المُسْتَفِيدُ أنَّ أهلَ البيت والآلَ جميعًا هُم.
ولو راجَعْتَ صحيحَ البخاري(ج6)في تفسير آخر سورة الأحزاب لَرَأَيْتَ أكثرَ مِن روايةٍ في كيفية الصلاةِ على النبيِّ، وكان النبيُّ يَقْرن الآلَ معه في الصلاة دائمًا،مع أنَّ السائلَ عن الكيفية قد طَلَبَ كيفيةَ الصلاةِ على النبيِّ وَحْدَه،فرَاجِع ما في باب قوله تعالى:{إنَّ الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}.
*وذَكَرَ النسائيُّ -وغيرُه- في صحيحه(ج3)باب كيفية الصلاة على النبي رواياتٍ كثيرةً،كان النبيُّ صلى الله عليه وآله يُعَلِّم أصحابَه كيفية الصلاة عليه،فيَذْكُر الآلَ معه،قال النسائيُّ(ج3)ص49:عن زيد بن خارجة قال:أَنا سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):
[صَلُّوا عَلَيَّ،واجْتَهِدُوا في الدعاء،وقُولُوا:اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمد].
*الترمذي(ج5)ماجاء في فضل فاطمة رضي الله عنها(ح3963):عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم جَلَّلَ على الحسن والحسين وعليٍّ وفاطمة كِسَاءً ثم قال:[اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي،أَذْهِب عنهم الرِّجسَ وطهِّرهم تطهيرًا]،فقالت أمُّ سلمة:وأنا معهم يارسول الله؟قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[إنك على خير].
-لو كانت نِسَاءُ النبيِّ(صلى الله عليه وآله)مِن أهلِ بَيْتِه الذين عَصَمَهم الله بآيةِ التطهير لأجَابَ النبيُّ(صلى الله عليه وآله)أمَّ سلمة بِـ(نَعَم)،فهي مِنْ خِيرَةِ زوجاته صلى الله عليه وآله.
هذه الأحاديث الصحيحة والتي رواها علماءُ العامة ووصلت الثِّقَةُ بصدورها مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى حَدِّ العِلْم واليقين حيث رُوِيَت عن أكثر مِن عشرين صحابيًّا..ماذا يمكن أنْ نستفيد مِن مَضَامِينِها؟ خاصَّةً مع ملاحظة ذِكْرِ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لها في أماكن مختلفة وأزمان مُتَغَايِرَة..فقد ذَكَرَها تارَةً بعد انْصِرَافِه مِن الطائف وأخرى على منبره في المدينة المنورة وتارَةً في حُجْرَتِه وهو في مَرَضِه والحُجْرَة غَاصَّة بأصحابه.هناك عقيدة أساس في صَرْح الإيمان تُسْتَفاد مِن هذه الأحاديث الشريفة ألا وهي لُزُومُ اتِّبَاعِ أهْلِ البيت- عليهم الصلاة والسلام-وطاعتِهم وعَدَمِ الاكْتِفَاءِ بِحُبِّهم فقط،وإذا خَالَفَهم أيُّ أَحَدٍ -أَيًّا كَانَ- تُرِكَ قَوْلُه وأُخِذَ بِقَوْلِهم،لأَنَّ هذا هو المُناسِب لِمَا في أكْثَرِ هذه الأحاديث مِنْ تَقْدِيمِ النَّبِيِّ تَوَقُّعَ رَحِيلِه إلى الرفيق الأعلى قبْلَ ذِكْرِها، خاصَّةً مع ملاحظة روايةِ:(إني تَارِكٌ فيكم خَلِيفَتَيْن)فهي واضِحَة في إرَادَةِ مَا يَخْلُفُه ويَقُومُ مَقَامَه ويُؤَدِّي وَظَائِفَه ويَجِب طاعتُه مثله.
وكذلك تَدُلُّ هذه الأحاديثُ على لُزُومِ الطَّاعَةِ بِقَرْنِهِ صلى الله عليه وآله وسلم أهلَ البيت-عليهم الصلاة والسلام- بالقرآن الكريم..فمِنَ المَعْلُومِ أنه لا يُكْتَفَى بِحُبِّ القرآنِ الكريم واحترامِه بل لا بُدَّ مِن اتِّبَاعِه وتَنْفِيذِ جميعِ أحْكَامِه، خاصًّةً مع ذِكْرِه أَنَّ التَّمَسُّكَ بالقرآنِ والعِتْرَةِ مَعًا لَنْ يَحْصَل الضَّلالُ لِلأمَّةِ وذلك لا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الحُبِّ والاحترام.
وتدل هذه الرواياتُ على اسْتِمْرار وُجُودِ الأئمة،مِن بعد النبي صلى الله عليه وآله،بقرينة قوله:[لن يَفتَرِقَا حتى يرِدَا علَيَّ الحوضَ]فمادامَ القرآنُ الكريم موجودًا فهؤلاء موجودون إلى يوم القيامة.
وهذه الأحاديثُ تَدُلُّ على عِصْمَةِ أهلِ البيتِ(ع)أيضًا،حيث أنهم لَنْ يُضِلُّوا الأمَّةَ أبَدًا،مع الالْتِفَات إلى عَدَمِ افْتِرَاقِهم عَن القرآن الكريم(الذي لا يَأْتِيه البَاطِلُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِه).
والأوْضَحُ مِن ذلك هو ذِكْرُ التَّعَابِير التالية:التَّمَسُّك والأَخْذ والاتِّبَاع..وهذه الأُمُورُ لا تَكُونُ إلا بِالطاعَةِ ومُوَافَقَةِ الأَمْرِ والنَّهْيِ اللَّذَيْنِ يَتَضَمَّنُهُما القرآنُ المجيد ويَصْدُرَان مِن العترة الطاهرة صلوات الله عليهم،وإذا وَجَبَت طاعَةُ أهلِ البيت- عليهم الصلاة والسلام-فلا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الإِمَامَةِ فِيهم لا فِي غَيْرهم،إذْ لا مَعْنَى لإِمَامَةِ الإِمَامِ غيْرَ كَوْنه قُدْوَةً لِلْمَأْمُومِين ولا يَكُون ذلك إلا بالاتِّبَاع،فلا يُعْقَل أنْ تَجِب على الأُمَّةِ طاعَتُهم وتكون الإِمَامَةُ في غيرهم! فكيف يَكون المُطَاعُ- الذي يُسَاوِغُ مَعْنَى الحَاكِمِ-مَحْكُومًا؟!
ولا بُدَّ لنا مِن التَّعَرُّفِ على أشْخَاصِ أَهْلِ البيت الذين ثَبَتَ لهم هذا المَقَامُ..وروايَتَا السيدَتَيْن عائشة وأمِّ سلمة -وما سيأتي إن شاء الله تعالى- تُبَيِّنَان لنا حُدُودَ هذا المُصْطَلَح(أهل البيت):قالت عائشة-كما في(صحيح مسلم مِن باب فضائل أهل بيت النبي)-:خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم غَدَاةً وعَلَيْه مرط مرحل مِنْ شَعْرٍ أَسْوَد،فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فأدْخَلَه،ثم جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَه،ثم جاءَت فاطِمَةُ فَأَدْخلَها،ثم جَاءَ عَلِيٌّ فأدْخَلَه،ثم قال:{إنما يُرِيد اللهُ لِيُذْهِب عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكم تَطْهِيرًا}.
وليس هؤلاء الخمسةالأطهار هم أهلُ البيت فقط..بل هُمْ وأبْنَاءُ الحُسَين التِّسْعَة الذين أَوْضَحَهم وَنَصَّ عليهم هؤلاءِ الخمسةُ-الأبْرَزُ فيمَن لا تَضِلّ الأمّةُ بالتَّمَسُّكِ بِهِم-بأنهم مِنْ أهلِ البيتِ المَشْمُولِين لِهَذِه الآيةِ الكريمةِ،كما عن الإمامِ الباقر عليه الصلاة والسلام حينما سُئِل عن ذلك قال:[هُم الأَئِمَّةُ عليهم السلام].
وهُمْ أَمَانٌ لهذه الأمَّة مِن الاختلاف كما في المستدرك(ج3) مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله،حيث قال: حدثنا مكرم بن أحمد القاضي...عن ابن عباس رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله)وسلم:[النُّجُومُ أَمَانٌ لأَهْلِ الأرض مِن الغَرَق،وأهلُ بيتي أمَانٌ لأُمَّتِي مِن الاختلاف،فإذا خالَفَتْها قَبِيلَةٌ مِن العَرَب اخْتَلَفُوا فصَارُوا حِزْبَ إبليس].
بل لا يَبْقَى أَحَدٌ بَعْدَهم أَبَدًا..وإلا ظَلَّ ذلك البَاقِي بِلا حُجَّةٍ ،وفي الرواية عن المعصوم عليه الصلاة والسلام أنه لَوْ لَمْ يَبْقَ على الأرض إلا اثنانِ لَكَان أَحَدُهما الحُجَّةُ على الآخر.
ونحن نعيش الآن زمن خَاتمِهم(ع)صَاحِب العَصْرِ وإِمَام الزمان-عَجَّلَ اللهُ فرَجَه الشريف وجَعَلنا مِن أنصاره والمستشهدين بين يديه-.
ومِن المُهِم بَيَانُ القِيمَة السَّنَدِيَّة لِهَذا الحديث الشريف مُقَارَنةً بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى هذا الحديثَ بِاسْتِبْدَالِ لَفْظِ(وعترتي)بِلَفْظِ (وسُنَّتِي)،فأقول -مستفيدًا مِن الشيخ السبحاني- وباللهِ العصمة وعليه التكلان:
أولاً:إنَّ حديث(...وعترتي)مُسْنَدٌ..رَوَاه أكثرُ مِن عشرين صحَابيًّا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،منهم: جابر بن عبدالله الأنصاري وزيد بن أرقم، وَوَصَلَ إلينا حديثًا مُسْنَدًا لا تُوجَد أيّ واسطةٍ فيه مفقودة،والحديثُ المُسْنَدُ حُجَّةٌ في مَوْضُوعِه إذا كان كلُّ رُوَاتِه ثقَاتًا(على تفصيل في موارد حجيته المقررة في علم أصول الفقه).
ثانيًا:حديث(...وعترتي)حديث مُتَوَاتِر(والحديث المتواتر هو الذي تَرْوِيه جَمَاعَةٌ كثيرة مِن الناس يَمْتَنِع تَوَاطُؤُهم واتِّفَاقُهم على الكذب-عَقْلاً-..يَرْوُونَه عن مِثْلِهم في الكَثرَةِ وامْتِنَاعِ الاتِّفاق على الكذب وهكذا إلى أنْ يَصِلَ السَّنَدُ إلى الصحابة الكثيرين أيضًا كما مَرَّ والذين يَرْوُونه عن النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم)،والحديثُ المَوْصُوف بالتَّوَاتِر مُتَّفَقٌ عند الشيعة والسنة على لُزُوم العَمَل به،لِلقَطْعِ والعِلْمِ بِصُدُورِه مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأيُّ روايةٍ أخرى غير متواترة(مثل رواية-...وسنتي-والتي تُوصَف بأنها خَبَر آحَاد)لا تَقِف أَمَامَ قُوَّتِه ولا تُسْقِط حُجِّيَّتَه، بل يكون مُقَدَّمًا عليها لأنها ستكون مَظْنُونًا بِصُدُورها مِن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بينما الحديث المتواتر مَعْلُوم الصُّدُور،ولا يَشُكُّ أَحَدٌ في أنَّ المَعْلوم مُقَدَّمٌ على المَظنُون بل لا يَبْقَى للمَظنون مَكَانٌ مِن التَّشْرِيع لأنه إنما شُرِّعَ العَمَلُ به عند الشَّكِّ،ومع وُجودِ العِلْم-بسبب التواتر هنا-لا يَبْقَى لِلشَّكِّ مَوْضِعٌ أَبَدًا.
ثالثًا:لو سَلَّمْنا بِصِحَّةِ روايةِ(...وسنتي)فإنها لا تُعَارض حديثَ العترة لأنَّ أهلَ البيت-عليهم الصلاة والسلام-هم الذين يُمَثِّلُون سُنَّةَ الرسول صلى الله عليه وآله،لأنَّ أهلَ البيتِ أَدْرَى بالذي فيه،ولو أَبَى أَحَدٌ إلا القَوْلَ بالتَّعَارُض بينهما فحديثُ العترةِ مُقَدَّمٌ(لِمَا ثَبَتَ في بحوث تعارض الأدلة في علم أصول الفقه)مِن أنَّ الدليلَ القَطْعِيَّ مُقَدَّمٌ على الدليل الظَّنِّي بل لا يَبقى للمَظنون مع العلم موضعٌ كما أسلفنا.
|