وَٱبْعَثْ عَلَيْهِمْ جُنْداً مَنْ مَلاَئِكَتِكَ بِبَأْسٍ) وشدة (مِنْ بَأْسِكَ) أي: من الشدة التي هي من عندك (كَفِعْلِكَ) بالكفار (يَوْمَ بَدْرٍ) حيث أنزلت على المسلمين الملائكة فأخذوا يحاربون الكفار (تَقْطَعْ بِهِ) أي: بالجند من الملائكة (دَابِرَهُمْ) أي: عقبهم ومن بقي منهم حتى لا يبقى منهم أحد (وَتَحْصُدُ بِهِ شَوْكَتَهُمْ) أي: عزهم وجاههم، كما تحصد العشب (وَتُفَرِّقْ بِهِ عَدَدَهُمْ) حتى لا يكونوا مجتمعين ضد المسلمين (أَللّهُمَّ وَٱمْزُجْ مِيَاهَهُمْ بِالْوَبَاءِ) فإن جراثيم الوباء تأتي إلى الماء فمن شرب منه تمرض به (وَأَطْعِمَتَهُمْ بِٱلأَدْوَاءِ) جمع داء أي: الأمراض، فإن الجراثيم قد تدخل الأطعمة فمن أكل منها مرض (وَٱرْمِ بِلاَدَهُمْ بِالْخُسُوفِ) أي: بأن تخسف في الأرض (وَأَلِحَّ عَلَيْهَا بِالْقُذُوفِ) أي: أكثر عليها بالرمي بالبلايا والخراب، جمع قذف، كأن المرض شيء يقذف ويرمى إليهم وكذا سائر أقسام البلاء (وَٱفْرَعْهَا) أي: فرقها (بِالْمُحُولِ) جمع محل بمعنى الجدب والقحط، فإن البلاد إذا أجدبت تفرق أهلها.
ـــــــــــ
وَٱجْعَلْ مِيَرَهُمْ فِي أَحَصِّ أَرْضِكَ وَأَبْعَدِهَا عَنْهُمْ، وَٱمْنَعْ حُصُونَهَا مِنْهُمْ، أَصِبْهُمْ بِالْجُوعِ الْمُقِيمِ وَٱلسُّقْمِ ٱلأَلِيمِ، أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا غَازٍ غَزَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ أَوْ مُجَاهِدٍ جَاهَدَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ سُنَّتِكَ، لِيَكُونَ دِينُكَ ٱلأَعْلَىٰ وَحِزْبُكَ ٱلأَقْوَىٰ، وَحَظُّكَ ٱلأَوْفَىٰ، فَلَقِّهِ الْيُسْرَ، وَهَيِّئْ لَهُ ٱلأَمْرَ، وَتَوَلَّهُ بِٱلنُّجْحِ، وَتَخَيَّرْ لَهُ ٱلأَصْحَابَ، وَٱسْتَقْوِ لَهُ ٱلظَّهْرَ، وَأَسْبِغْ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّفَقَةِ،
ـــــــــــ
(وَٱجْعَلْ مِيَرَهُمْ) جمع ميرة بمعنى الطعام (فِي أَحَصِّ أَرْضِكَ) أي: أخلاها من العشب والنبات، وهذا كناية من قلة الطعام (وَأَبْعَدِهَا عَنْهُمْ) حتى تكلفهم كثيراً في نقلها ويصعب عليهم أمرها (وَٱمْنَعْ حُصُونَهَا مِنْهُمْ) أي: امنع حصون الأرض من أن يصلوا إليها ويتحصنوا بها، (أَصِبْهُمْ) من الإصابة بمعنى الإيصال (بِالْجُوعِ الْمُقِيمِ) فيهم (وَٱلسُّقْمِ) أي: المرض (ٱلأَلِيمِ) أي: المؤلم (أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا غَازٍ غَزَاهُمْ) ومحارب حاربهم (مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ) أي: أهل دينك (أَوْ مُجَاهِدٍ جَاهَدَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ سُنَّتِكَ) أي: التابعين لدينك وسنتك والمراد بها الإسلام (لِيَكُونَ دِينُكَ ٱلأَعْلَىٰ وَحِزْبُكَ ٱلأَقْوَىٰ، وَحَظُّكَ ٱلأَوْفَىٰ) والأكثر من سائر الحظوظ، أي: كان قصد الغازي والمجاهد ترفيع كلمة الإسلام (فَلَقِّهِ الْيُسْرَ) أي: يسر له الأمر (وَهَيِّئْ لَهُ ٱلأَمْرَ) في جهاده وغزوه (وَتَوَلَّهُ بِٱلنُّجْحِ) أي: انجح أمره وجهاده (وَتَخَيَّرْ لَهُ ٱلأَصْحَابَ) أي: اختر له أصحاباً يساعدونه في جهاده وغزوه (وَٱسْتَقْوِ لَهُ ٱلظَّهْرَ) أي: قوّ ظهره (وَأَسْبِغْ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّفَقَةِ) بأن تكون نفقته واسعة زائدة.
ـــــــــــ
وَمَتِّعْهُ بِٱلنَّشَاطِ، وَأَطْفِ عَنْهُ حَرَارَةَ ٱلشَّوْقِ وَأَجِرْهُ مِنْ غَمِّ الْوَحْشَةِ، وَأَنْسِهِ ذِكْرَ ٱلأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَأْثُرْ لَهُ حُسْنَ ٱلنِّيَّةِ، وَتَوَلَّهُ بِالْعَافِيَةِ، وَٱصْحِبْهُ ٱلسَّلاَمَةَ، وَأَعْفِهِ مِنَ ألْجُبْنِ، وَأَلْهِمْهُ الْجُرْأَةَ، وَٱرْزُقْهُ ٱلشِّدَّةَ، وَأَيِّدْهُ بِٱلنُّصْرَةِ، وَعَلِّمْهُ ٱلسِّيَرَ وَٱلسُّنَنَ وَسَدِّدْهُ فِي الْحُكْمِ، وَٱعْزِلْ عَنْهُ ٱلرِّيَاءَ،
ـــــــــــ
(وَمَتِّعْهُ بِٱلنَّشَاطِ) بأن يكون نشيطاً في جهاده ومحاربته (وَأَطْفِ عَنْهُ حَرَارَةَ ٱلشَّوْقِ) بأن لا تضره حرارة باطنه فإن أكثر ما يضر المزاج حرارة الاشتياق (وَأَجِرْهُ) أي: احفظه (مِنْ غَمِّ الْوَحْشَةِ) أي: الحزن الذي ينتاب الإنسان المستوحش فإن في الجهاد وحشة وهولاً (وَأَنْسِهِ ذِكْرَ ٱلأَهْلِ وَالْوَلَدِ) حتى لا يذكرهم فيهتم ويغتم لذلك (وَأْثُرْ) من الإيثار بمعنى الاختيار (لَهُ حُسْنَ ٱلنِّيَّةِ) حتى تكون نيته نية حسنة توجب الثواب (وَتَوَلَّهُ بِالْعَافِيَةِ) بأن تعافيه من الأمراض النفسية والبدنية (وَٱصْحِبْهُ ٱلسَّلاَمَةَ) حتى يذهب ويرجع سالماً (وَأَعْفِهِ مِنَ ألْجُبْنِ) أي: بعده عنه حتى لا يجبن (وَأَلْهِمْهُ الْجُرْأَةَ) بأن يكون جريئاً في الإقدام والمحاربة (وَٱرْزُقْهُ ٱلشِّدَّةَ) فيكون شديداً على الأعداء (وَأَيِّدْهُ) أي: قوه (بِٱلنُّصْرَةِ) بأن تنصره على أعدائه (وَعَلِّمْهُ ٱلسِّيَرَ وَٱلسُّنَنَ) السير جمع سيرة وهي الكيفية التي سار عليها النبي (صلى الله عليه وآله) في مختلف أموره، والسنن جمع سنّة وهي الأحكام الإسلامية (وَسَدِّدْهُ فِي الْحُكْمِ) حتى إذا حكم يكون حاكماً بالعدل والحق (وَٱعْزِلْ عَنْهُ ٱلرِّيَاءَ) حتى لا يكون مرائياً في أعماله وجهاده.