منتديات فدك الثقافية

منتديات فدك الثقافية (http://www.afadak.com/forum/index.php)
-   منتدى الإمام المهدي "عليه السلام" (http://www.afadak.com/forum/forumdisplay.php?f=36)
-   -   نهاية الصراع (http://www.afadak.com/forum/showthread.php?t=5199)

الطريبيلي 01-07-2011 04:36 PM

نهاية الصراع
 

نهاية الصراع
يعتبر تأريخ البشرية منذ أعمق امتداداته تأريخ صراع مرير بين قوى الخير وقوى الشر. بين جبهة الحق وجبهة الباطل. هذا الصراع لم يتوقّف لحظة في طول عمر البشرية، ولم يفتر. مظاهر هذا الصراع متعدّدة، ومتنوّعة، ومستقطبة. والأدوات التي استخدمت في هذا الصراع هي الأخرى متعدّدة ومتنوّعة، كل واحد من البشر شارك في هذا الصراع.
وأيّ عمل تصادفه تستطيع أن تعرف إلى أي جبهة ينتمي، إلى الحق أم إلى الباطل. وهذا الصراع ينعكس على الإنسان الواحد، ففي أعماق نفسه نزعات خير، ونزعات شر، ومواقف الإنسان تخضع لطبيعة الصراع بين هذه النزعات، وتلك قضية تصدق حتى على الرسل: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ إلاّ إذا تَمَنّى أَلْقى الشّيْطُانُ في أُمْنيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشّيْطان)(1).
مظاهر هذا الصراع تمتد إلى أعماق التأريخ، بل إلى بدايات التأريخ. فمنذ أولاد آدم والخلاف الذي نشب بينهما سجّلت أوّل جريمة على الأرض، في أوّل جولة من جولات الصراع. ولقد مثّل الأنبياء والرسل على طول التأريخ الرادة المخلصين لجبهة الحق، وكان يقف في نفس الجبهة الأوصياء، وكل أتباع الرسل.
بينما كان يقف في الجبهة المقابلة الوجوه النفعية، وأصحاب الذوات الانتهازية، أو العقد النفسية، سواء ما تسترّ منهم بقناع الإيمان، أو ما بدا مكشوفاً يعلن الشرك والجحود. ولقد تعاقب على قيادة جبهة الحق مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، يعزّز بعضهم بعضاً، ويدفع إلى الإمام عجلة الحق كلّما تسرّب إليها الوهن والتعب.
(إذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوُهُما فَعَزَّزْنا بَثالِث، فَقالُوا إنّا إليْكُمْ مُرْسَلُونَ)(2). وكل نبوّة جديدة تواجه صراعاً جديداً متوقعاً، وعناداً عن الحق يرتكبه النفعيون. (وَما أَرْسَلْنا في قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلاّ قالَ مُتْرَفُوُها إنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ)(3).
وبالطبع فإنّ نتيجة الصراع لم تكن واحدة. فهناك انتصارات متبادلة، وبالمثل تراجعات متبادلة. والبشرية على هذا المنوال إلى اليوم الحاضر. وستبقى غير جازعة، ولا متهاونة.

لمن نهاية الصراع؟
بعض الناس يحملون روح التشاؤم، وآخرون يحملون روح الخوف. وأولئك وهؤلاء يقلقون على مصير الحق. هل يمكن أن يفوز يوماً ما؟ وكيف ذلك؟ ها هو الباطل يحكم الشعوب! وما تزال الأرض تشهد حكم الطاغوت! بل وكل الأرض في قبضة الكف السوداء! فأين الحق، وأين جيش الحق؟
إلا أننّا لا نستطيع أن نمضي مع هذا المنطق التشاؤمي. فالحق الكامل لا يوجد في الأرض. لكن هل يوجد باطل كامل في الأرض؟ إنّ مع كل باطل في هذه الأرض قدراً من الحق، وهذا الحق يحكم، وينفذ ويطبّق. وحينما نتوقع أن نجد حقاً محضاً خالصاً في هذه الأرض فإنّنا سنخيب يقيناً. وتبدو لنا الصورة قاتمة. لكن لماذا نفعل ذلك؟
إنّ التوحيد حق، والإسلام حق، والتشيع حق. وفي حكومة الخلفاء العباسيين كان هناك حق يحكم وباطل يحكم.
هناك حق يحكم. فالتوحيد منتصر، والإسلام على إجماله منتصر. وهناك باطل يحكم، فالخط الإسلامي الأصيل مشرّد، ومطرود، ومعذّب والإسلام لا يملك الفرص الكافية لبناء المجتمع القويم. انحرافات الخلفاء كثيرة، والجور مبثوث في كل مكان.
لكن لم يكن ذلك يعني أنّ الباطل وحده هو الذي يحكم. ألم يكن الإمام علي بن الحسين عليه السلام يدعو لجيوش المسلمين في العهد الأموي، بالانتصار على جيوش الروم؟ إذن فهي تعبّر عن حق. إنّك تستطيع أن تجد الحق في كل مكان، وفي كل موقع، لكن لن تجده وحده بالطبع. حكومات الغرب، وحضارة الغرب كم بلغت من الانحراف؟ لكن ألست تجد فيها الإيمان بالله؟ مهما تكن طبيعة هذا اليمان.
وقد لا تجد فيها الحرية الكاملة، لكن ألست تجد فيها بعض الحرية؟ ومهما يكن القانون غارقاً في الظلم والتعسّف، لكن قد يصيب بعض الحق حينما يمنع المعتدين، والمستغلين والنفعيين. وإذا كان الحق يواجه افتراقات وصراعات داخلية قد تضعف جبهته. ألم يكن الباطل مثل ذلك؟ إنّ صف الباطل لم يسلم من الاشتباكات الداخلية، ولم يطب له العيش يوماً، كلّما أتت أمّة لعنت أختها.
(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى(4)). وأنت لا تجد وجهاً واحداً يدوم له العرش. إنّه سيقهر حتماً أمام قوىً أخرى، ولتكن من فصيلة الباطل، إلاّ أنها كثيراً ما تحمل قسماً من الحق. ومن هنا فالباطل في صراع، كما الحق في صراع: )وَقالَتِ اليَهُوُدُ لَيْسَتِ النّصارى على شَيءٍ وَقالَتِ النّصارى لَيْسَتِ اليَهُوُدُ على شَيء(5)).
وبمقدار ما ينحسر الباطل يتقدّم الحق خطوات.
وجبهة الحق مهما بدت سليمة، فإنّها تعيش الصراع. إننا بحاجة إلى عمق في الرؤية. (إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُه(6)). (إنْ تَكُوُنُوا تَألَمُونَ فَإنّهُم يَألَمُونَ كَما تَألَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مالا يَرْجُوُن(7)). لقد عالج القرآن نقطة الضعف التي أحسّها في المسلمين حين أصيبوا بنكبة، فألفتهم بسرعة إلى أنّ العدو يشكو مثل شكواكم، وتلك حقيقة صادقة إلى الأبد.
حين كانت جيوش النصارى تتقدّم، ألم تكن الكنيسة تعيش صراعاً عميقاً بين الكاثوليك والبروتستانت، لغاية التحرّر من بعض تعسّفات الكاثوليك، واضطهادهم. وحينما يزحف الجيش الشيوعي في العصر الحاضر، ألسنا نشهد أكبر انشقاق بين اتّجاهين فيه. وفي كل مكان تجد يميناً ويساراً ووسطاً!أليس الحق هو المستفيد من هذه التناقضات؟

لمن نهاية الصراع؟
مرّة أخرى نعود لنطرح هذا السؤال، لكننا هذه المرّة نطرحه على قضية القائد المنتظر لنجيب. لقد أعلن القرآن عن خاتمة الصراع الطويل. الصراع الذي بدأ منذ اليوم الأوّل من عمر البشرية. الصراع الذي عاشته البشرية طوال مسيرتها المكدودة. خاتمة هذا الصراع للحق، والحق وحده. (وَعَدَ اللهُ الّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ، لَيَسْتَخْلِفَنّهُمْ في الأَرْضِ، كَما اسْتَخْلَفَ الّذينَ مِنْ قَبْلِهِم وَلِيُمَكّنَنّ لَهُم دِينَهم الذي ارْتَضى لَهُم وَليُبَدّلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً(8)).
(وَنُريدُ أنْ نمُنَّ على الّذين اسْتُضْعِفُوا في الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثين(9)). وقضية القائد المنتظر هي تجسيد لهذا الوعد، وتعميق لإيماننا به. إنّها تبعد عنّا شبح اليأس تدفع بنا في قلب المعركة، أبطالاً متمرّسين، واثقين بأنّ النصر حليفنا وأنّ الموت للعدو. لا داعي للقلق على مصير الحق. لا تبهرنا جيوش الانحراف. صخرة الباطل مهما بدت شامخة، ومهما توطّدت في الأرض، فإنّها ستتحطم يوماً ما.
إنّ حكم الطاغوت لن يدوم، ولن يهنأ له العيش. إنّ حكم الطاغوت مهما تجبّر، وتعملق، وشمخ في العلو، فإنّه سيخسر الجولة، ويتهشم تحت وطأة الحق. (وَلا يَغُرنّكَ تَقَلّبُ الّذينَ كَفَرُوا في البلاد(10))
نعم..
إنّ الأرض سيخيّم عليها الظلام، والظلم. لكن حجب الباطل مهما تكاثفت فإنّها لا تمكث طويلاً أمام وهج الشمس.
سيزول الظلام، وتملأ الأرض بالقسط والعدل. هكذا تحدّثنا قضية القائد المنتظر. هؤلاء الذين قطع اليأس آخر آمالهم، وملكهم الانهيار. هؤلاء.. يجب أن يسترجعوا الأمل. يجب أن يقنعوا بأنّ الباطل هزيل، وأنّه سوف ينهزم.
المستقبل لجبهة الأنبياء والرسل والأوصياء. وواحد من هؤلاء الأوصياء هو القائد المنتظر. (وَمَا أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إلاّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأساءِ(11))
إنّ قضية القائد المنتظر مصدر قوّة. )مَثَلُ الّذِينَ اتَّخَذُوا مِنَ دِوُنِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوُتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً، وَإنّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمَوُنْ(12)) . وإذا كان الأمل هو المحفز لأيّ تحرك، فإنّ قضية القائد المنتظر تخلق فينا هذا الأمل الحافز. المؤمن بهذه القضية لا ينهار، ولا ييأس، ولا ينخلع قلبه وهو يرى الباطل يجول، ويعربد، ويحطّم، ويعيث في الأرض فساداً. إنّنا لن نموت. لن نتنازل. لن ننسحب من معركة الشرف والحق والحياة. فحينما يضرب الباطل ضربته الأخيرة ستنكسر عصاه، وينتهي، ومن ثمّ يحكم الحق.
والذين كانوا مستضعفين في الأرض سيصبحون حكّام الأرض وقادة المسيرة. لكن من هم الذين لا يأكل قلوبهم اليأس. إنّهم قليل، وقليل جداً. غير أنّ هؤلاء القليل هم الذين يحملون راية الحق، ويحتضنون لواء القائد العظيم، مهدي آل محمّد. أفلا نكون من هؤلاء القليل؟ الذين وصفهم الإمام علي عليه السلام قائلاً: " أولئك الأقلّون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً" (13).






الهوامش


(1) الحج : 52.
(2) يس : 14.
(3) سبأ : 34.
(4) الحشر : 14.
(5) البقرة : 113.
(6) آل عمران : 140.
(7) النساء : 104.
(8) النور : 55.
(9) القصص : 5.
(10) آل عمران : 196
(11) الأعراف : 94.
(12) العنكبوت : 41.
(13) الكافي: 1/335, الحديث 3و339 الحديث 13.





من كتاب القائد المنتظر
السيد صدر الدين القبانچي


سبل النجاة 01-07-2011 08:12 PM

رد: نهاية الصراع
 
http://www.alhuda14.net/vb/images/bannar/1230.gif
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المؤمن / الطريبيلي
بحث موفق جعلكم من جنوده المخلصين ومن المقربين
سدد الباري خطواتكم وأنار لكم بصركم بنور الولاية
دمتم برعاية المولى عزوجل
خادمة أهل البيت
طالبة علم

خالد الاسدي 01-07-2011 11:08 PM

رد: نهاية الصراع
 
بارك الله فيك أخي العزيزالطريبيلي وفي ايمانك وجزيت خيراً عما خطت يدك المواضيع المؤمنة الموالية

لنصرة الدين والمذهب نطلب من الله العلي القدير
ان يتقبل اعمالكم باحسن القبول

أبوعلي الكاظمي 01-09-2011 09:14 PM

رد: نهاية الصراع
 
احسنت اخي الكريم الطريبيلي على الجهود الرائعة

الطريبيلي 01-12-2011 02:34 PM

رد: نهاية الصراع
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة
آمين يارب العالمين بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
وبارك الله فيكم اختي طالبة علم واخي خالد الاسدي واخي ابو علي الكاظمي على مروركم الكريم والمشاركة وحياكم الله
وجعلنا الله واياكم من انصارة واعوانة بحق محمد وآل محمد
ودمتم بحفظ الباري من كل سوء

منال العرب 02-07-2011 12:22 PM

رد: نهاية الصراع
 
بارك الله فيك
جزاك الله خير
يسلمووووو

خالد الاسدي 10-02-2012 07:52 PM

رد: نهاية الصراع
 
بارك الله فيك أخي العزيزالطريبيلي وفي ايمانك وجزيت خيراً عما خطت يدك المواضيع المؤمنة الموالية

لنصرة الدين والمذهب نطلب من الله العلي القدير
ان يتقبل اعمالكم باحسن القبول


تطوير واستضافة: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) للإنتاج الفني

الساعة الآن: 01:59 PM.

Powered by vBulletin 3.8.4 © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ: شبكة فدك الثقافية